تقرير: "الزراعة الحضرية"مصدر آمن للغذاء وطوق نجاة لمئات العائلات في غزة

رام الله - دنيا الوطن
سلط تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا الضوء على مشروع "الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الغذاء والمياه في قطاع غزة، والذي نجح في تحسين القدرة على الصمود وتخفيف المعاناة، وتعزيز آليات التأهب للأسر الأكثر هشاشة، والمساهمة في تعزيز ونشر ثقافة الزراعة الحضرية في قطاع غزة.

وجاء في التقرير: "في وقت يعاني قطاع غزة من أكبر نسبة كثافة سكانية في العالم -حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة على مساحة 365 كيلو متر مربع- بات التمدد السكاني والعمراني غولين ينهشان ما تبقى من آلاف الدونمات الزراعية وذلك بتسارع مرعب، يهدد سلّة غذاء للسكان قادرة على أن تغنيهم مؤونة الاستيراد من الخارج".

نُفّذ مشروع "اللاستجابة الانسانية" من قبل مركز معًا، بالشراكة مع البرنامج المشترك للمساعدات الدنماركية/ النرويجية. يهدف إلى نشر وتعزيز ثقافة الزراعة الحضرية، السيادة الغذائية، تمتين الجانب الاقتصادي، وإيجاد مشاريع مدرة للدخل لبعض المستفيدين.

تضمنت أنشطة المشروع تلبية الاحتياجات الغذائية الفورية لألف أسرة (7781 فرد) من مناطق متفرقة في قطاع غزة من خلال تنفيذ أربعة أنشطة رئيسة مختلفة هي: القسائم الالكترونية من الخضار والفواكه والدواجن الطازجة والبقالة، قسائم المياه المحلاة الصالحة للشرب، الزراعة الحضرية داخل منازل الأسر المستهدفة لتحسين الإنتاج المنزلي الآمن للغذاء، نشاط الجهوزية للعمل في أوقات الطوارئ.

الزراعة الحضرية ...ما هي؟

خلال أنشطة المشروع جرى إنشاء 8 وحدات مشاهدة في مختلف مناطق قطاع غزة (الشمال-غزة-الوسطى-خانيونس-رفح)، وعقدت جلسات توعوية لقرابة 2249 فرد عن أهمية الزراعة الحضرية ونشر ثقافتها، ونفذ أيضًا تدريبٌ نظري وعملي عن الزراعة الحضرية لـ300 أسرة، وإنشاء 3 وحدات منزلية مدرة للدخل..

"الزراعة الحضرية" عبارة عن استغلال المساحة المتاحة في إنتاج الغذاء، من خلال استثمار الموارد المتوفرة والمساحات غير المستغلة في المدن من الأراضي الفارغة بين الأبنية والمساحات فوق أسطح الأبنية السكنية، والمستشفيات والمدارس، وجوانب الطرق لزراعة الخضروات. وقــد تتضمن أنشـــطة أخرى لإنتاج الغذاء كتربية الدواجن، والحيوانات المنزلية والأسماك وغيرها.

فوائد كثيرة

يؤكد المهندس "مصطفى حنون" المشرف على المشروع أنه نفذَ -بالإضافة إلى تحقيق الأمن الغذائي للأسر- بهدف كسر حدة المشهد البنياني وتلوينه بالأخضر "في إشارة إلى المزروعات".

ويعدُّ هذا المشروع امتدادًا لمشروعين سابقين نفذا من قبل مركز معا، استهدف الأول 50 مزارعًا والثاني 170 مستفيدًا، في حين سيتم تنفيذ مشروع آخر مستقبلاً، وذلك للنجاح الكبير الذي حققته تلك المشاريع.

وفيما يتعلق بوحدات المشاهدة؛ فقد أكد م. حنون أنها اكتسبت نجاحًا كبيرًا، حيث زارتها العديد من الوفود الخارجية لتكتسب المعرفة وتكتب قصصاً عن دورها في اعانة أهل القطاع.

وينبه إلى أن بعض المستفيدين عملوا على تحويل الوحدات إلى مشروع مدرٍّ للدخل، وهو ما يسعى إليه مركز معا من خلال العمل على توسيع هذه الوحدات وبيع منتجاتها في الأسواق من قبل المستفيدين أنفسهم.

واللافت هنا أن ما تنتجه "وحدة الزراعة "العضوية" يقارب ما تنتجه الزراعة العادية بنفس المساحة، مع فارق في الجودة وسلامة في البيئة، كما يقول.

زراعة اقتصادية وصحية

عدد المهندس طارق عبد العاطي أحد المشرفين على المشروع  من مركز معا، أنماط الزراعة الحضرية ما بين إنتاج نباتي (زراعة فناء وحول المنازل، زراعة أسطح المنازل)، إنتاج حيواني ( دواجن، أغنام، أرانب)، استزراع سمكي (تربية الأسماك).

ويؤكد م. عبد العاطي أن الزراعة الحضرية تتميز عن الزراعة التقليدية، بأنها تعتمد على موارد بسيطة وغير مكلفة، وتستخدم مساحات صغيرة، وتوفر الاستهلاك المنزلي من الغذاء، وتنتج غذاء سليماً وخالياً من المبيدات الخطيرة.

ويضيف عبد العاطي: "تتعدد فوائد الزراعة الحضرية، فمن ناحية اقتصادية: زيادة كمية الغذاء، توفير مصدر دخل، الاستفادة من المخلفات النباتية والحيوانية كسماد في المزارع والحدائق الحضرية، واستثمار الموارد غير المستغلة.

