تصريحات توتيرية بين حركتي فتح وحماس.. هل وصلت المصالحة لطريق مسدود؟

تصريحات توتيرية بين حركتي فتح وحماس.. هل وصلت المصالحة لطريق مسدود؟
خاص دنيا الوطن - أحمد العشي
يبدو أن أبرز الملفات التي تدور على الساحة الفلسطينية الآن، هو ملف المصالحة، الذي يشهد مداً وجزراً، بين حركتي فتح وحماس، رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها جمهورية مصر العربية، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، بهدف إنهاء هذا الملف الذي يعتبره الكثير من المحللين، بأنه أكثر الملفات تعقيداً على الساحة الفلسطينية.

حركة حماس، أصدرت بياناً صحفياً، تهاجم فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي أكدت فيه بأنه يصر على عدم المصالحة والشراكة، ومنعه للانتخابات الديمقراطية.

بدوره، الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية، تنتظر الآن، موقفاً واضحاً من حركة حماس، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في 22 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2017، والذي جاء برعاية مصرية.

اما التلفزيون الإسرائيلي (i24news)، فقد قال: "إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نفى للمخابرات المصرية وجود عقوبات تفرضها السلطة الفلسطينية على غزة"، مؤكداً جاهزيته والقيادة لتنفيذ اتفاق 2017.

وأشار التلفزيون الإسرائيلي إلى أن الرئيس عباس، أكد رفض حركة حماس تقديم كتاب خطي، يقضي بموافقتها على تنفيذ اتفاق القاهرة 2017، ما سيُجبر القيادة على اتخاذ قرارات صعبة ومصيرية في العلاقة معها.

ولكن السؤال هنا.. بعد كل هذه التصريحات التي قد يُطلق عليها بأنها (توتيرية)، هل من الممكن أن نقول بأن المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وصلت إلى طريق مسدود؟

استبعد الدكتور هاني العقاد، المحلل السياسي، أن يُقر الفلسطينيون بوصول المصالحة إلى نهاية المطاف، وإغلاق كل الأبواب، لافتاً إلى أنه مهما تعقدت مسيراتها، يبقى شيء من الأمل، لتغيير قناعات الطرفين، والوصول إلى التلاقي في يوم من الأيام، حتى وإن لم يكن بعض القادة الحاليين على رأس المشهد.

وقال العقاد لـ"دنيا الوطن": "الباب لم يُغلق، ولكن الأمر وصل إلى حالة التنافر التي تكون نتيجة أي حراك مصري لاستعادة الاتصال بالطرفين؛ لتفتيت الجمود بالملف"، مضيفاً: "إذا قلنا إن الباب بات مغلقاً، فإننا نعترف هنا بفشل المساعي المصرية، لذلك لا أعتقد أن المساعي المصرية، وصلت إلى حد الفشل واليأس، وإنما ما زال هناك بعض الوقت للتحدث مع الأطراف، وخاصة الذي يماطل في تطبيق اتفاق القاهرة 2017، واستكمال تسلم الحكومة الفلسطينية كامل مسؤولياتها بقطاع غزة والإعداد لانتخابات عامة تشريعية ورئاسية خلال فترة زمنية معينة".

وفي السياق ذاته، استبعد العقاد، أن يكون هناك سيناريو فصل كامل أو أي إجراءات أخرى، يمكن أن تعقد الموقف بين حركتي فتح وحماس، منوهاً إلى أن السيناريو الأقرب هو الحفاظ على خيط رفيع من التلاقي برغم التوتر الآن، ورفض حماس استكمال تطبيق اتفاق 2017.

وتوقع المحلل السياسي، أن تتواصل الجهود المصرية، خوفاً من الوصول الى السيناريو المخيف، وهو الفصل الجغرافي والسياسي، الذي يعني أن الأمريكان والإسرائيليين، يمكن أن يطبقوا كل بنود (صفقة القرن)، باعتبار أن الكيان الفلسطيني الوليد، مكانه غزة، وهو مركز الحل المقبل.

وقال: "فتح وحماس حريصتان الآن على عدم الوصول إلى هذا السيناريو، وأعتقد أن الرئيس أبو مازن، يعرف أن أي إجراء قد يتخذ، سوف يكون له تداعيات، لذلك ما أورته الصحافة الإسرائيلية، مجرد لعب خبيث لدور خبيث، يقصد منه توتير الأجواء أكثر وأكثر".

وأضاف العقاد: "مهما وصلت الأمور إلى انغلاق وتعقد لا يمكن لغزة أن تعيش دون السلطة الفلسطينية، ولا يمكن للرئيس أبو مازن أن يكون الأول الذي يدفع باتجاه السناريو الخطير، وهو الانفصال السياسي والجغرافي".

