وزيرة الصحة: طواقمنا أجرت ثمانية عمليات في ذكرى النكبة

وزيرة الصحة: طواقمنا أجرت ثمانية عمليات في ذكرى النكبة
رام الله - دنيا الوطن
ليست المرّة الأولى التي نعدُّ فيها تقريراً عن قصص عمليات زراعة الكلى في مجمّع فلسطين الطبّي، ولكن في كلَّ مرّة تتعزّزُ فكرة الترابط الإنساني الكبير الذي هو أساس العطاء لإجراء العمليات.

داخل كل غرفة في قسم العناية المكثفة في مجمع فلسطين الطبي برام الله، حيث ترقد حالات زراعة الكلى من أجل المتابعة بعد إجرائهم للعمليات، حجم هائل من الإنسانية التي تتجلى بأصدق صورها، وفي كل مرة نزورهم ندرك أن هذه الأرض تحمل فوقها شعباً لا يمكن أن تكسره كل محاولات القهر والتفرقة.

ثماني حالات، بينهم طفل في الثامنة من عمره، جميعهم أجابوا نفسَ الإجابة حين سألناهم عن كلمة يقولونها لمن تبرع لهم .. "نعجز عن الشكر"، وتتعزز هذه الجملة في نفسك لمجرد النظر في عيونهم واختلاف ملامحهم المفاجىء.

تُجرى عملية زراعة الكلى للمتبرع والمتبرَّع له في نفس اللحظة، قبل الدخول إلى غرف العمليات يحاول كل منهما أن يشحن أكبر قدر من الدعم للأخر، وهم يسألون الأسئلة ذاتها في أنفسهم وللأطباء، هل ستنجح العملية، هل سنرتاح أخيراً من عناء الغسيل الشاق، هل سنعود لمدارسنا وجامعاتنا وعملنا كأي إنسان ؟

عُمر .. حينَ ولدته أمُّه مرتين عُمَر .. طفل صمد في وجه مرض جيني يؤدي إلى تكون زلال يؤثر على عمل كليتيه، حاول جاهداْ أن يقاوم ماكينة غسيل الكلى كي لا تسحبه من أصدقاء الحي والمدرسة مدة عامٍ ونصف.

انتظر الأطباء عمر مدة عامٍ ونصف كي يصبح وزنه مناسباً لعملية الزراعة، وهو الأن بين أيدي الأطباء في غرفة العمليات، يجهزونه لاستقبال جزء من أمه، التي تخضع لعملية في الغرفة المجاورة له.

بعد أن يخرج الأطباء كلية أمه ويضعونها في وعاء كي يزروعها في ولدها، تدرك تماماً أن حباً أبدياً سار من غرفتها إلى غرفته، وأن ولادة ثانية يخضع لها ابنها الأن، وأن العطاء هنا لا يمكن وصفه إلا بالفداء.

يزرع الأطباء الكلية في جسد الطفل، يراقبون عملها، تتغير ملامح الحذر والتركيز لتصبح ملامح بهجة وارتياح بنجاح العملية، حينها يكون حقاً قد دُفنَ التعب والمعاناة وانولدت حياة جديدة للطفل، بدون عناء غسيل ثلاثة أيام أسبوعياً بعيداً عن الأهل والأحبة والألعاب.

مئات العمليات بنسبة نجاح فائقة

قصص جديدة يسّطرها مرضى أُجريت لهم عمليات زراعة الكلى في مجمع فلسطين الطبي قبل أيام، لتضاف لمئات العمليات التي أجريت في السنوات الأخيرة، والتي بلغت نسبة نجاحها أكثر من 95%، على أيدي أطباء مهرة.

لأول مرّة يجري طاقم طبي في مجمع فلسطين الطبي ثماني عمليات زراعة كلى مرّة واحدة، جميعها تكلّلت بالنجاح، لتضاف لمئات العمليات التي أجريت منذ عام 2010، بسنبة نجاح فاقت 97%. 

تقول وزيرة الصحة د. مي الكيلة "أجرى الأطباء العمليات في ذكرى نكبتنا الأليمة، لنؤكد للعالم أن شعبنا سيظل معطاء يتقاسم كلَّ معاني الحب والفداء، ويتمسك أكثرَ بالحياة والصمود في أرضه".

تضيف وزيرة الصحة " بعد كلِّ عملية تجريها طواقمنا الطبية الفلسطينية، نؤكد على أنّنا نمضي قُدماً نحو توطين العلاج، وفي كلِّ إنجاز نحققه يزداد دعمة القيادة السياسية للقطاع الصحي وتطوير وإحداث نهضة شاملة في القطاع الصحي".

وتكمل الوزيرة "نفخر بطواقمنا الطبية وطواقم التمريض والتخدير وكافة الطواقم العاملة في جميع مراكز العلاج الحكومية، وأشكر كل من يقدّم الخدمة الطبية الجيدة لمواطنينا في كل مكان في الوطن"

من جهته، قال المدير التنفيذي لمجمع فلسطين الطبي د. أحمد البيتاوي إن عمليات زراعة الكلى في مجمع فلسطين الطبي أصبحت تمثّل هوية نجاح كبير في مجال القطاع الصحي في الوطن، وأن العديد من الحالات أجرت العمليات في المجمع وفضلته على العديد من مراكز العلاج الخاصة، لنسبة النجاح الكبيرة التي تحظى بها.

وذكر استشاري أمراض وزراعة الكلى ورئيس الفريق لزراعة الكلى في مجمع فلسطين الطبي د.عبدالله الخطيب، أن العديد من الأطباء في الدول المجاورة يشيدون بالطاقم الطبي العامل في مجمع فلسطين الطبي الذي يجري عمليات زراعة الكلى، بحضور أطباء فلسطينيين من الأردن الشقيق، وهما استشاري جراحة الأوعية الدموية وزراعة الكلى د. وليد مسعود واستشاري جراحة الكلى والمسالك وزراعة الكلى د. عبد الكريم الزيتاوي، وأن كل الحالات يتم متابعتها قبل وأثناء وبعد عملية الزراعة، للتأكد من كافة الفحوصات الطبية اللازمة، والاطمئنان على حالتهم، وإعطاء الإرشادات اللازمة للمحافظة على صحتهم.

وأضاف رئيس قسم جراحة الكلى والمسالك البولية بمجمع فلسطين الطبي د. مراد بركات، أن نسبة الرفض لدى المرضى متدنية جداً وهي من أفضل النسب والنتائج إقليمياً، وتضاهي الأرقام العالمية، وأن إجراء ثماني عمليات مرة واحدة بنجاح يعتبر مفخرة لنا وللقطاع الصحي في فلسطين.