العرب وإسرائيل : معادلة الحرب والسلام

العرب وإسرائيل : معادلة الحرب والسلام
العرب وإسرائيل : معادلة الحرب والسلام
دكتور ناجى صادق شراب

يثار الجدل والنقاش كثيرا حول إنفتاح عربى ورغبة في علاقات عاديه مع إسرائيل، هذا النقاش والجدل يحتاج منا لوقفة تحليليه موضوعيه وبناءه. الدول العربيه لا تريد الحرب ، تريد السلام ، وهذه حقيقيه قائمه وملموسه، بل ان العرب ذهبوا بعيدا في التأكيد على ذلك. أولا يكفى أن أكبر وأهم دولتان وقعتا إتفاقا مع إسرائيل وهما مصر وألأردن وبموجبهما أكدا على أن خيار الحرب لم يعد خيار المنطقه، ولا خيار الدول العربيه،وأقيمت علاقات ديبلوماسيه، وكان يفترض من جانب إسرائيل أن تخطو خطوات كثيره في هذا الإتجاه، ولكنها بقيت مستمره في سياساتها الرافضه، وسياسات الإستيطان والتهويد والإحتلال، وثانيا عبرت الدول العربيه وبشجاعه ولأول مره عن إستعدادها للسلام مع إسرائيل وقيام علاقات عاديه، وقبولها في إطار المنظومه العربيه ، وبتطبيع كامل للعلاقات، وهذا الموقف جسدته المبادره العربيه والتي تبنتها قمة بيروت2002 ، والتي نصت بشكل صريح وقاطع على إستعداد الدول العربيه للسلام مع إسرائيل مقابل فقط إنهاء إحتلالها للآراضى العربيه في سوريا ولبنان ، وقيام الدولة الفلسطينية،وعاصمتها القدس الشرقيه مع حل عادل وتوافقى لمشكلة اللاجئيين الفلسطينيين. وجاءت المبادره العربيه دعما للمفاوض الفلسطيني ، ودافعا على ان نجاح المفاوضات الفلسطينيه الإسرائيليه سيفتح كل الأبواب امام إسرائيل. وماذا عن رد إسرائيل؟أولا أجهضت المفاوضات الفلسطينية بالإستمرار في الإستيطان ومصادرة الآراضى الفلسطينية، وتفويت الفرصة لإقامة الدولة الفلسطينية بل وإجهاضها، وأستمر إحتلالها للجولان وأخيرا بقار الضم والإعتراف من قبل إدارة ترامب بسيادتها مما يعنى رفضا كاملا للمبادرة العربية ، ، وأدعت  إسرائيل انها غير كافيه ، وان على الدول العربية أن يثبتوا حسن نواياهم في قبول إسرائيل وبالتطبيع معها أولا، والعتراف بها دولة يهودية، وبقيت المبادره العربيه معلقه دون تفعيل، وكانت الفترة منذ صدور المبادره العربيه حتى الآن اى حول عقد ونصف كفيلة بأن يتم بلورتها وترجمتها على أرض الواقع، والفترة كفيلة بان يتم التوصل لتسوية تاريخيه تنهى خيار الحرب ، وتحقق خيار السلام، وتصبح إسرائيل دولة ضمن االمنظومه الجغرافيه العربيه، وكان يمكن تصور تطورات في العلاقات ترقى إلى مستوى التحالفات الأمنيه والسياسيه وألإقتصاديه، لكن إسرائيل التي تخشى وتخاف من السلام عملت على تجميد المبادره، وجاءت القرارات الأخيره للإدارة ألأمريكيه بنقل السفارة ألأمريكيه للقدس، والإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لتلغى اهم بنود المبادره وهى المطالبه بالقدس  الشرقيه عاصمة لدولة فلسطين، وأيضا الغت بقانونها للقوميه اليهوديه البند المتعلق باللاجئيين، ومن ناحية ثالثه إعلانها انها لن تنسحب من الجولان وضمها، وإعتبارها أرضا لإسرائيل إلغاء للبند الثاث من المبادره, وهذا معناه أن إسرائيل لم تكتفى بتجاهل المبادرة العربية، بل عملت على تقويضها وإلغائها.