الأزمة المالية تقصم ظهر الدراما الفلسطينية بغزة.. ورسالة من النجوم لوزارة الثقافة

الأزمة المالية تقصم ظهر الدراما الفلسطينية بغزة.. ورسالة من النجوم لوزارة الثقافة
خاص دنيا الوطن
يرتبط شهر رمضان الكريم في أذهاننا بطقوسه وروحانياته المُختلفة، يرتبط بفوازير شريهان، وفوازير فطوطة، وأغاني صفاء أبو السعود، وليالي الحلمية.

ولكنه في غزة، ومنذ فترة بدأت الدراما تخطو أولى خطواتها، فأصبح أهل غزة ينتظرون كل عام ماذا سيُقدم لهم الممثل الكوميدي مؤمن شويخ، وكيف ستكون مقالب ثائر أبو زبيدة، وهل سيُبدع محمود زعيتر مع هشام عدنان كعادتهم منذ 7 مواسم في "بس يا زلمة"، وكيف سيؤثر وليد أبو جياب على صورة "الفدائي"؟

نهضة درامية شهدتها "غزة" وأبدعت فيها رغم ضعف الإمكانيات المُتاحة بالمدينة، ولكن للأسف، لم تستطع هذه الأعمال الرائعة الصمود أمام ما تُعانيه غزة من أزمات مُتلاحقة، سواء الحروب والتصعيدات، أو الأزمات الاقتصادية التي عصفت بكل مناحي الحياة.

فماذا قال هؤلاء النجوم عن غيابهم عن الماراثون الرمضاني؟

بطل "الفدائي" مُحبط

بعدما تألق الممثل وليد أبو جياب في مسلسل "الفدائي"، وجد نفسه مُضطراً خارج السباق الرمضاني، يقول لـ"دنيا الوطن": "قبل الأزمة المادية التي تعصف بالقطاع الآن، كان معروفاً وواضحاً لدى المُتابعين محدودية الإنتاج الفني، وقلة الأعمال الدرامية، سواء المسلسلات أو الأفلام، ورغم ذلك خرجت غزة بأعمال صُنفت بأنه ذات قيمة وجودة عالية".

وأضاف أبو جياب: "لم تسلم عملية الإنتاج من التأثير السلبي للأزمات التي لحقت بغزة، وما ساعد على انكسارها أنها كانت أصلاً محدودة وضعيفة، إلى أن أصبحت شبه معدومة في ظل إغلاق عدد من الفضائيات لأسباب مادية بحتة، عدا عن قصف فضائيات أخرى وتدميرها، وإغلاق بعض شركات الانتاج أبوابها، وغياب الدعم الحكومي الرسمي للفن والدراما في فلسطين، وليس غزة وحدها".

ويرى أبو جياب أنه لم يعد هناك للفن حصة أو نصيب من موازنات هذه المؤسسات، بل أصبحت الأولوية لمحاولة بقاء هذه المؤسسات كي لا تلحق بنظيراتها.

وتحدث أبو جياب عن البدائل مُتسائلاً: "طالما أن الجهات الرسمية الحكومية عاجزة، أو تنأى بنفسها عن دعم الدراما، فلماذا لا يتم دعوة القطاع الخاص ورجال الأعمال، سواء من الداخل أو الخارج للاستثمار في هذا المجال، خاصة أن الدراما الفلسطينية أثبتت مؤخراً قوتها وقدرتها على المنافسة؟".

واستطرد أبو جياب: "نحن كفنانين نبحث عن بدائل أخرى تحتوي إبداعنا، مثل الهجرة أو البحث عن مؤسسات خارج الوطن، تتبنى موهبتنا، ولا أخفي سراً أن كثيراً ممن أعرفهم يُفكرون جدياً بالهجرة، لأنهم يعتقدون أن الفن هنا لم يقدم لهم شيئاً، كما أن الزمن يمضي ورصيدنا الفني يُعد على أصابع اليد، وقد تطول المحنة، فليس هناك بصيص أمل في الأفق في ظل الحالة الفلسطينية عامة والحالة الفنية خاصة".

وتحدث أبو جياب عن الإحباط الذي أصابه كُممثل وجد نفسه بلا عمل قائلاً: "هذا الوضع يبعث على اليأس والملل، ويُشعرنا بحزن جديد، خاصة بعد هذه النجاحات المتتالية وتكوين قاعدة جماهيرية كبيرة، وهذا التصاعد السريع الذي حققته الدراما في غزة، فجأة يقف، والجميع يتفرج عاجزاً عن النهوض بها من جديد أو محالة تقديم المساعدة".

