شكرا بلاطة: قلبك أعاد نبض الحياة الى المخيمات ووحد أبناءها.. والحملة مستمرة

شكرا بلاطة: قلبك أعاد نبض الحياة الى المخيمات ووحد أبناءها.. والحملة مستمرة
رام الله - دنيا الوطن
تغزو قضية المريض الفلسطيني عبد الله محمود بلاطة (23 عاما) أبن مخيم عين الحلوة، (الذي يحتاج الى إجراء عملية علاجيّة في القلب باهظة التكاليف تنوء بحملها عائلته بكلفة 150 الف دولار)، منازل كل اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات البؤس والفقر بلا استئذان، تضاف الى همومهم اليومية التي لا تنتهي، وتتراكم فوق معاناتهم التي لا توصف، تغدو حديث الناس الأهم.. وربما الوحيد بلا منازع، بعيدا السياسة والأمن والخلافات وحتى "صفقة القرن" الاميركية، والمخططات المشبوهة التي تهدد وجودهم ومصيرهم في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ القضية الفلسطينية.

 ثمة تعاطف منقطع النظير مع هذه القضية الانسانية التي تحولت الى قضية رأي عام، لم تعد ملكا لعائلته الصغرى بلاطة، ولا أقاربه أو أبناء بلدته، ولا حتى لمخيم عين الحلوة، بل تحولت الى قضية كل المخيمات، وهي تحمل من العبر الكثير، فالشعب الفلسطيني اللاجىء المحروم من أبسط حقوقه المدنية والاجتماعية والصحية والحياة، اراد بتضامنه مع بلاطة أن يوصل رسالة، مؤادها انه عازم على تحدي المرض.. بالشفاء، واليأس والاحباط بالأمل، والبكاء بالفرح، والسبب بسيط أن أبناء المخيمات أنفسهم يشعرون بمعاناة بعضهم البعض في المرض، بلا حواجز وأدوات تجميل، ويدركون جيدا معنى العمليات الجراحية المكلفة، وأن تكون روح انسان بين الحياة والموت، فقد ملوا وهم يبحثون عن تأمين أموالها بين أروقة "الأونروا" الضيقة، فيما تقديمات الضمان الصحي لـ "منظمة التحرير الفلسطينية" محدودة بسبب الحصار السياسي والعجز المالي، وحتى الجمعيات الخيرية والانسانية، ورغم كل ذلك يبقون عاجزين عن سداد كامل المبلغ.. الا من رحم ربي.

والنتيجة في الدورة اليومية لحياة الفلسطيني مع المرض، ان بعضهم مات بصمت في زوايا المنزل ولم يعرف بوجعه الا القليل، وبعضهم الاخر على ابواب المستشفيات وطويت صفحة الاحتجاجات وبقي الجميع يراوح مكانه في ذات المعاناة، دون السير الى الامام، بل العودة الى الوراء، مع التقليص المتواصل في موازنة وكالة "الاونروا" المعنية برعاية شؤون اللاجئين وتشغيلهم، الموظفون انفسهم هذه المرة ارادوا أن يعبروا عن تضامنهم، فقرروا التبرع للمريض بلاط، ثمة أسباب موجبة، لا يستطيع أحد أن يغيب عن حملات التضامن والا كان مجهول الضمير.

ما يضفي على قضية المريض بلاطة، أولا: ان كلفة العملية باهظة الثمن نحو 150 الف دولار اميركي، ستدفع الاونروا منهم 20 الف دولار فقط،  فيما لم تعلن بعد اي من الفصائل الفلسطينية رغبتها بالتبرع والمساعدة، وثانيا: انه شاب ما زال في مقتبل العمر ويستحق المساعدة فكانت حملات التضامن معه حتى وصل المبلغ حتى أمس الى نحو 73 الف دولار والحملة ما زالت مستمرة، وثالثا: ادارة الحملات من مختلف شرائح المجتمع، والشفافية في جمع التبرعات وتسليمها واعلان المبلغ التي جرى جمعها، في عودة الى ذاكرة العام 2012 حيث مر الشعي الفلسطيني بقطوع سابق، تمثل بشراء ارض وتحويلها الى مقبرة جديدة في مخيم عين الحلوة، حينها نجحت المبادرة الخيرية التي قادها رجل الاعمال العصامي عدنان ابو سيدو والشفافية في جمع التبرعات المالية في تأمينها واعادت جانبا من الثقة المفقودة بين الشعب الفلسطيني، بين القيادة والقاعدة، ورابعا: أهمية دور الاعلام الفلسطيني ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر القضية والتي حولتها في غضون ايام قليلة الى قضية رأي عام، الكل إعتبر نفسه معنيا بها، وكأنها قضيته الشخصية، وينتظر تحقيق النجاح وجمع ما تبقى من مال ليخضع بلاطة للعملية الجراحية ويعود قلبه يخفق من جديد بمحبة الناس.

