"نابلس مدينة النساء القويات" مقال صحفي يُثير اللغط في الشارع الفلسطيني

"نابلس مدينة النساء القويات" مقال صحفي يُثير اللغط في الشارع الفلسطيني
خاص دنيا الوطن
أحدث مقال صحفي للكاتب الفلسطيني، عارف حجاوي، الكثير من اللغط، وردود الفعل المتباينة، بعد أن خصص مقاله للحديث عن مدينة نابلس عبر العصور.

وقال حجاوي في مقاله الذي ننشر أجزاءً منه، وعنونه بعنوان: "نابلس.. مدينة النساء القويات": "لم تسبق لي تجربة مع الممارسة الجنسية المثلية رغم أنني ولدت ونشأت في نابلس. وأغلب ظني أن هذا الشيء موجود في نابلس بقدر ما هو موجود في غيرها، إلا أن مؤلفي النكت يحتاجون دائماً إلى عنوان ثابت لكل خصلة بشرية".

ووصف حجاوي، الرجل النابلسي بأنه "أنيس وودود وبيتوتي، وله في المطبخ باع، وله في بيته عيشة ولا يتخذ منه فندقاً"، مضيفًا: عاش النابلسي بضع مئات من السنين صاحب دكان أو تاجراً أو إقطاعياً أو وسيطاً بين أهالي القرى المحيطة بالمدينة وبين أهل المدينة، أو معلماً أو فقيهاً متوسط العلم، أو عاملاً يحمل على كتفه قصعة يترجرج فيها سائل يغلي وتنبعث منه رائحة مؤذية ويحاول أن يصير صابوناً، أو خادماً يسعى في حاجات أهل الثروة ويعيش من فتات موائدهم، أو مزارعاً يستنبت الخضار من البساتين التي كانت حتى عهد قريب تملأ الوادي بين جبلي نابلس الشهيرين عيبال وجرزيم وترتوي بمياه الأمطار ومجاري البلد".

وأضاف: "لم يعرف النابلسي الوظيفة الحكومية ولا دخل عالم السياسة إلا متأخراً. وما نشهده اليوم من قلة واضحة في الساسة ورجال الحل والعقد النابلسيين يعود جزئياً إلى هذا الماضي. فقد كانت نابلس دائماً مدينة ثانية أو ثالثة،  فالقدس عاصمة سياسية تاريخياً، ويافا جعلها البحر كبيرة ومهمة، وغزة جعلتها النكبات حاضرة إقليمها. لذا ظلت الابن الثاني الذي لا يرث وجاهة أبيه".

وتابع الكاتب مقاله: "قل في نابلس من اشتغل بسياسة البلاد، لكن تكونت فيها زعامات محلية تدافع عن مصالحها المحدودة. وذابت هذه الزعامات بذوبان الإقطاع. وظل المجتمع النابلسي مجتمع عائلات قليلة العزوة، فلم تتماسك العائلات في تشكيلات واسعة على هيئة عشائر يتزعمها أفراد يتحولون إلى زعماء مرموقين ذوي أتباع كثر كما شهدنا ونشهد حتى اليوم في الخليل مثلاً. ونابلس كانت دائماً بعيدة عن البداوة في الجغرافيا والطبائع".

وعن المرأة النابلسية، فقال حجاوي: "أما المرأة النابلسية، فهي حكاية.. تفحصت عمة أبي الخضراوات التي ابتاعها من السوق رجل البيت، واكتشفت حبات تالفة فقالت له: أصحاب الدكاكين في "سوق البصل" يروْنك قادما من بعيد، فيقول بعضهم لبعض ها قد جاء أبو زياد فهلم نستعد "لنضحك" عليه ونغبُنه. وصار قولها طرفة من ميراث العائلة. وقد سمعت منها، ربما مئات المرات، تلك الدعوات المنمقة من قبيل "سبعين عين تطرقك".

وأوضح أن المرأة النابلسية قوية الشخصية، ولها يد طولى في سوس بيتها واتخاذ القرارات في شؤون أهله، وإن أدى ذلك إلى مناكفة رجلها الوديع. وهي ذات فصاحة ولَسَن، ولها معجم مستقل من الكلمات والتعابير والشتائم والأمثال والدعوات للآخرين وعليهم لا يستخدمها الرجال.    