إسرائيل تريد ان تقيم علاقات مع الدول العربية متجاهلة تماما إحتلالها لكل ألآراضى الفلسطينيه والجولان السورى ، وتتعامل مع الواقع السياسى العربى ، وكأنها دولة إعتياديه. إسرائيل نجحت حتى الآن في تحييد خيار الحرب عربياـ ونجحت إلى حد ما في قبولها عربيا. ومع التسليم بأن يتم القبول بإسرائيل،والتسليم بمصداقية النهج العربى ، يبقى السؤال هل تقبل إسرائيل بالإعلان الصريح عن إنهاء إحتلالها ، والقبول بقيام الدولة الفلسطينيه وعاصمتها القدس الشرقيه. هذا الشرط الآن بيد الدول العربية، بأن تحدد موقفها وبشكل قاطع وبعيدا عن جدلية التطبيع والسلام، هل تقبل إسرائيل بذلك؟لا إعتقد ان الدول العربيه المعنيه ستكون قادره على قيام علاقات كامله مع إسرائيل دون تسوية للقضية الفلسطينية، وقيام الدولة الفلسطينيه، لن أذهب بيعدا في التفاؤل وأقول تطبيق كامل للمبادره العربيه التي لم تعلن حتى الآن إسرائيل قبولها رسميا بها.بل فقط ان تنهى إسرائيل إحتلالها وتعلن قبولها بحل الدولتين والقدس الشرقيه عاصمة لفلسطين.هذا ليس شرطا ، بل أساس أي سلام شامل.ويكفى التذكير هنا أن فلسطين تبقى جزء لا يتجزأ من أمتها العربيه ،وأن الحركة الصهيونيه بأهدافها وأيدولوجيتها التوسعيه تبقى خطرا حقيقيا على ألأمن العربى ، وأن الهدف هو السلام الذى يقود ويأتي بالعلاقات العاديه والتطبيع ، وليس التطبيع الذى يأتي بسلام منقوص، بل قد لا يأتى بالسلام ، والسلام هنا هو القضية الفسطينية، هذه معادلة السلام التي ينبغي ان تقوم عليها الرؤية العربية، اما السلام الذى تريد إسرائيل فيقوم على أساس إحتواء القضية الفلسطينيه وإختزالها في نزاع ثنائى ، وكأنه نزاع على ملكية منزل صغير او على ملكية أمتارقليله. السلام رؤية سياسيه شامله لما يمكن أن تقوم عليه العلاقات، ونذهب بعيدا السلام ليس فقط قيام علاقات إقتصاديه وسياسيه وديبلوماسيه، السلام أيضا علاقات شعوب ، وقبول بالآخر، وقد تترتب عليه تحالفات جديده، وتترتب عليه وهذا ألأهم لإسرائيل إذا أرادت السلام التغير في التصورات والمدركات السياسيه، ما يعنى ان تصبح إسرائيل دولة صديقه وليس دوله عدو،هذا هو ثمن السلام الحقيقي، اما دون ذلك فيعنى تطبيع للعلاقات بدون سلام، وبفرض الشرق الأوسط الجديد الذىيأتى على حساب المنظومة العربيه وألأمن العربى ، والذى تقوده إسرائيل ولا يقوده العرب.كلنا نريد السلام،لكن أي سلام، وينبغى ان تبقى رسالة اى دولة عربيه ان لا سلام ولا علاقات ولا تطبيع بدون إكتمال حقوق الشعب الفلسطيني في دولته وعاصمتها القدس الشرقيه، الحد ألأدنى للسلام والتطبيع العربى تنفيذ المبادره العربيه ،لأنها مبادرة سلام، وليست مبادرة تطبيع علاقات.وهذا التحدى الذى يواجه الدول العربية أليوم من صفقة القرن التي تحل معادلة السلام مقابل الرخاء بدلا من السلام الذى تقوم عليه المبادرة العربية ن والتحدى الثانى الحضور من مؤتمر المنامة الإقتصادى.

[email protected]    

التعليقات