مشروع حماس الناجح؟!

مشروع حماس الناجح؟!
مشروع حماس الناجح؟!
د. رياض عبدالكريم عواد

يُعرف النجاح والفشل من وجهة نظر صاحبه، ووفقا للأهداف التي رسمها لنفسه، كان فردا أو جماعة. ولا قيمة في مثل هذه الحالة لوجهة نظر الآخرين، بغض النظر عن صوابها أو خطأها، كما أنه لا قيمة لمصالح الآخرين ما دامت مصالحه، ومصالح جماعته المقربين، وفقا للهدف الذي وضعه لنفسه، تتحقق حتى ولو بالحد الادنى.

مقدمة طويلة وبايخة ولكنها ضرورية في مثل هذا الوضع الرخو حيث اختلطت وتداخلت المفاهيم واصبح الوضوح نادرا والاختلاف، حتى على البديهيات، شائعا.

لنعود إلى موضوعنا، ما هو مشروع حماس في هذه اللحظة؟. ارجو التدقيق على هذه اللحظة التي تمتد تحديدا منذ 2005 حتى الآن وغدا وبعد غد!!!، مشروع حماس: إقامة سلطة لها في قطاع غزة تتطور إلى أي شكل من أشكال النفوذ والسيطرة والسيادة، دولة أو اقل لا فرق.

هل تحقق مشروع حماس، مرة أخرى وجهة نظرك أيها القارئ لاقيمة لها، نعم، من وجهة نظر حماس، فإن مشروعها لم يتحقق فقط بل ويتطور. ويمكن رصد مظاهر تحقق هذا المشروع من خلال:

1. يوجد سلطات محلية، تشريعية وقانونية واقتصادية واجتماعية 

2. يوجد موازنة سنوية ومصادر ثابتة وغير ثابتة لهذه الموازنة

3. يوجد امن وقوات أمنية تحافظ على سير عمل المؤسسات وتنفيذ القانون الذي وضعته

4. هناك اعتراف وتعامل شعبي محلي مع هذه المؤسسات والانظمة، بالخاطر أو كأمر واقع

5. هناك موافقة ورضى، أو غض نظر، دولي، ودعم اقليمي واضح من حلفاء معروفين، وموافقة غير مباشرة أو مباشرة إسرائيلية، لاسباب الكل يعرفها، أن هذا المشروع يصب في خانة ووجهة نظر اليمين اليهودي الصهيوني في رؤيته لحل القضية الفلسطينية.

تستخدم حماس لمواصلة نجاح وتقدم مشروعها كل القيم الدينية تحت مسميات الجهاد، وكل التاريخ النضالي الفلسطيني الذي يقدس المقاومة والبندقية، وكل الصعوبات التي تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية وعلاقتها الشائكة مع اسرائيل وما تعانيه من تبعية أمنية واقتصادية فرضتها ظروف اتفاق اوسلو والواقع الفلسطيني.

تستخدم حماس كل هذه القيم والمفاهيم من خلال إعلام واسع ومثابر يبدأ من الجامع والكتلة البشرية المستفيدة التي تشكلت حولها، مرورا بوسائل التواصل الاجتماعي، وليس انتهاء بكل أنواع الإعلام التقليدي.

كما تستفيد حماس من الغطاء الذي وفرته لها الفصائل في غزة، لاسباب عديدة، بدءا من ما يسمى غرفة العمليات المشتركة وصولا إلى الهيئة العليا لمسيرات السلك، ولقاءات متكررة بين قياداتها الأولى والقوى والمنظمات والهيئات الشعبية والمهنية والشبابية.

لا يشكل الوضع الشعبي الرافض والمعارض لسياسات حماس في قطاع غزة أي قيمة هامة، لأنه وضع غير فاعل بل خانع تحت تهديد استخدام القوة في مواجهة أي بوادر احتجاج، حتى ولو كانت مطلبية وبعيدا عن السياسة....

كما ستواصل حماس حجز قطاع غزة بعيدا عن بعده الوطني ومنع أي أفعال أو ردات فعل شعبية أو فصائلية عملية ضد إجراءات اسرائيل والمستوطنين وتهويد القدس والتنكيل بالاقصى، ومنع المواجهة العملية للمبادرات السياسية المعادية للقضية الوطنية، مثل صفقة القرن، بل استخدام ذلك في التحريض ضد السلطة ومشروعها الوطني.

