اخجلوا من أنفسكم ..عار عليكم هدم المباني في وادي الحمص

اخجلوا من أنفسكم ..عار عليكم هدم المباني في وادي الحمص
اخجلوا من انفسكم ..عار عليكم هدم المباني في وادي الحمص

بقلم: د. علي الأعور*

بينما كنت في طريقي للتحضير لمحاضرة في الجامعة العبرية في معهد ترومان للسلام سمعت صوت صفارة الإنذار في ذكرى الهولكوست " في ذكرى الكارثة والبطولة التي يحيها الشعب اليهودي سنويا لما تعرض له اليهود على يد النازية وتم إبادة الملايين من اليهود على يد النازيين ابان فترة الحرب العالمية الثانية فتوقفت عن الحركة اسوة بزملائي الأساتذة والطلاب اليهود طيلة مدة صفارة الإنذار وكانت تقف بجانبي طالبة يهودية  وبعد نهاية صفارة  الإنذار سألتني: " لماذا توقفت معنا وانت فلسطيني ولا علاقة لك بالذكرى فأجابتها على الفور وبدون تردد " توقفت لكي اعلن تضامني  وشعوري بالحزن لما تعرض له اليهود من تطهير عرقي على يد النازيين " فوضعت يدها على كتفي وقالت لي " شكرا"

وفي الأسبوع الماضي  أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على هدم المباني  وكانت تحتوي على اثنين وسبعون شقة  في وادي الحمص في قرية صور باهر شرقي القدس وعملت على تهجير وتشريد  اكثر من 70 عائلة فلسطينية وتركتهم في الخلاء يفترشون الأرض على الرغم من ان المباني تقع ضمن سيطرة السلطة الفلسطينية وتقع ضمن المنطقة أ حسب اتفاقيات أوسلو وضمن السيطرة الأمنية والإدارية للسلطة الفلسطينية  وحصل الفلسطينيون الذين هدمت بيوتهم على تراخيص قانونية  وقاموا ببناء المساكن لهم واسرهم لتوفير حياة كريمة لهم وعائلاتهم.

ولكن المثير للاشمئزاز هو ان الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي ومحكمة العدل العليا شاركوا مع بعضهم البعض في هذه الجريمة التي تصنف حسب القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949 على انها " جريمة حرب وتدخل ضمن عملية التطهير العرقي لشعب محتل من قوة احتلالية عسكرية إسرائيلية .

اما النقطة الثانية والمثيرة للاشمئزاز أيضا  وقوف جنديان إسرائيليان وهما يفرحان ويبتسمان ويحتفلان بتفجير المباني بأيديهم وكأنهما يحققان ويبتكران ويكتشفان حدثا و إنجازا علميا يخدم  الإنسانية والحضارة الإنسانية  لرفاهية  وتفدم البشرية  ولكن للأسف يفرحان ويحتفلان بتدمير بيوت الفلسطينيين فقط لانهم فلسطينيين  وكأن حقدهم ومشكلتهم في الحياة هي الوجود الفلسطيني والانسان الفلسطيني وبالتالي لا بد من تطهير عرقي لهذا الشعب  وبعد ذلك يأتي الاعلام الإسرائيلي ويقول الفلسطينيون يعلمون أولادهم في المدرسة والبيت " قتل اليهود" وهنا اود ان أوجه سؤالا الى المجتمع اليهودي  في المجتمع الإسرائيلي :

اين تلقى هذان الجنديان ثقافة وتربية  تدمير وتهجير الفلسطينيين من ارضهم وبيوتهم؟ اين تعلم هذان الجنديان وفي أي نوع من المدارس تعلما ان قتل وتدمير البيوت الفلسطينية تبعث الاحتفال والابتسامات والفرحة لحظة قتل روح الانسان الفلسطيني بوجوده  ومكوناته الاجتماعية والاقتصادية ؟ ماذا سيفعل الجنديان  لو تم هدم بيتهما في تل ابيب  او في رمات غان او في زخرون يعقوب؟ 

اعتقد ان المجتمع اليهودي في المجتمع الإسرائيلي يحتاج الى إعادة تأهيل وتربية وتعليم الأجيال  في المفاهيم  والأفكار اليهودية    والمبادئ التي تدعو الى السلام ومحبة الانسان  واحترام الاخر والاعتراف بوجود الاخر بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية بداية من روضة الأطفال والبيت والمدرسة في إسرائيل  ومن ثم في الكنيست  الإسرائيلي  وفي الحكومة الإسرائيلية  وفي القضاء الإسرائيلي وصولا الى المؤسسة العسكرية التي يجب عليها ان تبدا في طرح محاضرات على الجنود تدعو الى السلام واحترام الاخر بثقافته  وحقوقه السياسية والاجتماعية اذا أراد الشعب اليهودي في المجتمع الإسرائيلي ان ينهض بافكاره  ومبادئه المحبة للسلام  ولكي يصبح جزءا  من المنظومة الإقليمية والدولية في العالم باسره .

وهنا لا بد من سؤال مهم جدا : اين الشعب  اليهودي مما تعرض له الفلسطينيون في وادي الحمص في صور باهر؟ اين المظاهرات التي يجب ان يخرج من اجلها الشعب اليهودي في ميدان رابين في تل ابيب احتجاجا على هدم البيوت الفلسطينية ؟ لن اخاطب اليسار الفلسطيني  ولن اخاطب حزب ميرتس  بل اخاطب الشعب اليهودي بديانته السمحاء ومبادئه التي تدعو الى المحبة والسلام واحترام الاخر؟ 

كفى للاحتلال .. كفى لهدم البيوت الفلسطينية.. اخجلوا من انفسكم في الحكومة الإسرائيلية .. اخجلوا من انفسكم في محكمة العدل العليا ..اخجلوا من انفسكم في الجيش الإسرائيلي .. عار عليكم ان تهدموا بيوت الفلسطينيين الأمنيين في بيوتهم .. عار عليكم ان تشردوا اكثر من سبعون عائلة فلسطينية  في العراء في صور باهر .. كفاكم هذا الظلم  والشر الذي تمارسونه بحق شعب اعزل يؤمن بالسلام .

وهنا اود ان اختم مقالتي بما قاله المؤرخ الإسرائيلي بني موريس في لحظة اعتزاله الكتابة والتأريخ في عيد ميلاده السبعون " اليهود سيبقون اقلية مضطهدة في العالم " وكان بني موريس يتوقع مستقبل اسود لليهود وهنا أتوجه الى الشعب اليهودي في المجتمع الإسرائيلي بان عليهم مواجهة سياسة الحكومة الإسرائيلية  التي تهدف الى غرس الحقد والكراهية وممارسة الشر ضد الشعب الفلسطيني لان الفلسطينيين استقبلوا اليهود  زمن الدولة العثمانية ورحبوا بهم وعاشوا لسنوات طويلة مع اليهود علاقات اجتماعية  واقتصادية كانت تسودها المحبة واحترام الاخر . 

*عضو منتدى التفكير الاقليمي

التعليقات