برضه مصلحتنا مع سوريا

برضه مصلحتنا مع سوريا
برضه مصلحتنا مع سوريا

حمادة فراعنة

أريد أن أصدق وزير الصناعة والتجارة طارق الحموري أن « قرار منع وحظر المستوردات من سوريا جاء لتطبيق المعاملة بالمثل، رداً على الإجراءات التي يتخذها الجانب السوري إزاء صادراتنا « وأكثر من ذلك أن « القرار أردني بامتياز « ولم تكن دوافعه « أي ضغوط خارجية على الأردن « وأن « الحديث عن إملاءات على الأردن ليس صحيحاً « . 

أريد حقاً أن أصدق ذلك، ولكن غرفة تجارة عمان تقول عكس ما قاله الوزير المكلف من قبل مجلس الوزراء في شهر تشرين الثاني الماضي بمعالجة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ وصفت قرار الوزير بمنع استيراد بضائع من سوريا على أنه « متسرع وغير مدروس « وأن القرار « مجحف بحق القطاع التجاري « وأنها « ترفض القرارات التي تصدر من دون التشاور معها ومع ممثلي قطاعات الأعمال والاقتصاد، ولا تستند على حقائق، وغير مدروسة، ولا تراعي مصالح مختلف القطاعات الاقتصادية « . 

هذا رد مهني اقتصادي من أصحاب المصلحة التجارية، على قرار الوزير بمنع استيراد بعض السلع السورية، وبوضع إجراءات إعاقة لسلع أخرى، رداً على الإجراءات السورية المجحفة بحق سلع أردنية . 

ولكن ما هو المدلول السياسي لقرار الوزير؟ هل سوريا البلد الجار الشقيق التي عانت ما عانت من تدمير وخراب ومؤامرات تئن منها الجبال على قسوتها، تستحق المعاملة بالمثل ؟؟ أم أن هذا البلد بحاجة لمعالجة ذيول ما عاناه، وتداعيات التسريب المالي أو البشري أو التسليحي، بالرد عليه بالمثل أم بطول البال والصبر ؟؟ . 

لقد تحملنا وما زلنا تداعيات دمار سوريا وخرابها استقبال مليون ونصف المليون سوري، ما زال الجزء الأكبر منهم على أرضنا وفي بلدنا يستنزفون إقتصادنا ومياهنا ويعملون منافسين لعمالنا وأشغالنا، ولم يخرج أردني واحد محتجاً على وجودهم وأثقالهم ومتاعب منافساتهم، رضوخاً لعامل الأخوة وتأكيداً للتاريخ المشترك والتطلع لعودتهم سالمين مكرمين لوطنهم، ونحن في أمس الحاجة لعودتهم لبلدهم، فكيف يمكن فتح بوابات الحوار مع الدولة السورية تسهيلاً لعودة مواطنيها ونحن في حالة حرب تجارية صغيرة ضيقة نتبادل القصف الإجرائي تأكيداً على مقولة « المعاملة بالمثل « وإذا كانت هذه المقولة مبدئية عندنا لا مجال للمساومة على مضمونها وتأكيداً لتنفيذ ما تحتويه من معايير، فهل نحن نتعامل مع أخرين بنفس هذا الوضوح والتشدد؟؟ . 

معالي الوزير خد على راسها شوية، وتصرف بمعقولية، على الأقل كما تقول غرفة تجارة عمان بإعطاء الفرصة « للتواصل مع نظيرهم السوري لدراسة المعوقات التي تواجه تجارة البلدين والعمل على معالجتها «، ولذلك أقترح لو خرج الوزير بتصريح يقول فيه « إننا نتفهم ظروف سوريا، وتتسع صدورنا لهم رغم أنهم لا يعاملوننا بالمثل، ومع ذلك ستبقى حدود الأردن وسوقه مفتوحة للواردات السورية مساهمة منا لاستعادة الاقتصاد السوري لعافيته، وحتى يقف على رجليه، لأن لنا مصلحة وطنية وقومية مشتركة مع مستقبل سوريا « ألا يكون ذلك أفضل لنا من العمل على إغلاق حدودنا بقرار غير موفق سياسياً على الإطلاق، ويضعنا في حالة حرج أمام شعبنا الأردني المتعاطف مع سوريا، لإدراكه أن ما تعرضت له سوريا لمصلحة العدو الإسرائيلي، ضار لنا وعلينا، وأبسط الضرر هو تدفق الهاربين السوريين من جحيم الموت والتفجيرات وقسوة الأفعال غير الإنسانية التي دفعت شعباً لأن يغادر وطنه مُرغماً . 

نتطلع إلى موقف حكومي حازم بوقف قرار وزير الصناعة والتجارة حتى ولو سلمنا جدلاً أنه يسبب لنا بعضاً من الأذى، ويخرق مبدأ المعاملة بالمثل، لمصلحة أقوى وأفعل وإعطاء نتائج أخوية أفضل تهزم القرار السوري بود واحترام وكرم أردني زائد، بدلاً من القصف المتبادل على قاعدة المعاملة بالمثل المجحفة وبما يتعارض مع ما نملكه من قيم وطنية وقومية تفرض علينا أن ننحاز لسوريا ولشعبها ونتفهم معاناتها ومشاكلها وربما عتابها الشديد علينا، وربما لديها ما تقوله لنا من عتب وزعل وعدم رضا .    

[email protected]

التعليقات