من ستالين إلى تشرشل.. تهنئة يوم الميلاد التي أنقذت العالم

من ستالين إلى تشرشل.. تهنئة يوم الميلاد التي أنقذت العالم
تحالف كل من رئيس الوزراء في المملكة المتحدة، "ونستون تشرشل"، مع "جوزيف ستالين"، السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي الأسبق، كان مهمًا ومحوريا لوقف هتلر، إلا أن توتر علاقتهما في أوقات الحرب، وصلت لذروتها.

في نوفمبر عام 1941، تجاسر الزعيم السوفيتي، وانتقد بوقاحة نوعية الدبابات والبنادق المرسلة من بريطانيا لمساعدة القوات الروسية، في الوقت الذي وصل فيه رئيس الوزراء البريطاني للحد الأقصى من صبره.

ولحسن حظ العالم، سرعان ما أدرك "ستالين" فداحة فعله، واستغل موعد اقتراب عيد ميلاد "تشرشل" الـ 67، وأرسل بطاقة جياشة كإجراء توفيقي.

وجاء في البرقية ما يلي: "إلى رئيس الوزراء ونستون تشرشل، أهنئكم بحرارة في عيد ميلادك، من أعماق قلبي أتمنى لكم القوة والصحة الضروريين جدًا للانتصار على عدو البشرية، هتلر، مع قبول أطيب تمنياتي، ستالين".

أوضح المؤرخ "ديفيد رينولدز"، أن تهنئة عيد الميلاد، على الأرجح، كانت من بنات أفكار سفير ستالين في بريطانيا، ايفان مايسكي، وهذه التهنئة واحدة من أكثر الرسائل التاريخية أهمية.

وتابع: "بالتأكيد ستالين غير معروف عنه إرسال تهاني عيد ميلاد، ليس لرجل اشتهر بجرائمه العديدة وقتله لـ 50 مليون شخص بحسب بعض المصادر، أن يهتم بتمني الأمنيات السعيدة للآخرين".

متابعا: "رأيي هو أن السفير، مايسكي، أخبر ستالين أن موعد عيد ميلاد تشرشل قد شارف على الاقتراب، وربما شجعه على إرسال هذه البطاقة".
يُعرف عن "ايفان مايسكي" دهاءه في هذا النوع من الأمور، وعلى كل حال، فقد كانت حيلة ذكية للغاية، "ستالين" بالتأكيد لن يعترف بخطأه الذي ارتكبه في وقت سابق، لكن بطاقة تهنئة بعيد ميلاد كان من الواضح أن لها أثرها في تحويل مزاج رئيس الوزراء البريطاني بطريقة مهمة جدا، من الصعب التخيل أن تهنئة قد تكون هي السبب التي أنقذت تعاون روسيا وبريطانيا.

ويبدو أن بطاقة تهنئة عيد الميلاد أدت دورها وأنقذت علاقة البلدين التي كانت محورية في هزيمة "هتلر"، وبالفعل أجاب "تشرشل" على الرسالة بشكر "ستالين" موضحا له أن الرسالة منحته "متعة بارقة ومشرقة".

ثم تبادل رئيس الوزراء بالمثل بطاقة تهنئة لعيد ميلاد "ستالين" في الشهر التالي، وأصبح تبادل التحيات تقليدا استمر حتى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

قال البروفيسور "رينولدز"، من جامعة كامبريدج:"أعتقد أن آخر رسالة عيد ميلاد كانت في الأربعينيات من القرن الماضي أرسلها تشرشل في خريف عام 1946 بعد خطاب "الستار الحديدي"، وهي عبارة تشير إلى سياسة العزلة التي انتهجها الاتحاد السوفيتي السابق بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أقام حواجز تجارية ورقابة صارمة، عزلت البلاد ودول أوروبا الشرقية التي كانت تسير في فلكه عن بقية العالم".

ويرى "رينولدز" أن حكمة إرسال تهنئة عيد ميلاد هي عبرة يجب أن يأخذها السياسيون في العالم بعين الاعتبار، لاسيما أولئك المعنيون بالمفاوضات المعقدة مع بروكسل حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ويتعلمون من دبلوماسية المراسلات بين رجلين من أكبر القادة في العالم.

ما يجب عليك حسابه في كل قضية هو الأخذ في الاعتبار كم مما أمامك حقيقي بالفعل وكم منه مجرد خدعة، وهو ما أمكن لهؤلاء الرجلين فعله وحسابه في ذلك الوقت، وكلاهما حقق مفهوم الدبلوماسية بنجاح وكله بسبب بطاقة تهنئة عيد ميلاد.


التعليقات