وأكد، أن المحاولات سوف تستمر، معتبراً أن الدور الروسي مهم وخاصة بعد لقاء وفد حماس بوزير الخارجية، وهو دعم للدور المصري في المصالحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن حركة حماس لن تجد بديلاً عن السلطة الفلسطينة مهما حاولت اللعب على البدائل من خلال الذهاب لإيران، واستفزاز العرب والسلطة، لكنها في النهاية تعود إلى حالة التوازن المطلوب في هذا الموضوع، ولن تذهب أبعد مما وصل إليه ملف المصالحة حتى الآن.

واعتبر العقاد، أن الجميع الآن أمام تحديات الوقت والخطط الأمريكية، وأن الجميع اليوم تحت ضغط حقيقي، لذلك فإن القادم هو حدوث اختراق ما في هذا الملف، يسمح باستكمال تطبيق الاتفاقات الموقعة بمصر.

وأكد العقاد، أن القيادة الفلسطينية لن تتخلى عن الدور المصري والضغط على حماس؛ للاستجابة لمتطلبات المرحلة وتطبيق الاتفاقات، معتقداً أن ما تم تقديمة حتى الآن يوحي بأن مراوغة حماس قصيرة الأجل سرعان ما تعود من جديد للحديث عن أهمية المصالحة للطرفين.

وقال: "في الحقيقة، لم يعد أمام حركة حماس، مزيداً من الأوراق تلعب بها في هذا الإطار، وبالتالي فهي باتت محشورة أمام خيارين، إما أن تقبل باستكمال اتفاق2017، أو توظف الوقت لتحقيق المزيد من فرص التحسين لشروطها، والتي كان آخرها أنها على استعداد لتسليم قطاع غزة إلى حكومة وحدة وطنية، وهنا قد يتوصل الوسيط  المصري لحل وسط في هذا الموضوع ويحقق اختراقاً ما".

بدورها، رأت سارة الشلقاني مسؤولة ملف الصراع العربي الإسرائيلي في جريدة الدستور المصرية، أن المصالحة الفلسطينية، تواجه عدة عقبات قوية، مستبعدة في الوقت ذاته أن تكون قد وصلت إلى باب مغلق إلا في حال إعلان الأطراف لذلك.

وقالت: "الرئيس عباس يحاول وضع عدة ضمانات لموقف حماس، منها تقديمها لموافقة خطية بالالتزام باتفاق 2017 بشكل كامل، وهو ما لم توافق عليه حماس"، مشيرة إلى أنه يجب توافر الإرادة السياسية لدى الحركتين، وتجاوز أزمة الثقة الموجودة بينهما؛ لتحقيق المصالحة، خاصة أنها ضرورة وطنية فلسطينية؛ لمواجهة الأخطار التي تحيط بالقضية الفلسطينية.

وحول ما إذا كانت حركة حماس ستقدم فعلاً كتاباً خطياً بتنفيذ اتفاق 2017، أوضحت الشلقاني، أن الأمر صعب، لافتة إلى أن ذلك دليل على أزمة الثقة بين فتح وحماس، ويجب تجاوزها.

وقالت: "هل لو طلبت حماس موافقة خطية من فتح على رفع العقوبات، أو استيعاب الموظفين، ستوافق فتح؟، بالتأكيد الأمر صعب، وبالتالي إذا تم تجاوز هذه الأزمة، ستكون الأمور أقل تعقيداً، ويمكن حينها البدء في بعض الخطوات".

من جانبه، أكد جهاد حرب المحلل السياسي، أن المصالحة من الناحية العملية، ليست أمام باب مغلق، وإنما أمام جدار طويل وعازل، مستبعداً أن يكون هناك أفق بالمدى المنظور؛ لتحقيق المصالحة الفلسطينية.

وقال حرب: "السبب في ذلك هو، تشبث طرفي الانقسام حركتي فتح وحماس بمطالبها والامتيازات التي حصلا عليها بعد الانقسام، وبالتالي لا اعتقد أن هناك مؤشرات لإنهاء الانقسام في الفترة المقبلة".

وفي السياق، بين أن استمرار الانقسام يفتح أفاقاً أمام إسرائيل لعزل قطاع غزة، ووصول اتفاق تهدئة، وتعزيز حكم حركة حماس في قطاع غزة، وتحويل القطاع إلى كيان منفصل، لافتاً إلى أن الاحتلال يهدف لتسويق قيام دولة فلسطينية في القطاع.

وقال: "أما في الضفة، فستبقى مستباحة، كالذي حصل أمس بهدم قوات الاحتلال لعدة منازل واقعة في المناطق (أ) الواقعة تحت السيادة الفلسطينية الكاملة، وذلك تنفيذاً لسياسات الاحتلال بتقصير الضفة الغربية، فأمس كانت مدينة القدس واليوم الضفة الغربية، وستذهب هذه السياسات إلى أبعد من ذلك".

التعليقات