المحصلة، مشروع حماس الخاص ناجح:

لانه يتماشى مع اهداف التأسيس في الصراع مع المشروع الوطني

ويتوافق مع الهدف الإسرائيلي في القضاء على إمكانية الاستقلال الوطني 

ويخدم الدول الإقليمية في استخدام غزة كأداة لسياساتها ومصالحها ولا يتعارض مع الهدف الامريكي لانه خطوة على طريق تطبيق صفقة القرن.

ان مطالبة المثقفين والقوى السياسية باللقاء بين المشروع الوطني والمشروع الإسلامي أو القيادة الوطنية والقيادة الإسلامية، إضافة إلى مفهوم الانقسام وطرفي الانقسام يصب في خانة دعم استمرار هذا المشروع واطالة عمره.

ما العمل؟!

هل من الممكن أن تتنازل حماس عن مشروعها الناجح وتقبل في اللقاء مع السلطة، بالتأكيد لا!!!!

النتيجة 

ستواصل حماس تطوير مشروعها والقبول بالتفاهمات وكل شروطها مع اسرائيل ولكن هذا سيصطدم، شاءت حماس أم أبت، بالصعوبات والتعقيدات التالية:

*مطالب اسرائيل واطماعها التي لا تنتهي وليس لها حدود.

*هذا المشروع لا يلبي الحد الأدنى للشعب الفلسطيني ولن يقدم لا حلولا سياسية ولا اقتصادية للشعب الفلسطيني، من هنا ستتعاظم قوة الرفض الشعبي الفلسطيني في غزة وفي كل مكان لهذا المشروع

*استمرار بقاء السلطة وصمودها (هذا عامل مهم وجوهري) في مواجهة المشاريع السياسية الأمريكية والإسرائيلية، والمحافظة على صمود الناس على الارض ولو بالحد الأدنى، سيطرح تحدي أمام إمكانية نجاح مشروع حماس وسيكون وسيله لكشفه أمام الشعب بصفة عامة ومناصري حماس خاصة.

*الفصائل المتحالفة مع حماس لن تستطيع الموافقة على هذه التقاهمات، ولن تستسلم لها لاسباب خاصة بها وبعلاقاتها الإقليمية، إيران تحديدا

*هناك أطراف وأفراد داخل حماس لا يمكن استمرار قبولهم بهذا الوضع مما يؤثر على وحدة حماس الداخلية ويعرضها إلى انشقاقات.

*اسرائيل لن تقبل وجود أطراف وجيران لها تشاكس وتهدد بالكلمة وبالسلاح، لأن هذا السلاح لا يمكن ضبطه تماما ويشكل خطر مستقبلي لا يمكن أن يقبله امن اسرائيل

لذلك فان المعادلة الرخوة لن تتواصل وستنفجر، شاءت حماس وإسرائيل أم أبت.

الوضع في قطاع غزة مقبل على حرب تدميرية، تدمر فيها اسرائيل القطاع وتحوله إلى مكان غير صالح لمعيشة كل هذا العدد من السكان، وفتح باب الهجرة والتهجير. إضافة إلى تدمير حماس وقوتها وبنيتها العسكرية وإخراجها بالكامل من المعادلة، والبحث عن أطراف أخرى لا علاقة لها بالمقاومة كتاريخ وكواقع، ولا بالوطنية والبرنامج الوطني.

مشرع حماس فاشل، وحماس ستدفع ثمن هذا المشروع، من يستطيع إقناع حماس بهذه البديهيات لما فيها مصلحة حماس اولا والشعب الفلسطيني ثانيا.

لا حل الا الحل الوطني 

ولا مستقبل لاي فرد أو جهة بعيدا عن المشروع الوطني.

هذا التحليل الذي يقدمه مواطن قلق لا يهدف إلى تسجيل الأخطاء أو توجيه الاتهامات، بل محاولة لتقديم النصيحة، التي تحتمل الخطأ والصواب، لإنقاذ غزة من التدمير والقضية الفلسطينية من المشاريع السياسية التصفوية، بالإضافة إلى تصفية كل اشكال المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس، فهل من مجيب؟!

التعليقات