أما من ناحية المنفعة البيئية فتعمل الزراعة الحضرية، وفق عبد العاطي، على تلطيف درجة حرارة الجو، وتقليل الضوضاء والرياح وامتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وخفض انبعاث غاز الميثان من مكبات النفايات، وتقليل استخدام المدخلات الكيميائية الملوثة للتربة.

نصائح وإرشادات

وفق عبد العاطي، يمكن لأي شخص إنشاء مزرعة حديقة فوق الأسطح أو في البلكون أو في الفناء الخلفي أو في ممر المنزل بناءً على الموارد المتاحة لديه من مياه ومساحة وموارد أخرى متتبعا الخطوات التالية: اختيار المكان المناسب، مصادر المياه المتوفرة، مدى توفر الإضاءة (أشعة الشمس)، التسميد، الموسم الزراعي.

وبحسب عبد العاطي، يعتمد قرار إنشاء الحديقة المنزلية على المساحة المتوفرة في المنزل، حيــث يمكن إنشاؤها في أي مكان فارغ ولكن لابد أن يكون معرضاً لضوء الشمس لأطول مدة خلال اليوم.

أيضًا يمكن لأي مهتم إنشاء الحديقة في أكثر من مكان في المنزل، بناء على ما يتوفر لديه من قطعة أرض فارغة سواء أمام أو خلف المنزل،  سطح المنزل، الممرات – البلكونات، الجدران المعرضة للضوء.

ونظرًا لأن الكثير من السكان خصوصًا في قطاع غزة يعانون من ندرة المياه في الأحياء الحضرية، ويكون وصولها في أيام محدودة من الأسبوع، يُنصح بتوفير بعض الخزانات البلاستيكية لحفظ المياه لحين الحاجة اليها، ثم البدء في التخطيط للحصاد المائي لمياه الأمطار وذلك عبر تنظيف سطح المنزل ومحاولة تصريف المياه وتجميعها في خزانات، زراعة نباتات ذات احتياجات قليلة للري مثل (الملفوف، الفجل، الفلفل، اللفت، الجرجير، الكوسا، الباذنجان والملوخية).

أيضًا من المهم توفر كمية مناسبة من الضوء (أشعة الشمس) في الحديقة، نظرًا إلى استخدام النبات للضوء في عملية البناء الضوئي، لذا يجب تجنب زراعة نباتات في أماكن مظللة على مدار اليوم، ومن الضروري محاولة إفساح المجال لدخول ضوء الشمس، وذلك بإزالة أي معيق يسهل إزالته ويحجب الضوء عن الحديقة.

وفي حالة الزراعة في البلكون وفق عبد العاطي، يجب وضع النباتات في المكان الأقرب للضوء، علما بأنه يجب توفير ثماني ساعات من الإضاءة للنباتات على الأقل، وفيما يتعلق بالتسميد فيجب الاعتماد على السماد العضوي والابتعاد عن الكيميائي، لما له من أضرار كثيرة على البيئة وصحة الإنسان.

وتوجد أنواع كثيرة من السماد العضوي منها المخلفات الحيوانية كزبل الدجاج والأغنام والأبقار والحمام، ويعد الكمبوست أفضل سماد عضوي، حيث أنه ينتج من تحلل المخلفات النباتية والحيوانية.

المعرفة ضرورية

يرى م. عبد العاطي، أنه من الضروري أن يعرف المهتم بإنشاء الحديقة للتوقيت المناسب للمزروعات، فالنباتات تزرع حسب موسمين، البارد مثل: (البطاطس، الثوم، البازيلاء، السبانخ، الخس، الفجل، الجزر، البقدونس، السلق، الفول)، أما نباتات الموسم الدافئ، مثل: (الشمام، البطيخ، البندورة، الملوخية، الكوسا، الباذنجان، الفلفل، البامية، الخيار).

وهناك نوعان من طرق الزراعة، الأول بالشتلات ومن محاصيلها: ( فراولة، فلفل، باذنجان، طماطم، نعناع، كرنب، البصل)، النوع الثاني: الزراعة بالبذور ومن محاصيلها: (اللوبيا، الفاصوليا، فول، بازيلاء، كزبرة، جرجير، شبت، ملوخية، خيار، كوسا).

وهناك اعتبارات يجب الأخذ بها عند زراعة الأسطح، وهي أن يكون النظام المستخدم خفيف الوزن (اختيار نظام الزراعة المناسب). أن لا يسرب النظام المياه من السطح إلى داخل البيت. أن يتعرض الزرع لأشعة الشمس المباشرة ( ٤ - ٥ ساعات على الأقل يومياً).  تجنب الأماكن المعرضة للرياح الشديدة.  وأن يكون الزرع قريباً من مصادر المياه.

كما يجب تنظيف المساحة المراد زراعتها من الأوساخ والحجارة والحشائش الضارة وأي مخلفات زراعية، وتسميد التربة من خلال إمداد التربة بالعناصر الغذائية الضرورية لنمو النباتات من خلال زيادة محتوى المادة العضوية في التربة، وأيضًا حرث التربة بهدف الحد من تواجد الآفات والحشرات، وزيادة مكافحة الحشائش الضارة وتهوية التربة، ويلزم أيضًا تخطيط الأرض والمقصود به تحديد خطوط الزراعة ومكان زراعة الأشتال، حسب المسافات المحددة لكل نبات، سواء اشتال شجرية او خضروات.

ويمكن مكافحة الآفات والأمراض التي تصيب المحاصيل بطرق طبيعية متعددة وسهلة التطبيق، وباستخدام موارد متاحة في كل منزل كمسحوق الفلفل والثوم.