مؤسسة القدس الدولية تصدر بيان بخصوص الأوقاف الأرثوذكسية في باب الخليل

رام الله - دنيا الوطن
قالت مؤسسة القددس انه في الوقت الذي تتوحد فيه قوى الشعب الفلسطيني في مواجهة صفقة القرن وورشة البحرين التطبيعية التي تسعى لمقايضة حقنا في القدس وفلسطين بحفنة دولارات يصدر قرار "محكمة العدل العليا" الصهيونية ليؤكد فشل البطركية الأرثوذكسية في الدفاع عن الأوقاف المسيحية التاريخية في باب الخليل وباب حطة في القدس القديمة، في مفارقة تظهر عياناً أن هناك من اختار مقايضة حقه في القدس بالفتات وما زال يمضي في هذا الطريق.

وقالت المؤسسة في بيان صحفي لها اليوم إننا نقف اليوم أمام أخطر خسارة في القدس منذ هدم حارة المغاربة في 11/6/1967، واليوم وبعد 52 عاماً على تلك الكارثة الكبرى، يأتي قرار المحكمة الصهيونية ليثبّت ملكية جمعية عطيرت كوهانيم الاستيطانية المتطرفة لفندقي بترا والإمبريال في باب الخليل عند الساحة المقابلة لباب الخليل والمفضية شمالاً إلى بطركية الروم الأرثوذكس، وعقارات شارع الملك المعظم عيسى في باب حطة والمتحكم بالطريق المؤدي إلى المسجد الأقصى المبارك، ما يعني وضع مداخل تلك المقدسات الدينية بيد مستوطنين متطرفين.

أمام هذا الخطر الداهم، فإننا في مؤسسة القدس الدولية نعلن ما يلي:

أولاً: إن ملكيات الكنيسة الأرثوذكسية هي أوقاف دينية، أوقفها الفلسطينيون العرب الأرثوذكس على كنيستهم انطلاقاً من إيمانهم، فهي أوقاف الكنيسة وكل المؤمنين بها وليست أملاك فردٍ أو شخصٍ، وهي أملاك تقع داخل أسوار البلدة القديمة للقدس التي هي بكامل مبانيها وأسوارها إرث إنساني مهدد بالخطر مدرج على قائمة اليونيسكو للإرث الإنساني المهدد بالخطر منذ عام 1982، وبناءً على ذلك فإن كل قرار صادر عن محاكم الاحتلال تجاهها أياً كانت تسمية المحكمة ورتبتها هو قرار باطلٌ لا قيمة له ولا يقيم أثراً قانونياً بموجب القانون الدولي، ولقد كان قبول البطركية الأرثوذكسية ومجموعة  رجال الدين اليونان الاحتكام إلى "عدالة" هذا النظام القضائي الذي هو أحد أذرع السلطة الاستعمارية خطيئة كبرى، وفعلاً مضراً بمصالح الكنيسة الأرثوذكسية وأبنائها.

ثانياً: إن ما تقوم به سلطة الاحتلال ومحاكمه منذ الاستعمار البريطاني وحتى اليوم هو استثمار في افتراق المصالح بين زمرةٍ مستنفعة من رجال الدين اليونان وبين مصلحة هذه الكنيسة العريقة وأتباعها الوطنيين، وكل التفاصيل والمسوغات القانونية والمحاكم والأحكام هي مجرد ترجمة لهذا الاستغلال المستمر الذي يدرك أهدافه ومقاصده.

