(أبو علّي) ² في مهمة جديدة

(أبو علّي) ² في مهمة جديدة
 (أبو علّي) ² في مهمة جديدة.
بقلم: أحمد طه الغندور.
8/8/2019.
ربما يعتقد البعض أن عنوان المقال ما هو إلا محاولة جديدة لإعادة كتابة رائعة "دان بروان" "شيفرة دافينشي"؛ لا فالأمر أبسط من ذلك، فالقصد هو الحديث عن قطبين من أقطاب الدبلوماسية والمفاوضات في فلسطين، يكنيان " أبو علّي " وهما: دكتور/ نبيل شعث ودكتور/ صائب عريقات.
ومن خلال معرفة سابقة بهما يمكن القول إن هناك عدداً من الصفات تجمع بينهما، وأخرى تُميز أحدهما عن الأخر، ومما يجمع بينهما من صفات؛ نجد أنهما يتفقان في الدراسة في الجامعات الأمريكية، وشغفهما بالسياسة، والدبلوماسية، والمفاوضات، بالإضافة إلى المهنية العالية، وحب المبادرة وبناء فرق العمل المتعددة، كما سبق لهما العمل في مفاوضات أوسلو في فترات مختلفة، ومن الملاحظ أنه يجمع بينهما أيضا حب الفُكاهة والنكتة.
أما من المميزات الفارقة بينهما؛ نجد أن د. شعث هادئ الطبع، متفائل، يتحدث الإنجليزية البريطانية التي تميل إلى "الشكسبيرية" أحياناً لوضع حد لغطرسة "المفاوضين الإسرائيليين" إذا ما تجاوز أصول العمل الدبلوماسي في المفاوضات.
أما د. عريقات فهو واقعي، ويميل إلى العصبية، ويتحدث الإنجليزية بلكنة أمريكية تضاهي طريقة رجال الأعمال في "وول ستريت".
ولو نظرنا إلى أخر ما جاء في مواقفهما السياسية، نجد أن د. شعث يُشكل رافعة وطنية؛ حيث قام مؤخراً ببعث الدفء في العلاقات العراقية ـ الفلسطينية؛ التي كادت أن تغيب بعد الاحتلال الأمريكي للعراق الشقيق، وكذلك دوره في استضافة فلسطين لمؤتمر الاشتراكية الدولية، وهي الحركة العالمية الرائدة في عالمنا الحديث.
أما بالنسبة لدكتور عريقات فهو بمثابة الحصن للقضية الفلسطينية، قام الأسبوع الماضي بإدانة الدول التي أوقفت مؤقتاً دعمها المالي للأونروا؛ وذكر من ضمنها بريطانيا على سبيل الخطأ، فما كان منه كشيمة الكبار إلا أن أعتذر عن هذا الخطأ البسيط والغير مقصود؛ وذلك لمصلحة فلسطين.
لأننا لا نعلم ما الذي يكون عليه حال السياسة الخارجية للمملكة المتحدة في عهد "بوريس جونسون" وهي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن!
وهنا يمكن الخوض في المهمة المقترحة لـ (أبو علّي) ² بناءً على ما سبق بيانه من مؤهلات وملكات يتمتعا بها.
إذا ما علمنا أن من أهم القضايا التي تشغل الشأن الفلسطيني في الآونة الأخيرة، هي قضية تنفيذ القرار بوقف العمل باتفاقيات أوسلو، ولا يمكن ذلك كما أسر لي المرحوم العلامة والمفكر الفلسطيني أ. د أحمد صدقي الدجاني ـ صاحب كتاب: لا للحل العنصري في فلسطين شهادة على مدريد وأوسلو ـ خلال لقاء جمعني به في منزله بقرب حديقة الميريلاند بمصر الجديدة بالقاهرة، حيث قال "رحمه الله": "إن الخلاص من أوسلو يكمن في أوسلو، لذلك نحن بحاجة إلى التمعن في هذه الاتفاقيات لكشف عوارها".
هنا يمكن الجزم بأنه ليس هناك أفضل منهما في تولي هذه المهمة ليترأسا هذه اللجنة، فهما من سطّرا اتفاقيات أوسلو، وهما من يحاربهما الاحتلال لفضح جرائمه في خرق الاتفاقيات والمس بالحقوق الفلسطينية، وليس لهما أي مصلحة في الإبقاء على الاتفاقيات لعدد من الأسباب القانونية التي يدركانها بشكل واضح إضافة لإدراكهما وحرصهما على المصلحة الوطنية الفلسطينية في إيقاف تلك الاتفاقيات.
كما أنهما يعتبران الأقدر على التصدي لرغبة البعض في رفض الانفكاك عن الاحتلال لأسباب خاصة وشخصية محضة، وخاصة بعض المسؤولين الذين أتت لهم أوسلو بهذه المناصب والمصالح!
وهذا يعتبر الشق الأول من المهمة، أما الشق الثاني فيكمن في دورهما في وقف التطبيع بين الدول العربية والاحتلال، وهذا ينبع من معرفتهما الوثيقة بطبائع الاحتلال وخداعه، من خبرات المفاوضات بأوسلو والمعرفة التفصيلية لمجمل المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية، وقدرتهما على الاقناع حول السبب في عدم تطور العلاقات المصرية والأردنية مع الاحتلال بل كثيراً ما أُصيبت بالتراجع نتيجة للجرائم الإسرائيلية في مصر والأردن في " زمن السلام "، و والغريب أن يسعى هذا الاحتلال الأن إلى خداع أخرين في المنطقة العربية للتطبيع معه خلافاً للقرار العربي!
أخيراً، ما يواجهنا من قضايا هذه الأيام تعتبر دقيقة وهامة جداً، وتحتاج إلى خبرات متخصصة ومخلصة، فهلاّ أحسنا الاختيار من هذه الخبرات المتوفرة لدينا؟!

التعليقات