عبد الباري عطوان وإيران

عبد الباري عطوان وإيران
بقلم عبد الله عيسى رئيس التحرير

مع بداية الأزمة الحالية بين إيران وأمريكا، تابعت باهتمام التسجيلات الصوتية والفيديوهات، التي يصدرها الكاتب الكبير عبد الباري عطوان، حول الأزمة الحالية، ولاحظت اهتمامه البالغ بالدور الإيراني وقوى الممانعة مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، إضافة إلى الحوثيين في اليمن، والحقيقة أني وجدت الأستاذ عطوان، مثل ناطق إعلامي غير رسمي لهذه المجموعة من الدول والأحزاب، سواء إيران أو سوريا أو حزب الله، أو فصائل المقاومة الفلسطينية كحماس والجهاد الإسلامي، وهو ناطق إعلامي غير رسمي، ولكنه ناجح جداً في تبيان المعلومات الأساسية في هذه الأزمة، واستعراض قدرات إيران، والقوى المختلفة عسكرياً، رغم أنه يتحدث عن الحرب دائماً، ولكن ليس من باب التهويل، وإنما هناك حقائق تفرض نفسها، ولا يستطيع الأستاذ عطوان أو غيره تجاهلها.

وإن كانت لي ملاحظة، أن الميزان العسكري بين إيران والدول المختلفة، هو أن ما أصاب الاتحاد السوفييتي سابقاً، ربما يصيب إيران وغيرها من حيث إن التقنيات والتطور التكنولوجي، كان ضعيفاً للاتحاد السوفييتي، وكذلك لدى إيران وحلفائها في المنطقة، وعندما بدأ الرئيس الروسي بوتين بعملية نهضة واسعة لروسيا، بدأ أولاً بالتكنولوجيا، والمرحلة الثانية الاقتصاد، فقام بتطوير الأسلحة الروسية، حتى أصبحت متفوقة في العالم، وتتنافس دول العالم على اقتنائها، كما تطور الاقتصادي الروسي، ولم تعد روسيا تعاني من العجز المالي الذي كان يعاني منه الاتحاد السوفييتي، حيث كان الاتحاد السوفييتي سابقاً يتعامل مع دول العالم الثالث في بيع الاسلحة، وكان كله "على الدفتر" اي لم يكن يقبض أموالاً من دو العالم الثالث.

وعندما جاء رئيس الاتحاد السوفييتي، بعد جورباتشوف، وطالب سوريا بمبلغ عشرة مليارات دولار كديون للاتحاد السوفييتي، ثمن شراء الأسلحة، قام الإعلام السوري بشتم هذا الرئيس السوفييتي شتماً فظيعاً، وقاموا بشيطنته لأنه طالب سوريا بدفع الدين الذي عليها، وعندما جاء الرئيس بوتين جاء بعقلية مختلفة، وإدراك عميق بمشاكل الاتحاد السوفييتي، أي المشاكل التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفييتي، وأذكر أن الرئيس بوتين، عندما تسلم الحكم بالانتخابات قبل 20 عاماً، أطلق تصريحاً غامضاً وقال سأعيد للاتحاد السوفييتي أمجاده.

وعلق المحللون بسخرية على هذا التصريح، وأن التاريخ لا يعود للوراء، ولكن بوتين أثبت أنه قادر على إعادة التاريخ للوراء، وبحث الرئيس بوتين في الخلل الذي عانى منه الاتحاد السوفييتي سابقاً، فوجد أن الخلل يتمثل في نقطتين: الأولى التطور التكنولوجي، والثاني الوضع الاقتصادي، وعمل على معالجتهما بكل جدية، فقام بمهادنة أمريكا أولاً، وانساق خلف سياسة أمريكا لفترة من الزمن، حتى إن العرب حلفاء روسيا، يئسوا من أن تتخذ روسيا مواقف شبيهة بالاتحاد السوفييتي.

وتمكن بوتن من جلب التكنولوجيا الأمريكية إلى صناعاته العسكرية، وبث الروح المعنوية للاتحاد السوفييتي، ثم قضى على المافيات في روسيا، وتغير الاقتصاد الروسي إلى اقتصاد قوي، ومن أقوى الاقتصادات في العالم، وأصبح السلاح الروسي تتنافس عليه دول العالم، مثل تركيا التي قامت بشرائه والحصول على امتياز تصنيع مضادات ارضية (إس )400 ومن هنا أتوقع بأن تفاؤل الأستاذ عطوان بمحله، بل إن الأمور تتغير كثيراً وقريباً، باتجاه ما يبشر به الأستاذ عطوان.

التعليقات