ثالثاً: مع تمسكنا بهذا الموقف المبدأي الرافض لسلطة محاكم الاحتلال، والذي تأخذ به الأوقاف الإسلامية حتى يومنا هذا بينما تتنكر له النخبة اليونانية التي تتحكم بمقاليد الكنيسة، فإننا حتى لو قبلنا منطق اللجوء إلى محاكم الاحتلال فإن القرارات المتتالية لتلك المحاكم تثبت عدم جدية البطرك ثيوفيلوس الثالث وأعوانه في الدفاع عن أملاك الكنيسة، وأن ذهابهم للمحكمة كان شكلياً محضاً للتحايل على الرأي العام، حتى أنه أثار استغراب هيئة المحكمة رغم صهيونيتها إذ نصت في قرارها الصادر في 10/6/2019:
1.    على أن قيادة البطركية قبلت استلام مقابل تلك الصفقات من الشركات الوسيطة لجمعية عطيرت كوهانيم الاستيطانية، وتقدمت للمحكمة بمطالب لإبطال الصفقة رغم قبضهم الثمن.
2.    على أن قيادة البطركية لم تطعن بأهلية توقيع الوسيط  باباذيموس نيابةً عنها، مع أنها طعنت به عندما تعلق الأمر بشيكات مالية ببضعة آلاف من الشواقل.
3.    على أن قيادة البطركية أقرت للمحكمة بأن بقية الصفقات الموقعة بيد باباذيموس وبتفويض من البطرك المخلوع إيرينيوس صحيحة وتمثل البطركية، واعترضوا فقط على الاتفاقية المبرمة مع عطيرت كوهانيم على هذه العقارات الثلاثة فقط. 

وبناء على هذه النقاط يتبين أن البطركية كانت تتعمد دفع المحكمة دفعاً لإصدار القرار ضدها، وهو ما لا يترك مجالاً لتجنب الاستنتاج الواضح بتواطؤ قيادة البطركية مع جمعية عطيرت كوهانيم لضمان تسريب هذه العقارات لها وتمكينها منها، وهو ما يضاف إلى رصيد حافل من التسريبات في القدس وقيسارية ويافا وطبريا سبق للمؤسسة أن أضاءت عليها في ورقة تفصيلية صدرت بعنوان "البطريركية الصامدة أم العقارية القابضة" في 1/3/2018.

رابعاً: لقد تولى البطرك ثيوفيلوس كرسي البطركية بناء على تعهدات وقعها أمام وزارة الداخلية الأردنية في 18/8/2005 بأن يلغي ويبطل الوكالات المعطاة من إيرينيوس الأول لباباذيموس، وأن يقوم بكامل الإجراءات القانونية لإبطال جميع الصفقات المترتبة عليها؛ واليوم وقد ثبت بنص هذا القرار أنه لم يطعن بالوكالات وأنه لم يرفض كل الصفقات المبرمة بها بل أقر بها جميعاً عدا صفقة ساحة عمر، وقد ثبت أنه دفع المحكمة دفعاً كي تحكم بما تشتهيه لصالح المستوطنين، فإن الاعتراف الأردني بثيوفيلوس الثالث بطريركاً يعتبر ساقطاً حكماً، والسلطات الأردنية والفلسطينية مطالبةٌ بإعلان سحب اعترافها بثيوفيلوس فوراً وفاءً بمسؤولياتها وواجباتها، وموقفهما المعلن الرافض لصفقة القرن يتناقض مع السكوت على ما وصلت إليه إدارة الكنيسة لهذه القضية.

خامساً: لقد صدرت مواقف واضحة تمثل اصطفافاً جماهيرياً فلسطينياً يرفض قرار المحكمة الصهيونية وتدعو إلى محاربته على مستوى القانون الدولي، وتدين تواطؤ قيادة البطركية في إدارتها وتتفق على وجوب سحب الاعتراف بالبطرك ثيوفيلوس الثالث، من بينها موقف المجلس المركزي الأرثوذكسي في فلسطين وحراك الحقيقة الأرثوذكسي وهيئة العمل الوطني في القدس والمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وإننا في مؤسسة القدس الدولية نؤكد هذا الموقف، ونثمن تشكيل لجنة وطنية مشتركة للدفاع عن الأوقاف الأرثوذكسية، ونؤكد ضرورة توسيع جبهة الدفاع عن هذه الأوقاف باعتبارها أولوية وطنية فلسطينية وأولوية عربية وإسلامية في الوقت عينه.

في الختام فإننا نرى في الحراك الجماهيري الفعل الأساس الذي يمكن أن يجابه هذا القرار، برفضه من أساسه باعتباره فاقداً للمشروعية، وبفرض المقاطعة الشاملة على البطرك ثيوفيلوس ومطالبة الدولة الأردنية والسلطة الفلسطينية بسحب الاعتراف به بشكلٍ فوري، وبمنع تمكين عطيرت كوهانيم الاستيطانية المتطرفة من هذه العقارات بدعم صمود العائلات الفلسطينية فيها والالتفاف الجماهيري من حولها.