أحمد يوسف: حشِر الدين بالسياسة خلل واضح وقُدّم لنا دولة تمتد من غزة للأردن

أحمد يوسف: حشِر الدين بالسياسة خلل واضح وقُدّم لنا دولة تمتد من غزة للأردن
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
أكد القيادي في حركة حماس، أحمد يوسف، أنه مع أن تكون دولة فلسطين "مدنية"، وأن يحكمها دستور مدني، يلتزم به الجميع، كما الوضع في المجتمعات الغربية، موضحًا أن وضع الدين في تفاصيل السياسة، يعتبر خللاً واضحاً في فهم الدين. 

وقال يوسف في حوار لـ"دنيا الوطن": لا مشكلة بنيوية مع قضايا المعتقدات الدينية، فلا إكراه في الدين، وهذه الآية يجب أن تنطبق على القضايا السياسية، وكل حياتنا اليومية، فلا أحد يُكرِه أي شخص على شيء، موضحًا أن النموذج التركي، أقرب مثال على الدولة المدنية التي يؤمن الأغلبية فيها بالدين الإسلامي.

وأضاف: "فلنعش في فلسطين بتنوعاتنا الدينية، في إطار القانون الأساسي، ما المشكلة في ذلك، فالدين ليس عقبة أمام تلك الدولة المدنية"، متابعًا: "حشِر الدين في تفاصيل السياسة ووضعها كـ"قيد" إذا لم يكن الإسلام هو السلطة أو الحكم والمرجعية في كل كبيرة وصغيرة، هذا يُعتبر خللاً في فهمنا للدين".

وعن شعار (الإسلام هو الحل)، الذي ترفعه جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها، في العام 1928، قال القيادي في حماس: إنه على الرغم من كونه شعاراً تبناه  الإخوان، إلا أن زعيم حزب النهضة في تونس، راشد الغنوشي، ويوسف القرضاوي، أحد مؤسسي الإخوان، طرحوا "مدنية الدولة" كأسلوب تعايش بين المواطنين، والفصيل في جميع القضايا، هو الدستور.

وأشار إلى أن حركة حماس، أصبحت تعي ذلك تمامًا، فلا فرق بين المسلم والمسيحي من حيث المواطنة في فلسطين، لافتًا إلى أنه حتى في إسرائيل يوجد اعتراضات على مصطلح "يهودية الدولة"، لأن اليساريين يُطالبون بفصل التوراة والتلمود عن دستور إسرائيل، وإبقاء الدولة العلمانية هي التي تحكم.

وفرّق يوسف، بين مصطلحي "مدنية الدولة" و"علمانية الدولة"، قائلًا: إن المصطلح الثاني مُستفز، لأن فهمه في الشرق سلبي، بينما المصطلح الأول يُرضي الجميع، ومن أراد العلمانية من ناحية تكريس الحريات والتعددية السياسية فسوف يجدها في الدولة المدنية، وكذلك من يُريد الإسلام فسيجد مبتغاه أيضًا في مدنية الدولة.

وتابع: الفلسطينيون يُستفزون كثيرًا من مصطلح "علمانية الدولة" على اعتبار أنهم مُحافظون، لأن هذا المصطلح يُعطيهم انطباعاً بأنك ستحكم وفق قوانين لا دينية، كما أن المسيحيين "وفق تعبيره" لا يرتاحون لهذا المصطلح، لذا فإن مصطلح "مدنية الدولة" أفضل وأجمع.

وفي سياق آخر، وحول ما قُدم لحكومة إسماعيل هنية، عندما كان أحمد يوسف، مستشارًا لرئيس الوزراء، قال: إنه في العام 2009، حملت جهات أوروبية اجتمعت مع أطراف من الحكومة، مقترحات لدولة في قطاع غزة، تمُر من سيناء وتصل حتى حدود الأردن.

وأضاف يوسف، أن تلك المشاريع هي إسرائيلية، والهدف آنذاك كان توسيع غزة باتجاه الجنوب، وتعويض مصر بأراضٍ أخرى بدلًا من أراضي سيناء، من أجل ربط غزة بالأردن، مع بعض أجزاء من الضفة الغربية، عبر مشروع غيورا آيلاند.
 