وحمل أبو جياب وزارة الثقافة الفلسطينية المسؤولية الأكبر في توفير الدعم؛ لتعود عجلة الإنتاج من جديد، وقال: "بإمكان الوزارة أن تبتعث على الأقل نجوماً من غزة وكوادر فنية أخرى لدول عربية أو إسلامية للاستفادة من خبرات العرب في هذا المجال، وكذلك يجب عليها أن تقف بجانب الفنان الفلسطيني، وتساعده على تجاوز هذه المرحلة بالطرق والوسائل التي تراها مناسبة".

  


"بس يا زلمة"

أما الفنان محمود زعيتر، والذي مثل حالة خاصة وأيقونة نجاح بما قدمه من أعمال درامية، وطرح قضايا المجتمع في قالب كوميدي على مدار سنوات، فوجد نفسه هذا العام خارج السباق الرمضاني.

يقول زعيتر لـ"دنيا الوطن": "دائماً ما يُسخر الفن في كل البلدان وفي كل الأزمنة، قديماً وحديثاً، لخدمة القضايا المجتمعية، ولخدمة المصلحة العامة للبلاد، فالفن دائماً مادة سهلة لخطاب ومحادثة الناس، بخلاف ما يحدث في بلادنا وبالتحديد في غزة، فكل شيء يأتي عكس المألوف أو المتوقع".

وأضاف زعيتر: "الفن في غزة، إما أن يخدم أجندة وسياسات معينة، أو لا وجود له، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة، وتأثر كل المجالات، وأزمة الرواتب، وتوقف الشركات عن الاهتمام بالرعايات والإعلانات، كلها أصابت الفن بشرخ كبير، ففي النهاية العاملين في الفن من مصورين ومخرجين وفنانين، جميعهم لهم عوائل، ويستخدمون العمل بالفن من أجل لقمة العيش، ومن أجل استمرار الحياة، كأي موظف في مجال آخر".

واستطرد زعيتر: "العديد من الفرق الفنية انتهت، وعلى صعيدنا الشخصي، اتجه أعضاء العمل الذي كان يجمعنا على مدار سنوات إلى طُرق أخرى لجلب رزقهم، سواء بنفس المجال، أو خارجه، فقلة الموارد المالية أدت إلى توقف الفن في غزة، وتوقف الإبداع فيه".

ويرى زعيتر أن غزة بالذات بحاجة ماسة إلى الدراما، لعكس صورة راقية عن قضاياها، وعن البدائل التي يتجه إليها الممثل، قال: "جميع من يعمل في مجال الفن لا يجد بديلاً عن الانتظار، كحال كل الشعب، فمنهم من يُسمى عاطلاً عن العمل، وآخرون يبحثون عن فرصة عمل تحت بند بطالة، ومنهم من اتجه لأعمال أخرى ليعتاش منها".



رسالة هشام إلى وزراة الثقافة

يُوافقه الرأي صديقه وزميله المتألق هشام عدنان، قائلاً في حديثه لـ"دنيا الوطن": "إنتاج الدراما أمر مُكلف، والأزمة المالية، أثرت بشكل سلبي، وفي عدم وجود شركات إنتاج فني، يزيد الحمل علينا كفنانين بأن نتكفل نحن بإنتاج العمل الفني بكل مراحله، إضافة إلى تسويق العمل للفضائيات".

وتحدث عدنان عن مشكلة الفضائيات قائلاً: "الفضائيات المحلية ميزانياتها لا تحتمل تكاليف إنتاج عمل فني، مما يجعل عملية تسويق العمل بعد إنتاجه أمر في غاية الصعوبة، وبالتالي يُصبح العمل عبارة عن مُجازفة، ففي حال تغلبت على تكاليف الانتاج وقمت بإنتاجه على حسابك الشخصي، ستواجهك مشكلة التسويق، فإذا فشلت، فإن كل هذا الجهد والتكاليف ستذهب هباءً منثوراً".

ويرى عدنان أن البدائل شبه معدومة، وقال: "إذا اعتبرنا أن موقع اليوتيوب بديلاً، فهو لا يُغطي تكاليف العمل".

وأضاف عدنان: "نحن كممثلين، شعورنا أسوأ ما يكون، خصوصاً أن الجمهور تعود على تواجدنا ويُطالبنا بالتواجد، وأنت تقف عاجزاً عن إسعادهم وإنقاذ الموقف، وهذا يزيد الأمر سوءاً، فنشعر أننا خذلنا الناس التي تنتظرنا وتنتظر جديدنا".

وختم عدنان برسالة إلى وزارة الثقافة: "أتمنى منها أن تلتفت لموضوع الدراما الفلسطينية في غزة خاصة، وتعطيه أهمية ويكون من ضمن أولوياتها".

  

التعليقات