تحية لرجل عظيم

تحية لرجل عظيم
د.يسر الغريسي حجازي


تحية لرجل عظيم

""القلب الطيب والروح الطيبة يشكلان مزيجا رائعا

نيلسون مانديلا

 الموت تغيب الرئيس والزعيم التونسي السيد بيجي قيد السبسي، والحزن يخيم علي الشعب التونسي. و تخشى تونس والتونسيين من فقدان التوازن الديمقراطي والإنجازات الجديدة للعوز التونسي، من أجل المساواة بين الجنسين والتي تأسست في عهد الرئيس الراحل السيد الحبيب بورقيبة وسلفه الرئيس الراحل السيد الباجي قائد السبسي. على الرغم من أعطال النظام السياسي الجديد والمتعدد الأحزاب، والخباثة السياسية لبعض الأجندات الأجنبية، والإرهاب الذي أوجده الإسلاميون منذ ظهورهم على الساحة السياسية التونسية بعد سقوط الرئيس بن علي في عام 2012 ، عرف الشعب التونسي كيفية التمييز بين الكثير من المتاعب واختار بالإجماع لمدرسة بورقيبة الراقية. كما تتمتع المرأة التونسية دائمًا بنظام تعليمي يتميز بالتعددية اللغوية والانفتاح الاقتصادي وتحديات التطور السياسي والاقتصادي والتكنولوجي. انخرطت تونس دائمًا في التكامل الاقتصادي والتقدمي العالمي. إن مكافحة بطالة الشباب والفساد وعدم المساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكذلك مكافحة الفقر والتسرب من المدارس، ما زالت تغير نظام الإصلاحات العامة لصالح اللامركزية، وتطوير المدارس في المناطق الريفية والتكامل الاقتصادي والاجتماعي للمناطق المهمشة. إن الأمر يعود للرئيس السبسي، والذي كان همه الوحيد ضمان السلام والعدالة وتنشيط الهياكل المجتمعية والمؤسسات التعليمية. لهذا، حرص الرئيس السبسي على ضمان تنفيذ الخبرات وتحسين الممارسات التعليمية. كما ساهم وصول الرئيس الراحل  السبسي الي سدة السلطة في وسط الشغب الإسلامي في عام 2014، واجبرت حنكته السياسية حزب النهضة الإسلامي على الدخول الي الحكومة والتوافق سياسي. وتمكن الرئيس السبسي من إحباط خطط الاسلاميين، وظهورهم علي أنهم تهديدًا للنظام الاجتماعي والتنمية البشرية في تونس. إن خبرة السبسي السياسية تتمتع  بالتكتيك البورقيبي والذكاء الثقافي المتعدد، واختصاصه في العلاقات الدبلوماسية و الدولية.

وكان السبسي، رجل الثقة للزعيم بورقيبة و وزير الداخلية له بين عامي 1965 و 1969. وترك السياسة في عام 1971 لرفض الرئيس بورقيبة   دمقرطة الحزب  الاشتراكي الدستوري والحزب الحاكم انذاك.

ثم عاود الرئيس السيسي الظهور في صفوف النواب في عام 1989 ،بعد وصول الرئيس المخلوع بن علي كرئيس للبرلمان التونسي حتى عام 1994، دون أن يكون له دورا سياسيا ملحوظا. منذ دخوله السياسة في عام 2011، استخدم السبسي نفس التكتيكات السياسية البورقيبية.

  وهو لا يتردد في تجذير القوانين الدستورية الاقتصادية والديموقراطية، وكذلك التعايش السياسي والوطني للكشف عن اصعب الضربات السياسية المؤذية وإحباطها. إنه يجمع الديمقراطية في أفق القيم وفقًا للإيديولوجية البورقيبية الديمقراطية والليبرالية. 

ان الرئيس السبسي تجسيد للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وقد نجح في خلق بديهية سياسية في وسط معارضة اسلامية شرسة وتعددية حزبية بدون خبرة ومطلقة العنان، وذلك من اجل الحفاظ علي المواطن والوطن التونسي واغلاق كل ابواب العنف.  

ان الرئيس السبسي سياسي من الطراز الرفيع الأول، ولديه روح الفكاهة ويتمتع بلقب "بجبوج" من الشعب التونسي. خلال حملته الرئاسية في تونس، صرخت امرأة شابة في الشارع باللغة الانجليزية: "أحبك يا بجبوج! واجابها : "أنا أيضًا! ". إنه لا يغوي الشعب التونسي فحسب، بل إنه يغري أيضًا المجال السياسي الدولي. و يقوم  في عام 2016 في وسط تونس، باعادة تنصيب تمثال الزعيم الحبيب بورقيبة ويعيد الثقة في نفوس التونسيين. كما قال في عام 2015 للسيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وهي في زيارة لتونس: "بما أن الحبيب بورقيبة قام بتطوير المجتمع، فسوف أقوم بتطوير الاقتصاد". 

كما نجح السبسي في  عام 2017 ،بفرض قانون المساواة في الميراث باعتباره إصلاح دستوري جديد حر وديمقراطي، وذلك أمام عجز الإسلاميين. كما طالب من الحكومة إلغاء تعميم صدر عام و1973 يحظر زواج امرأة تونسية مسلمة بالزواج من غير مسلم. 

لقد كان رجلاً بسيطًا ، مليئًا بالإنسانية والفضائل لشعبه وكذلك لبلده. تونس تفتقد اليوم زعيم المدرسة البورقيبية ورجل دولة ذات الحنكة  السياسية. هكذا وصفوه الفرنسيين .كان المفكر و صاحب الرؤية،و واحداً من القدامى المحاربين في السياسة التونسية والمدافعين عن حقوق المواطن والحريات. السلام لروحه الطاهرة!

التعليقات