أرضية ندوة: الموسيقَى وفنُون العَرض: التقاطعاتُ الممكنَة ؟

أرضية ندوة: الموسيقَى وفنُون العَرض: التقاطعاتُ الممكنَة ؟
تُعتبَر  فنون العرض، المسماة أيضا بـ " الفنون الحية " أو " الفنون الحركية "، فنونا للفرجة بامتياز، وتتوجه بشكل أساس إلى جمهور عريض، سواء داخل صالة العرض أو في الشارع العام، وهي تجمع في رحما وصيغ أدائها بين عدة تعبيرات فنية مرئية وحركية بالأساس مثل: المسرح، والأوبرا، والرقص، وفن الحكي، وفنون السيرك، والمسرح الارتجالي، وعروض مسرح الشارع (  théâtre du boulevard )، وعروض الدُّمى المتحركة ( marionnettes  )، وفنون التمثيل الصامت (mime  ( والتمثيل الإيمائي ( pantomime )، وعروض الألعاب السحرية وغيرها .. إذ تُعتبر هذه الأشكال التعبيرية من فنون العرض والفرجة من أعرق الفنون وأقدمها، بحيث تقدم هذه الفنون مفردة أو مجتمعة، والتي تعتمد بالدرجة الأولى في أدائها التعبيري والجمالي على الحركة والتعبير الجسدي، الكثير من الرسائل العاطفيّة المحملة بالعديد من الدلالات والمعاني السامية، ذات المرجعيات والخلفيات الثقافية والدينية والحضارية المختلفة.

ومنذ العصور القديمة، كان الإنسان ينظم عروضا للفرجة وطقوسا للتواصل والاحتفال، بحيث كان المسرح في اليونان القديمة بمثابة طقس أو وسيلة أساسية للتواصل مع الآلهة ومختلف قوى الطبيعة، وكذلك كانت أدوار ووظائف الموسيقى والرقص والغناء، وكان العامة من الناس يقصدون الساحات العامة ليستمتعوا بمشاهدة مختلف الممثلين وصانعي الفرجة من " أكلة النار   cracheurs de feu " و " البهلوانيين clowns " ومروضي الحيوانات والموسيقيين .. فيما كانت النخبة الميسورة من الناس والطبقات الاجتماعية الراقية تتوجه إلى المسارح الفاخرة ودُور الأوبرا للاستمتاع بعروض الباليه الراقصة، ذات الديكورات الضخمة والملابس الأنيقة والفاخرة، والمصحوبة بالموسيقى والغناء.

من هنا، يمكن القول بأن الموسيقى كانت وستظل من أهم الوسائل والمكونات الأكثر انتشارا وحضورا في جل فنون العرض والفرجة والأداء، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الكثير من أشكال التعبير  الخاصة بفنون العرض والتراث الرمزي واللامادي لكل المجتمعات، بما في ذلك كل أنواع الطقوس الاحتفالية التّشَفُّعية، التي ظل يقيمها الإنسان ضمن تقاليد احتفالاته الشعبية، سواء داخل " المقدس " أو " المدنس " .

كانت الموسيقى في تمازجها الفني والتعبيري مع فنون العرض، قادرة دائما على حمْلِ الكثير من الخطابات والرسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، كما كانت وستظل تحكي قصص شعوب وأمم ومجموعات بشرية بأكملها، سواء داخل العروض والأداءات الخاصة، مثل مناسبات الزواج والمآثم، أو داخل طقوس الابتهالات الدينية وغيرها من المناسبات.

 كل ذلك، يطرح بالضرورة العديد من الأسئلة حول علاقة هذه الفنون ( فنون العرض والفرجة ) بالموسيقى والغناء، إذ يعمل الغناء على ترجمة الأحاسيس التي بداخلنا إلى كلماتٍ دالة ومعبّرة، تجعل الروح تتجاوب مع أنغامها والجسم يتمايل ويرقص معها، بالرغم من أن الموسيقى كانت دائما تابعة للغناء، بما هي لغة ومقامات صوتية ومسموعة لآلات موسيقية متعددة، تجعل المشاعر  تقع تحت تأثيرها السحري، والجسد يهتز ويرتعش لإيقاعاتها المتنوعة.

هذا هو الأفق أو الأرضية الممكنة، بشكل عام، لهذه الندوة الوطنية حول " الموسيقى وفنون العرض: التقاطعات الممكنة ؟ " وسؤالها المركزي، التي ينظمها " منتدى زرياب للموسيقى والفنون بتازة "، ضمن فعاليات الدورة الأولى من " المهرجان الوطني للموسيقى وفنون العرض بتازة "، تحت الإشراف العلمي لـ " مؤسسة باحثون للدراسات والأبحاث والنشر والاستراتيجيات الثقافية "، بمساهمة النقاد والباحثين ( د.سالم كويندي – د.أحمد بلخيري – دة.أمل بنويس – د.عياد أبلال – د.بوجمعة العوفي د.مصطفى لويزي )، وذلك يوم 29 يوليوز 2019 ابتداء من الساعة العاشرة ( 10.00 ) صباحا بقاعة الاجتماعات التابعة للجماعة الحضرية بتازة، بحيث سيعمل هؤلاء النقاد والباحثون المشاركون في الندوة على تناول محاورها وأسئلتها المتعددة والممكنة بالدرس والتحليل.

عن مؤسسة " باحثون ":

د.عياد أبلال ( باحث سوسيولوجي وأنثروبولوجي )

د.بوجمعة العوفي ( شاعر وناقد فني )

 

التعليقات