هل تكون "الأنظمة السحابية" طوق نجاة للمؤسسات في غزة بعد قصفها؟

هل تكون "الأنظمة السحابية" طوق نجاة للمؤسسات في غزة بعد قصفها؟
تعبيرية
خاص دنيا الوطن - رفيف عزيز
تُطل علينا إسرائيل كل يوم بجريمة جديدة، تُضاف إلى سجل جرائمها التي لا تنتهي، وتستهدف دائماً المؤسسات التي تنطق بالحق، وتُسلط الضوء على الحقيقة، فتعمل على إطفاء نورها بصاروخ غاشم ينسف مقراتها في مُحاولة لتكميم أفواه الحق.

ولأن الحقد الإسرائيلي لا ينتهي، فقد تكون "الأنظمة السحابية" هي طوق النجاة لهذه المؤسسات، سواء أكانت إعلامية، أو تجارية، أو علمية.

ما هي الأنظمة السحابية؟

اشتهرت الكلمة (Cloud) والتي تعني سحابة، واستمر انتشارها خصوصاً في العام 2010؛ لتصبح كلمة تحتوي على كل التطبيقات والبرمجيات والأنظمة، التي يمكن التعامل معها من خلال الاتصال بالإنترنت، ويكمن معنى الحوسبة السحابية في التحول من استخدام التطبيقات عبر أجهزة الكمبيوتر أو الاتصال بالشبكة الداخلية؛ ليكون من خلال متصفح الإنترنت، ومن أي مكان في العالم، ولا يحتاج الأمر سوى الاتصال بشبكة الإنترنت.

وحاول محمود أبو غوش، وهو متخصص أمن معلومات، تبسيط هذا المفهوم بطريقة أخرى، فقال: "الحوسبة السحابية هي عبارة عن مجموعة من السيرفرات مربوطة ببعض، ولها قدرة معالجة كبيرة، وتتحمل الكثير من الأشياء، كمثال عليها برنامج (دروبوكس) و(جوجل درايف)، يتم وضع ملفات كثيرة بها كأي موقع، ولكن الميزة أن المُستخدم يستطيع فتح تطبيقات (الأوفيس) دون أن يكون (الأوفيس) مُحمل على جهازه من الأساس، والمعالجة تكون كلها عبر الأنظمة السحابية، وليست لدى المُستخدم".

وضرب أبو غوش، أمثلة على تطبيقات الحوسبة السحابية تبين مدى أهميته قائلاً في حديثه لـ"دنيا الوطن": "لو فرضنا أن أحد المُمنتجين يريد عمل مادته، سيحتاج إلى جهاز و(ركستشن) بمواصفات عالية جداً، لكن الحوسبة السحابية تُوفر له برنامج (البريمير) عبر (الكلاود)، وما عليه إلا أن يرفع ملفاته عليها، ويعمل المونتاج والمعالجة كلها على جهاز عادي بمواصفات عادية، ولا يحتاج سوى إلى إنترنت عالي السرعة للرفع والتنزيل".

واستطرد: "المعالجة التي ستتم عبر الكلاود، ستكون مدتها ثوان معدودة، بينما لو كانت على جهاز عادي، فستحتاج ساعة مهما كان مواصفاته عالية".

الشركات المُستهدفة

ويرى أبو غوش أن المؤسسات التي تحتاج الأنظمة السحابية في غزة هي الجامعات والوزارت الحكومية والمواقع الإعلامية، وكل أقسام تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات.

وأضاف: "في ظل وجود قصف من المُحتل بدون سابق إنذار، لن يتمكن من إنقاذ بياناتهم سوى الأنظمة السحابية، لأنها تكون خارج البلد، ولا تحتاج لأي مقر أو بنية تحتية".

ويرى أبو غوش، أن الأنظمة السحابية عظيمة جداً، ولكن هناك مخاطر تواجه المستخدم، أولها الخصوصية، وقال: "المستخدم سيكون لديه شك دائم أن بياناته مكشوفة لدى شركات الحوسبة السحابية، فهي بإمكانها الاطلاع على بيانات المستخدمين والتحكم فيها، وهذا أمر خطير، وهذا الخوف من انتهاك الخصوصية سيطر على بعض الشركات في غزة، رغم أن الأغلبية تتجه للتحويل إلى الأنظمة السحابية".

وأضاف:"هناك مخاوف أخرى أنه في لحظة ما لن يستطيع المُستخدم الوصول إلى بياناته، فالشركات السحابية قادرة على السيطرة عليها، وحذف المحتوى، فهي تقرأ المحتوى وتحلله بشكل مُستمر".

  كيف تُنقذ المؤسسات بعد القصف؟

وشرح مهند شراب، الرئيس التنفيذي لشركة ماف آند لوجيكتيا، أنواع الأنظمة السحابية قائلاً: "يوجد في غزة عدة شركات، فهناك شركات تعمل على نطاق محلي، ويوجد شركات تُصدر برمجيات خارج غزة".

وأضاف شُراب في حديثه لـ"دنيا الوطن: "تستفيد الشركات من الأنظمة السحابية بطريقتين، فإما أن يتم تخزين البيانات فقط، وإما أن يكون سيرفر يتعامل مع تكنولوجيا النظام السحابي، و أي شركة تريد مواكبة التكنولوجيا عليها أن تستخدم الأنظمة السحابية، وخاصة في غزة لأنها ستحمي بيانات الشركة في حال تم قصف مقراتها وتدمير أجهزة الهارد وير الخاصة بها".

