الحياة بعد التقاعد

الحياة بعد التقاعد
د. يسر الغريسي حجازي

16.06.19
الحياة بعد التقاعد

"نعتقد دائما ان كبار السن هم دائمًا الآخرون، و نستبعد ان نكون يوما من الايام من هذه الفئة" 

كيف نحصل علي حياة ممتعة بعد التقاعد من العمل لمدة طويلة من حياتنا؟ ان مرحلة التقاعد هامة واساسية للجميع، فهي تخص كل واحد منا ولا بد من تخطيط برنامج وانشطة للاستمتاع بهذه المرحلة الجديدة من الحياة؟ انه من الضروري معرفة كيفية تنظيم اوقاتنا، و ممارسة الأنشطة التي نحبها. قبل كل شيئ، يجب علينا تقبل هذه المرحلة و استيعاب ان التقاعد للجميع وانها سنة الحياة وانه واجب علينا منح الفرص للذين يصغروننا سنا. ولا بد من الاعتراف بالتقدم في السن، وانخفاض الطاقة والجهد. من الضروري التحضير لمرحلة الشيخوخة، و ببساطة تجنب الشعور بالرفض، والوحدة و عدم الجدوى، والاستبعاد من المجتمع. لنبدأ بقبول أننا قد أنهينا مسيرتنا المهنية، وأنه يجب علينا اتخاذ اتجاه جديد مع طموحات أخرى. لنقم برحلة التأمل في حياتنا، ونختبر مشاعرنا، وإنجازاتنا، وإخفاقاتنا. ومن ذلك، نبدا بتقيِيم ما نود تحقيقه علي ارض الواقع. في الحقيقة، يجب أن تتمحور طموحاتنا حول الرفاهية، والراحة والتوازنن العقلي و الصحي. من الضروري أن يكون لدينا أنشطة اجتماعية، حتى لا نفقد الهوية الاجتماعية و نصبح مستبعدين من العالم الخارجي.

يمكن للتقدم في العمر أن يقلل من الاتصال الخارجي، والعزلة تضر أكثر مما تنفع.  كما ان المكوث في البيت يختصر أنشطتنا الي تناول الطعام ، ومشاهدة التلفزيون، والبقاء ساعات طويلة على الحاسوب،  و ساعات اخري في  قيلولة طويلة المدي. كما ان قلة الحركة البدنية تساهم في خلق عدم التوازن في النظامنا الغذائي، وتلف الاعضاء، ومنع تدفق الأكسجين مرة أخرى في الجسم.  

هذا نمط الحياة الذي يكون فيه كبار السن في المنزل، أكثر عرضة للإصابة بأمراض نفسية و جسدية. يمكن أن تؤدي عزلة المسنين إلى تخفيض و توقف الحركة، وإلى خطر الإصابة بالإعاقة الحركية لأن قلة التمارين لها عواقب في عدم القدرة وعدم التنسيق بين الحركات، تليها فقدان السمع و الانخفاض في البصر و الذاكرة. 

ان صعوبات التنقل تساهم في ابعاد كبار السن عن العالم الاجتماعي، والتقليل في زيارات الأصدقاء و المقربين. يمكن أن يكون التقاعد أيضًا بداية للإقصاء الاجتماعي، إذا لم يكن لدينا خطط لهذه المرحلة الجديدة في الحياة. ان معظم كبار السن، يعانون من الشعور بالوحدة لانهم يهربوب من العالم الاجتماعي. البعض يُنظر إليهم على أنهم أشخاص يعانون من صعوبات حركية أو عقلية، وغيرهم من كبار السن مقتنعون بان قضاء  مرحلة التقدم في السن في دار المسنين مع أشخاص من جيلهم يبقي الحل المناسب. 

ومع ذلك، ان الكثير من الكبار بالعمر يشعرون بصعوبة الاصغر منهم سنا في قضاء بعض الوقت الممتع معهم. وذلك يسبب لهم خيبة أمل، والاحساس بعدم فهمهم مما يشجع المسنين علي العزلة.

يمكن أن نشاهد نوعان من التقاعد:  الاستمتاع بالتقاعد بعد مسيرة مهنية حافلة، و تقاعد من الصنف الثاني يتمثل في رفض وضع التقاعد، 

و الشعور بالعجز والسخط والغضب. لذلك، دعونا نبدأ بتحسين الوضع الأسري، و الاجتماعي، والثقافي للمتقاعدين، و تفسير مصطلح التقاعد بكل مفاهيمه. لا يوجد سبب للتناقض بين الطبيعة والمنطق، لكن من الضروري قبول هذه المرحلة من الحياة و تقدير اهم انجازاتها. لا بد من تحديد لحظات القوة و اوقات العجز لدينا، لتدارك ما اكتسبناه من معرفة وقيم اخلاقية جديدة من شيمها ان تمنحنا حب الحياة والاستمتاع بها. لماذا الخوف من العزلة؟ عندما يمكن للانسان إدامة التكامل الاجتماعي من خلال تقديم الخدمة الاجتماعية والمساهمة في الأعمال الخيرية. 

و لا يوجد ما يمنعنا من أن نكون جزءًا من المجتمع. 

التعليقات