وقال حجاوي: "أنصح لكل من يفكر في الزواج بامرأة نابلسية أن يتأهب، فهي ليست سهلة. لن يستطيع أن يشكمها بعد الزواج بحجة أنه الذكر وكفى. هذه الحجة تعرفها النابلسية وهي طفلة وقد دحضتها أمها وجداتها من زمان. المرأة النابلسية رمال متحركة، فلا يدخلن فيها إلا من رضي بالاستقرار في داخلها والسير على قانونها".

وفرّق حجاوي، ما بين شخصيتين تاريخيتين من نابلس، هما الشاعرة فدوى طوقان، والروائية سحر خليفة، وقال: "يدهشني التناقض بين شخصيتي فدوى طوقان وسحر خليفة. فالأولى كانت غاية في الوداعة والرقة، وكانت شاعرة بكل معنى الكلمة، والثانية امرأة نابلسية بحسب النموذج الذي رسمته – محقاً أم مفترياً -، مقدامة وذات شخصية قوية وصاحبة رؤية أدبية جريئة وأصيلة.                        

وأضاف: "عرفت فدوى طوقان بعض المعرفة، وقصّت علي قصتها المشهورة عن أبيها المتجبر الذي حرمها التعليم الرسمي. ولكنني أميل إلى تصديق عجائز نابلس اللائي يقلن إن الأمر لم يكن كذلك، وإن فدوى كانت تبالغ لتستدر العطف. من يدري! فقد عاشت فدوى طوقان حتى خنقت الثمانين ونيفت، وصارت روايتها عما حدث المصدر الوحيد. لذا رأيت أن أسجل رأي عجائز نابلس لأنهن محرومات من وسائل الإعلام".

وفي أعقاب ذلك، رد سعادة العلي اشتية، على المقال: "نابلس بين ظلم ذوي القربى ومطرقة الاحتلال لها تاريخ وسيرة عطرة.. ففلسطين كان نصيبها في البرلمان العثماني (مجلس المبعوثان) عضوان أحدهما نابلسي وهو الشيخ محمد تفاحه اول رئيس لبدية نابلس 1868التي تعتبر ثاني بلدية في فلسطين يتم تشكيلها بعد القدس.

وقال اشتية: "شارك أكثر من 54 شخصية نابلسية في المؤتمرالعربي الفلسطيني السابع عام 1928 الذي كان عدد أعضائه فقط 100 يعني اكثر من نصفهم نابلسية، كما شارك 39 شخصية نابلسية في المؤتمر الاسلامي للدفاع عن المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة عام 1929 الذي لم يزد عدد أعضائه عن 84 بمعنى أن قرابة النصف من نابلس.

وواصل اشتية، رده على حجاوي، بالقول: "عقد في نابلس عام 1931 مؤتمر التسليح الذي كان يعد من الفعاليات الرئيسية التي حدثت في المدينة بدعوه من القائد الوطني النابلسي اكرم زعيتر 
4. في عام 1932 شاركت نابلس في مؤتمر الشباب العربي الفلسطيني الأول".

بدوره، علّق وليد نصار، على مقال حجاوي، وقال: إن "حجاوي كتلة من اللطف والأدب ودماثة الخلق، وكتب مقالاً يحتوي مئات الكلمات، هاجمه كثير من الناس بسبب السطر الأول فيه، ولا أرى العارف عارف حجاوي إلا محباً لنابلس (بلده الذي تربى فيه طفلاً) ولفلسطين، وما عرفت عنه غير ذلك، فهل من هاجمه قرأ المقال كاملاً أم لا يطيق؟".

وأضاف نصار: "في الشدائد تضيق النفوس، وعند هجوم عدد من الناس على شخص عبر (فيسبوك) فإن كثيراً من أصدقائه يغمضون الأعين.. فلا نامت عيني إن أغمضتها عن "أبي" في المهنة و"أخي" الذي أحببت، وصديقي الذي صدقت، وخليلي في العلم والمعرفة، أستاذي عارف حجاوي".

وتابع: "سأسمّي مكاناً علمياً في يوم من الأيام باسم عارف حجاوي، وإن لم أستطع فسأكتب على مكتبتي اسم عارف أحمد حجاوي حتى تعرفه الأجيال من بعدنا وتعرف قيمته العلمية. 
المقال الذي أثار الجدل منشور على صفحة العارف ولم يشطبه، ولا أظنه من الذين يخضعون لضغط فيرفعون منشوراً".

