لماذا لا تُلغي إسرائيل حالة الطوارئ المفروضة منذ 71 عامًا؟

لماذا لا تُلغي إسرائيل حالة الطوارئ المفروضة منذ 71 عامًا؟
ارشيفية
رام الله - دنيا الوطن
تعود بداية فرض "حالة الطوارئ" في إسرائيل إلى الأيام الأولى من قيام إسرائيل، حين أقر "مجلس الدولة المؤقت" آنذاك، وكان بمثابة السلطة التشريعية، والتي أصبحت (الكنيست) لاحقًا، في التاسع عشر من أيار/ مايو 1949، أي بعد إعلان قيام الدولة بأربعة أيام، "أمر ترتيبات الحُكم والقضاء"، الذي شكل أول مرسوم تشريعي يصدر في دولة إسرائيل.

ومنح البند (9) من ذلك الأمر "مجلس الدولة المؤقت" صلاحية الإعلان عن "سريان حالة الطوارئ في الدولة"، التي يمكن بموجبها "تغيير أي قانون، إلغاء مفعوله بصورة مؤقتة أو تقييده بشروط مختلفة". وبهذا التشريع تبنت دولة إسرائيل منذ ولادتها، بشكل عملي، "أنظمة الطوارئ الانتدابية" التي كانت سارية المفعول في فلسطين إبان الانتداب البريطاني، من دون تقييدها بفترة زمنية محددة.

وفي خطوة لاحقة، تم إدخال هذا البند، بكل متضمناته التفصيلية، في "قانون أساس: الحكومة"، الذي أقر الكنيست صيغته الأخيرة (الثالثة) في العام 2001، إذ يخوّل هذا القانون الكنيست، وكذلك الحكومة، صلاحية الإعلان عن حالة الطوارئ في الدولة.

وينص القانون، في البند 38 على: "(أ) - إذا رأى الكنيست أن الدولة تواجه حالة طوارئ، فمن حقه، بمبادرته هو أو وفقا لاقتراح تقدمه الحكومة، الإعلان عن حالة الطوارئ. (ب) - يسري مفعول هذا الإعلان لفترة يحددها الكنيست، شرط ألا تزيد عن سنة واحدة.

ويستطيع الكنيست معاودة الإعلان عن حالة الطوارئ، كما ورد. (ج) - إذا رأت الحكومة أن الدولة تواجه حالة طوارئ وأنه يتوجب إعلان "حالة الطوارئ" حتى قبل التئام الكنيست، فإن باستطاعتها هي إعلانها لفترة لا تزيد عن 7 أيام، إن لم يقم الكنيست بإقرارها أو بإلغائها قبل ذلك، بقرار تؤيده أغلبية أعضائه. وإذا لم يلتئم الكنيست، فباستطاعة الحكومة معاودة إعلان حالة الطوارئ، كما ورد هنا... (هـ) - من حق الكنيست إلغاء الإعلان عن حالة الطوارئ، في أي وقت".

وينص البند 39 من هذا القانون على: "(أ) - في حالة الطوارئ، تستطيع الحكومة إصدار أنظمة وأوامر طوارئ لغرض حماية الدولة، حماية أمن الجمهور وضمان تزويد الخدمات والسلع الحيوية. (ب) - إذا رأى رئيس الحكومة أنه يتعذر التئام الحكومة وأن الحاجة ماسة وملحة لإصدار أوامر طوارئ، فإن بإمكانه هو أن يصدرها، أو أن يخول وزيرا صلاحية إصدارها. (ج) - اعتمادا على أنظمة الطوارئ، يمكن تغيير أي قانون، إلغاء مفعوله مؤقتا أو تضمينه شروطا، فضلا عن فرض ضرائب جديدة أو زيادة ضرائب قائمة، إلا إذا نص قانون آخر على خلاف ذلك".


واستناداً إلى هذا النص القانوني، تعيش دولة إسرائيل "حالة الطوارئ" المتواصلة منذ قيامها، قبل 64 عاماً وحتى اليوم (على الأقل)، إذ درج الكنيست على تمديد (إعلان مجدد) حالة الطوارئ في كل سنة، بصورة أوتوماتيكية، لسنة إضافية أخرى، حتى إن الحكومة لم تجد حاجة إلى استخدام صلاحيتها القانونية (البند 38 - ج، أعلاه) بإعلان حالة الطوارئ بنفسها، ولو مرة واحدة.

لماذا الطوارئ؟

كما هو مبيّن من نص القانون، يمنح إعلان "حالة الطوارئ" السلطات الحكومية صلاحيات واسعة جداً تحت ستار "حماية أمن الدولة والجمهور وضمان تزويد الخدمات والسلع الحيوية".

ووفق موقع (مدار)، قال: إن الحقيقة تكمن بأن الإبقاء على "حالة الطوارئ" لا ينبع من حاجة موضوعية إليها، ذلك أن الظروف الموضوعية التي استدعت إعلانها في العام 1948 (من وجهة النظر الإسرائيلية) لم تعد قائمة بعد. وعليه، فإن إعلان هذه الحالة يرمي إلى تحقيق غايتين عمليتين أساسيتين، الأولى: صلاحية إصدار أنظمة وأوامر الطوارئ، والثانية: ضمان سريان مفعول العديد من القوانين التي جرى سنها على أساس "الطوارئ"، وبالتالي فإن سريانها مشروط بوجود "حالة الطوارئ". ومعنى هذا أن إلغاء "حالة الطوارئ" (عدم إعلانها) يعني إلغاء هذه القوانين، وانتهاء العمل بها.

هذه القوانين تشمل ما هو متعلق بالقضايا الأمنية، مباشرة، ومنها: قانون أمر منع الإرهاب، أمر تمديد مفعول أنظمة الطوارئ (وهو القانون الذي يُمنع بموجبه مواطنون - عرب، في الغالب - من مغادرة البلاد)، قانون وضع اليد على أراض في حالة الطوارئ (تثبيت مؤسسات الدولة في القدس)، قانون صلاحيات الاعتقال في حالات الطوارئ (وهو القانون الذي يتم بموجبه إصدار أوامر الاعتقال الإداري)، قانون منع التسلل، قانون تسجيل آليات وتجنيدها للجيش (وهو قانون يتيح وضع اليد على آليات ومركبات خصوصية وتشغيلها في خدمة الجيش)، وقانون صلاحيات التفتيش في حالات الطوارئ وغيرها.

ومن بين هذه القوانين، أيضا، أخرى لا علاقة مباشرة لها بالقضايا الأمنية، منها: قانون ساعات العمل والراحة (الذي يتيح إلزام العمال في القطاعات المختلفة بالعمل ساعات إضافية)، وقانون الرقابة على السلع والخدمات (الذي يتيح إصدار أوامر عمل إلزامية لعمال يعلنون إضرابات عمالية) وغيرهما.

التعليقات