وأضاف ": "الشركات التي لديها عمل خارج غزة تعتمد بشكل أكبر على الأنظمة السحابية، ويجب أن يكون لديهم سيرفرات بشكل أساسي خارج البلد، لأن تجهيز السيرفرات مُكلف جداً بشكل عام، ولا تتوفر الإمكانيات في غزة بسبب ظروف الحصار وقطع الكهرباء، فتتجه الشركات إلى أخد سيرفرات ستورج في النظام السحابي، وتستخدمها الشركات لتخزين البيانات وأحياناً تستخدمها الشركات البرمجية لتجريب أنظمة معينة".

ويرى شُراب أن البرامج التي تُصنع للشركات في غزة عبر الأنظمة السحابية هي الحل الوحيد والمنفذ الوحيد لضمان عدم توقف الشركات خلال الحروب الإسرائيلية على غزة، وخلال جولات التصعيد المُتتالية التي حدثت في الآونة الأخيرة.

وشرح الأمر قائلاً: "تقوم الشركات بتحميل جميع مهامهم وبياناتهم وبرامجهم على سيرفرات الأنظمة السحابية لضمان حفظها في حال حدث مكروه، وضمان استمرارية خدماتها، وهذا هو الأهم لدى أي شركة".

إيجابيات وسلبيات

وسرد شُراب إيجابيات وسلبيات الأنظمة السحابية قائلاً: "الأمان الذي توفره الشركات خارج غزة لوجودها خارج دائرة الصراع هي أهم ما يُميزها، أما سلبياتها، فهي أنها تتطلب سرعة إنترنت عالية لتستطيع الشركة نسخ البيانات، والإنترنت سرعته محدودة في بعض الشركات".

وحول حماية البيانات، أكد شُراب أنها ليست أحد السلبيات قائلاً: "إذا وضعت الشركة بياناتها ونسختها الإضافية عبر الأنظمة السحابية، ولكن بسيرفر خاص، فهذا يوفر لها حماية أكبر، وبالتالي لا يستطيع أن يدخل أحد إلى بيانات الشركة، كما أن التقدم التكنولوجي يُوفر الكثير من الأمان، ويجعل من الصعب اختراقها، وحجم الخطر أصبح قليلاً جداً بفضل تقدم التكنولوجيا".

وختم شُراب: "يستهدف النظام السحابي أي شركة ومؤسسة لديها بيانات من جامعات ومؤسسات إعلامية وشركات برمجية وغيرها".

ويؤكد معتصم عواجة، وهو مُطور برمجيات وتطبيقات، أن الشركات سواء أكانت تكنولوجية أم لا، أنها بحاجة لاستخدام الأنظمة السحابية في عملياتها، وأهمها الأرشفة، قائلاً في حديثه لـ"دنيا الوطن": "النظام السحابي يتيح استمرارية تخزين المعلومات دون خوف من انقطاع تيار كهربائي أو حرب، بعكس فكرة تخزين البيانات على أجهزة الشركة التي يمكن أن تتضرر فتضيع البيانات، وهذا حدث في شركات كثيرة".

تكلفة عالية والمُقابل كبير

وتحدث عواجة عن تكلفة النظام السحابي قائلاً: "التكلفة حسب طبيعة الشركة، فمثلاً إذا كانت شركة إعلامية تستخدم النظام السحابي كقواعد بيانات لتخزين المراسلات والأخبار، سيكون السعر مُرتفعاً نوعاً ما".

وأضاف: "أما لو كانت شركة برمجية تحتاج أن تُخزن كل شيء على النظام السحابي سواء الأكواد والبيانات وغيرها، تختلف الأسعار حسب الشركة المستضيفة، فلو تحدثنا عن مايكروسوفت وأمازون وغيرها، كل شركة منها تأخذ مبلغاً مُختلفاً، وهذا سيكون أوفر للشركات بكثير مما لو كانوا خزنوا بياناتهم على أجهزتهم العادية وتم تدميرها، حينها سيخسر كل شيء".

واستطرد عواجة: "حين نتحدث عن تكلفة التخزين المحلية، ستكون أوفر بكثير من استخدام الأنظمة السحابية، فالأخيرة تحتاج إلى خطة دفع شهرية، وتتراوح الأسعار من شركة لأخرى، ولكن حين نطلع على الخدمات، النظام السحابي سيضمن حفظ بياناتي ووجودها وقت ما أحتاجها، ويحميها من العطب، وبالتالي هو الأفضل".

ونصح عواجة الشركات في غزة بالتوجه للأنظمة السحابية قائلاً: "استخدامها للأرشفة وحفظ المعاملات داخلها أفضل من استخدام وحدات تخزين داخلية، فالنظام السحابي، يوفر للشركة الحماية ويتيح له الوصول الدائم للبيانات والملفات، التي يضمن عدم عطبها، فلو كانت على وحدات تخزين محلية، مجرد انقطاع الكهرباء المتكرر في غزة يُتلفها، أو يعيق عملية الوصول للبيانات".

يُذكر، أن أحد الإحصائيات التي نشرتها الوكالة الرسمية (وفا) ضمن ملف وطني، أفادت بأن الحرب الإسرائيلية على غزة، أدت  لتدمير(581) مؤسسة عامة، منها (149) دمرت تدميراً كلياً و(432) جزئياً، (31) مقراً لمنظمات غير حكومية، و(53) مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، و(60) مؤسسة صحية، بما في ذلك (15) مستشفى طالها القصف.

التعليقات