أما نجوى الحمدان، فدافعت عن عارف حجاوي بالتأكيد على أنه تعرض و يتعرض لهجمة تعليقات تعايره بأنه فلاح وغيرها من الاتهامات لمجرد كتابته مقالاً.

وأضافت الحمدان، "لم أرَ أنه أساء فيه إلى أحد احنا كلنا روس بصل على بعضنا البعض نحاكم الآخر فوراً ونكيل الاتهامات وما بيهمنا هل هو شخص مخطئ أم لا هل هو مثقف وإنسان ذو قيمة للكثيرين أم لا، هل يقدم قيمة أم لا، يقرأ البعض أول سطر، ويبدأ بالشتم، هذا إن قرأ أصلاً.. عيب جداً ما يجري بحق إنسان أكبر من بعض المعلقين بثلاثين عاماً"، وفق تعبيرها.

أما طريف عاشور، فقد رد على المقال بشكل مطول، وقال لو كان الحجاوي شخصاً عادياً، لما فرغت الدقائق هذه للرد على مقالته (نابلس مدينة النساء القويات) ولكن ولأنه صحفي، ويعتبره البعض من كبار الصحفيين، لا بد من الرد عليه ولو باختصار.

وذكر عاشور، "بدأ الحجاوي الحديث عن المثلية الجنسية، وكأن الذي "في بطنه عظام بتقرقع" كما يقول المثل، فأي بداية واي نفسية وأي صورة نمطية بدأ بها مقاله، أليس المكتوب يقرأ من الافتتاحية ؟.. ومن ثم يكتب: إنه لم تسبق له تجربة المثلية الجنسية، وبالمقابل يتقول على فدوى طوقان ويكذبها، ويريد أن يصدق الناس كلام الختياريات عنها، وهنا أسأله: مثلما كذبت فدوى طوقان القامة النابلسية، لربما هناك الكثير من سيكذبك في ابتعادك عن المثلية".

وأضاف: "يتحدث الحجاوي في مقاله البائس عن الأعمال التي انخرط فيها الرجل النابلسي، وبلغ فيه التحقير بأن يستهزئ بالصابون النابلسي المقرن اسمه في العالم بنابلس كما الكنافة، فالعامل الذي يحمل القصعة يا حجاوي، والتي تخرج منها رائحة مؤذية كما تقول، هو من يؤمن لك الصابون الذي تغسل به يديك وحتماً فمك ولسانك".

وتابع عاشور: ابن نابلس لا يعمل خادماً يا حجاوي -كما تقول - عند أهل الثروة، ويعتاش على فتات موائدهم، ربما قلبت الحديث وبدلت المواقع، ولن أخوض أكثر.. أما الزراعة وسقايتها من مياه المجاري، فلربما هنا كنت أنت الأعرف يا عارف، ونشأت على هكذا مزروعات، أما نحن، فلا".

وأضاف: "ابن نابلس يا حجاوي ليس كما تقول لم يدخل السياسة إلا متأخراً، فولله لو كنت صحفياً هاوياً، لما كتبت ذلك، نابلس كانت ولا تزال عاصمة السياسة والسياسيين، مناضل كبير قال لي: صفقة تبادل الـ 83 أسميناها صفقة (النابلسيين) لكثرة الأسرى من نابلس، والذي خرج كثير منهم، بل ومعركة الكرامة، ألا تذكر يا صحفي عشرات النابلسيين، هواش والدنبك والشخشير، وهم منأاوائل من التحق بالثورة الفلسطينية بل وغيرهم المئات، حتى إن أحد المناضلين قال لي أيضاً: هل تعلم أن بدايات الثورة الفلسطينية كان هناك مناضلون من نابلس ما يفوق معظم المناطق، وإن كنت لا تعرف، ادرس عن القطاع الغربي يا "عارف ".

وختم حديثه قائلًا: "ألا يكفي نابلس أن أبو عمار كان يقضي فيها يومين على الأقل أسبوعياً لعلمه باهميتها السياسية، بل وعين وزير الاقتصاد منها، و6 وكلاء وزارات مرة واحدة من أهم الوزارات كالداخلية والصحة والمالية والثقافة ومحافظ سلطة النقد، حتى بحكومات الأردن، لا تمر حكومة إلا من 3 إلى 6 وزراء أصلهم من نابلس، لأن الساسة هناك يعرفون إخلاص وصدق وسياسة النابلسي المشهود لها"، وفق تعبيره.




التعليقات