وعن مساحة تلك الدولة، قال يوسف: إن المساحة كانت كبيرة ومعقولة، تسمح لغزة، بالتوسع، وعدم الاكتظاظ الموجود حاليًا، مضيفًا: "نحن بدورنا رفعنا هذا المقترح إلى مصر، عبر مسؤول ملف الخارجية آنذاك محمود الزهار، وكنا سويًا نتواصل مع الأطراف المختلفة، حول المبادرات المُقدمة، ومجلس الوزراء بقيادة هنية، يناقشها"، رافضًا الكشف عن تلك الدول التي قدمت مشاريع الدولة الفلسطينية، لكنه أكد أنها أوروبية، وليست عربية.

وحول ملف تفاهمات التهدئة في قطاع غزة، اعتبر يوسف: أن تلكؤ إسرائيل في تنفيذ تفاهمات التهدئة، لا بد أن يُقابله ضغط مستمر من قبل المقاومة؛ لكن دون إعطاء إسرائيل أي ذريعة ليُغيّر سلوكها بمزيد من العدوان والجرائم والعقوبات، بحق قطاع غزة، لأن الوضع لا يحتمل المزيد من الأزمات.

وأوضح، أنه من ضمن الضغوطات التي يجب أن تُمارس على إسرائيل، استمرار مسيرات العودة بكافة أشكالها، وهذه رسالة واضحة لحكومة نتنياهو، أن يده لن تكون طليقة للعربدة في القطاع، وأنه سيواجه بمقاومة قوية، مشيرًا إلى أن الأمور في قضية التفاهمات مُعلقة، فإن الأقرب في الفترة المقبلة، بقاء هذا الوضع ما بين التهدئة والتصعيد.

واعتبر يوسف، أنه من الخطأ أن ينفرد أي فصيل في قطاع غزة، بأي جولة تصعيد ضد الجيش الإسرائيلي، وأن يكون العمل العسكري جماعيًا، عبر غرفة العمليات المشتركة فقط.

وعن مواقف الفصائل الفلسطينية، وتشابكها، فيما بينها، ومدى تأثير فتح وحماس، عليهما، أكد يوسف، أن الجهاد الإسلامي مواقفها تميل أكثر إلى حركة حماس، والجبهتان الشعبية والديمقراطية، كانتا في السابق تميلان لحركة فتح لكن الآن يتميزان بالوسطية، وهذا لربما بسبب الخلاف الكبير مع السلطة الفلسطينية.

وأضاف، أن هذه الفصائل، لم تؤثر على قطبي الساحة الفلسطينية فتح وحماس، والضغط لإنهاء الانقسام، بسبب ضعف حجم تلك الفصائل في فلسطين، رغم تاريخهم النضالي الكبير، إلا أن مدى تأثيرهم محدود، وغير متواجدين في السلطة أو التشريعي.

وتابع: أوضح مثال على ذلك، الجبهة الشعبية، كانت في سبعينات القرن الماضي، تتصدر مشهد الفعل المقاوم، ولديها حضور وجماهيرية، وكاريزما، ميزتها عن باقي الفصائل التي كانت تعمل في تلك الفترة، لكن تراجع هذا الأمر في ظل وجود فتح وحماس.

وعن مدى تأثير حماس، على القرار السياسي لقوى اليسار، وتحديدًا الشعبية والديمقراطية، قال يوسف: إن تلك القوى أصبحت متوازنة في مواقفها السياسية؛ لكن المواقف التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، استفزت الشعبية والديمقراطية، والمبادرة الوطنية، ما دعاها إلى أن تكون مواقفهم أقرب لحركة حماس، خصوصًا في القضايا ذات البُعد الوطني.

وفي المقابل، اتهم يوسف، بعض فصائل اليسار، بأنه تنتفع من وراء السلطة الفلسطينية، وأصبحت مواقفها تتماهى تمامًا مع فتح والسلطة، كـ"حزب الشعب، وفدا، والنضال الشعبي، وجبهة التحرير الفلسطينية".

وختم يوسف، حديثه، قائلًا: مواقف تلك الفصائل مواقف "كسيبة"، لأنهم يستفيدون من الامتياز المُقدمة لهم من السلطة، وأصبحوا يُهاجمون حماس على أي فعل أو قول، رغم أنه لا يطالهم من حماس شيء، لكن لأن فتح والسلطة تُهاجم حماس، هم يُهاجمونها أيضًا، حتى لو كان الأمر خارج قناعاتهم، وفق تعبيره.

التعليقات