"عملية خانيونس" فردية أم فصائلية.. وهل فعلًا الرادار الإسرائيلي لم يرصد سلاح المُقتحم؟

"عملية خانيونس" فردية أم فصائلية.. وهل فعلًا الرادار الإسرائيلي لم يرصد سلاح المُقتحم؟
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
تمكن شاب فلسطيني من قطاع غزة، الليلة الماضية، من التسلل إلى داخل مناطق غلاف غزة، ونفذ هجومًا على قوة عسكرية إسرائيلية من لواء جولاني، الذي يعتبر النخبة في الجيش، ويُصنف على أنه رقم واحد في إسرائيل.

وأدى الهجوم، وفق الجيش الإسرائيلي، لإصابة ضابط من الجيش بجروح متوسطة، فيما أصيب جنديان آخران بجروح طفيفة، وتم إجلاؤهم عبر مروحية؛ لتلقي العلاج بمستشفى (سوروكا)، كما أعلن الجيش، أن الشاب الفلسطيني، قد قتل نتيجة لذلك.

وغطت وسائل الإعلام الإسرائيلية، هذا الحدث، ونقلت الكثير من الأخبار حوله، بما في ذلك تعليقات الجيش، الذي قال المتحدث باسمه: "إن الفلسطيني الذي تسلل الليلة الماضية، من قطاع غزة كان مسلحًا بكلاشينكوف وقنابل يدوية، ويرتدي ملابس عسكرية".

ووفق الجيش الإسرائيلي، فقد ألقى المنفذ، قنبلة واحدة على الأقل على قوة جولاني، مشيرًا إلى أنه يتبع لحركة حماس والاعتقاد الأولي أنه تصرف بمفرده، فيما أكدت القناة 12، أن قطعة السلاح التي كانت بحوزة منفذ الهجوم لم تكشفها أجهزة الرصد.

وقال الصحفي الإسرائيلي، ألون بن دافيد: "إن قوة جولاني الأولى التي اقتربت من منفذ العملية على حدود قطاع غزة، فشلت في التعامل معه خلال الاشتباك، وقد تم استدعاء مزيد من القوات حتى تمكنوا من قتله".

بدورها، تساءلت القناة 13، وقالت: السؤال الكبير الذي يمكن أن يؤثر على صيف سكان غلاف غزة، هل منفذ الهجوم ارتكب الهجوم بمفرده، أم أرسلته المقاومة بغزة ردًا على حادث إطلاق النار الذي وقع قبل أسبوعين، واغتالت فيه إسرائيل أحد كوادر حركة حماس بنيران الجيش؟

هذا الحدث لم يكن الوحيد منذ انتهاء حرب 2014، حيث حدثت العديد من المواجهات العسكرية، بين المقاومة والجيش الإسرائيلي، لكن ما ميّز هذه العملية أنها فردية، وأحدثت خسائر في صفوف الجيش، كما أنها جاءت في وقت الحديث عن إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية هذا الصيف، بعد تهديدات إسرائيلية عديدة.

كما أن العملية، جاءت في ظل تلكؤ حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي ترفض تنفيذ تفاهمات التهدئة بغزة، ومن بينها فك الحصار عن القطاع، وتنفيذ المشاريع المتفق عليها بوساطة مصرية وأممية، وهذا يطرح عدة أسئلة، من بينها هل العمل الفردي الذي قام به الشاب المُسلح، يعني أننا متجهون نحو جولة تصعيد، أم أن العمل الفردي سيكون تكتيكًا جديدًا تتبعه المقاومة بغزة أو على الأقل ظاهرة لدى شبان قطاع غزة، نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة، وهل من المتوقع أن ترد إسرائيل على العملية، أم سيبقى الوضع على ما هو عليه، ما بين الهدوء والحرب؟

وأيضًا هل فعلًا، توجد أسلحة لا يستطيع الرادار رصدها، أم أن الشاب المُقتحم تعامل بذكاء خلال التسلل لغلاف غزة، واستخدم طرقًا التفافية من أجل نجاح العملية؟

التفاهمات لم تنجح

الكاتب والمُحلل السياسي، حسن عبدو، اعتبر أن العملية، ناتجة عن الاحتقان الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بسبب انغلاق الأفق وتحديدًا لدى فئة الشباب.

