أولياء أمور وأبناء: نهج نظامي

أولياء أمور وأبناء: نهج نظامي
د.يسر الغريسي حجازي

9.06.2019

اولياء امور وابناء: نهج نظامي

"يمكن أن نكون والدين جيدين, دون أن نكون مثاليين حقًا"

يحتاج أطفالنا إلينا منذ اللحظة التي يولدون فيها حتى يصبحوا بالغين. هل نحن نعلم ذلك؟ انه مبدأ الارتباط بين الوالدين والطفل، و هو جزء من التنمية العاطفية والاجتماعية. هذا النهج النظامي بين اولياء الامور والابناء، ضروري للتطور النفسي والعاطفي. تم إضفاء الطابع الرسمي على هذه النظرية من قبل الطبيب والمحلل النفسي، جون بولبي بعد العمل التحليلي لوينيكوت ولورنز وهارلو. ان هذا الجانب المحدد من العلاقات بين الآباء والأمهات والأطفال، مبدأ أساسي لتماسك الرعاية التي يجب علينا كاولياء امور أن نقدمها لأطفالنا.من السهل ملاحظة، ان أطفالنا الصغار يتشبثون بملابسنا في أوقات يشعرون فيها بالخوف أو عندما يحتاجون إلى دفئ الاحضان. إن اهتمام أولياء الأمور بأبنائهم أمر نظامي وبديهي، بسبب ان شعور المودة يرمز إلى الملجئ الآمن للطفل. حتى عند اللعب مع الأطفال الاخرين، يبحث الطفل دائمًا عن ولي امره حتي يشعر بالراحة، وغالبا ما تكون الأم اكثر قربا من الطفل بسبب تلبية احتياجاته الاساسية. ويشعر الطفل بالاطمئنان عندما تكون أمه بجنبه، وتغمره السعادة لما يشاهد الانسجام بين أمه وأبيه.وذلك، يزيده ثقة بالنفس والرضا والراحة. في نظرية التعلق، يعد تقارب الوالدين بمثابة لحظة اهتمام الوالدين لأطفالهم. وتعتبر حالة تعلق هذه، بمثابة حماية من القلق او من اي خطر او عدوان وشيك. بين عمر ستة أشهر وسنتين، يبدأ الطفل بالتعرف في محيطه المألوف على الشخص الذي سيعتمده كشكل التعلق.

يجب أن يكون مفهوما أيضا، أن الرابط التعلق تم إنشاؤه من قبل الطفل و ذلك من أجل  تلبية احتياجاته من قبل اولياء الامور. هذا الرابط هو بمثابة القرب المريح للطفل، من أجل تطوره وحياته المستقبلية لاحقًا ويجري ذلك من خلال: 

-النداء المستمر للطفل إلى أمه أو إلى وأبيه، وبكائه الذي يتوقف عندما لا يراهم،

-شعور الطفل بالراحة عندما يري ابتسامة الوالدين، لان ذلك يمنحه الراحة والأمان العاطفي،

يستكشف أطفالنا العالم من خلال رؤيتنا للكون، وتعمل سلوكياتنا كمحور تركيز لأطفالنا كما انهم يعتمدوها في بناء النمط الخاص بهم. هذه تمثيلات نشطة يتم تصميمها وصياغتها من قبل أطفالنا، كنماذج داخلية تدير مشاعرهم وتوقعاتهم بناءً على مواقف الوالدين. تشتمل نظرية التعلق أيضًا، على قلق فقدان شكل التعلق والألم الذي يتبعه. 

و يُعتبر قلق انفصال الطفل عن شكل التعلق، ظاهرة نفسية طبيعية وإنسانية، ويمكن ملاحظتها عند الرضيع اليالغ من العمر ستة أشهر عندما يبكي بصوت عال لأنه لم يعد يشعر بوجود والديه بالقرب منه (بايلي ، 2005).

لا شك أن هناك صلة بين بناء الذات والعوامل الأساسية للتميز. تختلف ردود أفعال القلق لدى طفل من طفل لآخر، فقد مررنا جميعًا بلحظات عندما تشبثت أطفالنا بملابسنا. رأيناهم يبكيون ويحتجون عندما غادرنا المنزل بدونهم. هذه هي ردود الفعل وسلوكيات تؤكد منهجية التعلق بالوالدين ، فضلاً عن تثبيط سلوكيات اللعبة والاستكشاف (سبيتز ، 1965). انما الخوف والقلق ضروريان للبقاء البشري، وهما جزء من التطور النفسي العاطفي والمعرفي للطفل. ان درجة تعلقنا ورعايتنا لابنائنا، هي بمثابة شهادة على استعداداتنا للتمييز بين أطفالنا. 

بمجرد التمييز بين الابناء و إعطاء أحد أطفالنا المزيد من الاهتمام أكثر من الآخر، يعتبر ذلك قدرة على التمييز وعامل تثبيط لمستقبل ابنائنا. لماذا لا نعطي أطفالنا الرعاية على قدم المساواة؟ كما ان مخاوف الانفصال أو الحواجز النفسية، لها دورًا حيويًا خلال مرحلة النمو. ان الترابط العائلي المستقر والانصاف بين ابنائنا يمنحهم الاستقلالية والمحبة والتضامن مع بعض، كما ان ذلك يساهم في تنمية قدراتهم المعرفية التي تسمح لهم بفهم ظروف الانفصال وتقليل مستوى قلقهم. (جاكوبسون وويل 1984 ، وينراوب ولويس 1977). من الواضح أن أطفالنا يحتاجون إلىنا طوال الوقت، خاصة خلال مرحلة النمو حتى يصبحوا مستقلين. لذلك، دعونا نبدأ ببناء رابطة آمنة ومستقرة مع أطفالنا، ومنحهم جميعا نفس الرعاية و من هذه القاعدة يتم تسليط الضوء على الاستقرار النفسي والعاطفي لأبنائنا مما يجعلهم يفكرون ويتصرفون بعقلانية في المستقبل.

التعليقات