وقال عبدو لـ"دنيا الوطن": "إن الحصار لم يُفك عن غزة، وبالتالي هذا الأمر ولّد الكثير من الضجر لدى الشباب، في ظل حالة الفقر التي تسود القطاع وارتفاع معدلات البطالة"، مضيفًا: "ربما نشهد المزيد من هذه العمليات الفترة المقبلة".

وأشار إلى أن هذا الاحتقان سيولد في النهاية الانفجار سواءً الفردي أو الجماعي، وسيكون بوجه الاحتلال، مؤكدًا أنه لا يوجد أي انفراجات بغزة أو بوادر حل لأزمات القطاع، لذا لربما تكون الأيام المقبلة أعمال أكبر وأشد بدون قرار مركزي من فصائل المقاومة بغزة.

بدوره، رجح اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي، بأن يكون العمل مُدبرًا، ويقف خلف تنظيم عسكري، وليس عملًا فرديًا، كما توقع أن تكون حركة حماس، هي المخطط للعمل، وترسل من خلاله رسالة لإسرائيل، مفادها، اختبار العدو في محيط قطاع غزة، خصوصًا في ظل تهديدات الجيش لحماس، بخصوص عدم استكمال تفاهمات التهدئة.

وذكر الشرقاوي لـ"دنيا الوطن"، أن ما حدث الليلة الماضية عمل عسكري محض، وليس عشوائيًا، لأن الطريقة المُتبعة تُدلل أن هنالك قوة عسكرية خططت ونفذت وغذّت الشاب المُقتحم، مضيفًا: "إسرائيل خلال الفترة الماضية، بنت جدارها الفاصل شرقي القطاع، وسيطرت على عدد من الأنفاق الهجومية، وكذلك انتشار طائرات الاستطلاع في السماء، والجنود على الأرض، وقوة السلك الشائك المُغذى بالكاميرات والرادارات، يؤكد أن العدو الليلة الماضية، قد هُزم مقابل عسكري واحد".

واعتبر الشرقاوي، أن الجانب الإسرائيلي، يُهوّل بخصوص أن الرادار لم يستطع أن يرصد سلاح الشاب المُقتحم، وقال: "الإرادة أقوى من الرادار، وعندما يُريد أي شخص فلسطيني، أن يقتحم ويشتبك، لا تستطيع الرادارات رصده والوصول إليه"، لافتًا إلى أن فرضية عدم قدرتهم على رصد سلاح الشاب هدفه عدم الاعتراف بالهزيمة، التي تكبدها الجنود، لأن الاعتراف بذلك يمثل فضيحة لدولة كإسرائيل.

وتابع: "المقاومة بغزة، اتبعت سياسة قديمة جديدة، وهي عدم الاعتراف بالعمليات، أو الجهة المُنفذة، وهذه السياسة تغيظ إسرائيل، وهذا لربما سببه توحد العمل العسكري بغزة من خلال غرفة العمليات المشتركة، لذا ممكن أن ترد إسرائيل على العملية وتخرق التهدئة من جديد، ونتوجه لمواجهة جديدة".

أما اللواء المتقاعد واصف عريقات، فأكد أن الرادارات الإسرائيلية شرقي قطاع غزة، لا تُغطي كافة المناطق الشرقية، وبالتالي بالإمكان أن تستخدم المقاومة مناطق ميتة؛ من أجل الاقتحام، والعبور إلى الداخل، وهذا كان يتم خلال الاقتحامات السابقة.

وأضاف عريقات لـ"دنيا الوطن"، أنه إضافة لذلك، يوجد أسلحة خفيفة، لا يمكن للرادار أن يرصدها، والمقاومة بغزة تستخدمها في الكثير من المعارك التي تلجأ من خلالها حماس والجهاد الإسلامي تحديدًا، إلى الاقتحام، أو التسلل خلف خطوط العدو، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي سلاح فعال مئة بالمئة، يمكن أن يستخدمها الجيش الإسرائيلي، رغم الإمكانات الهائلة التي يمتلكها، لأن المعركة معركة عقول.

وأوضح أن هنالك عوامل يحتاجها الشخص المُقتحم، حتى ينجح في خططته العسكرية، وتتعلق باللياقة البدنية، والسرعة، والتمويه، والاختفاء، إضافة للاشتباك المباشر المدروس، في حال حدث خطأ أو اختلفت الخطة الموضوعة؛ لذا فإن نجاح العملية كان كبيرًا، وستكون هذه العملية بداية لسلسلة عمليات تأخذ ذات الطابع، خلال الفترة المقبلة.

التعليقات