واذا كان من قول حقيقي، فان الشكر للمريض بلاطة الذي اعاد جمع أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية بعد الخلافات السياسية والاشكالات الامنية المتنقلة والمربعات لفترة من الزمن، ووحد المخيمات بجغرافيتها المتناثرة شمالا وجنوبا وجبلا وبقاعا وفي القلب بيروت، اعاد الامل الى الشعب بعدما كاد يفقده، وبانه ما زال معطاء رغم الفقر المدقع والبؤس والحرمان، الشكر له لانه اعاد لكل فلسطيني نبض انسانيته في ظل التفكك  وقد تجلت مظهر التكافل الاجتماعي بأبهى صورته، في شهر شعبان، حيث ثواب فعل الخير مضاعفا وعلى ابواب شهر الرحمة رمضان، نريد ان نقول للمريض بلاطة، ان كل المخيمات معك وتقف الى جانبك ولن تألو جهد في دعمك، وكن على يقين ان من لم يستطع ان يتبرع بالمال او الحلى او القجة او المصروف اليومي، فانه رفع أكفه الى رب السماء بالدعاء والشفاء العاجل لك.

وأخيرا، لا يفوتني ان أذكر صديقي وأخي فادي (وهو دائما لا يحب ان يذكر أسمه في فعل الخير ويده في ذلك ممدودة سرا) الذي اتصل بي باكرا على غير عادته في الصباح، بعدما قرأ قضيته، مستفسرا عن المريض بلاطة، معربا عن رغبته بتقديم الدعم المالي، في مظهر يكشف ان هذه القضية قد دخلت الى كل بيت، وتحولت الى حديث العائلات، فقمنا سويا بزيارة المستشفى ولقاء والد المريض محمود بلاط حيث تبرع بمبلغ من المال فيما زوجته تبرعت بالذهب، على امل الشفاء العاجل.

يذكر ان المريض بلاطة يعاني من قصور في عضلة القلب وقصور في القلب وبحاجة إلى عملية زرع قلب إصطناعي، هو حاليا يرقد في غرفة العناية المركزة في مركز لبيب الطبي في صيدا منذ 17 نيسان الجاري، والا فان حالته الصحية ستسوء وهي تكلف نحو 150 الف دولار أميركي، دفعت منها وكالة الاونروا فقط 20 الف دولار اميركي، بينما لا يملك أهله منهم شيئا فوجه والده وأهله وأقاربه نداء انسانيا للمساعدة، فتضامنت معه المخيمات الفلسطينية في لبنان، فهب أبناؤها الى تقديم يد العون والمساعدة من أجل تأمين تكاليف العملية الباهظة وسارع عدد من رجال الدين ووجهاء وتجار سوق الخضار ولجان الاحياء والروابط الناشطين الفلسطينيين ومن مختلف المخيمات، الى اطلاق حملات لدعمه ومساعدته تحت شعارات مختلفة "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، "إنّ السابقين إلى فعل الخيرات في الدنيا هم السابقون إلى جنّات عدن يوم القيامة"، "من ينفق إنما ينفق لنفسه"، "كالبيان يشد بعضه بعضا".

وقد حدد المتطوعون مراكز ثابتة للتبرع سواء في عين الحلوة او مدينة صيدا، وابلغ رئيس لجنة الزكاة والصدقات في عين الحلوة الشيخ جمال خطاب ان حملة التبرعات للمريض عبد الله بلاطة ما زالت مستمرة، تحت شعار " يا باغي الخير أقبل"، قائلا "بتبرع من اهل الخير والاحسان، دفع اهل المريض عبد الله محمود بلاطة، لمستشفى لبيب الدفعة الأولى من ثمن القلب الاصطناعي الذي تقدر تكلفته بمئة وخمسين ألف دولار أمريكي وبلغت قيمة هذه الدفعة 109٫827٫000 ل.ل (مئة وتسعة ملايين وثمانمئة وسبعة وعشرين الف ليرة لبنانية) وهذه الدفعة هي من اهل الخير والاحسان وهي تعادل بالدولار 73,218 $، أي قريب من نصف المبلغ. ومن المتوقع ان تساهم الاونروا بمبلغ عشرين ألف دولار أمريكي. ونحن بانتظار المساهمات الأخرى من المؤسسات التي تعنى بقضايا اللاجئين والمحتاجين من المرضى، اضافة الى تبرعات اهل الخير. وما زلنا في لجنة الزكاة والصدقات في عين الحلوة نستقبل تبرعاتكم على العنوان التالي: عين الحلوة، الشارع التحتاني، مسجد النور، الطابق الثاني . هاتف 03719269 _ 03174112 وانه ممكن استلام التبرعات في أي مكان على الاراضي اللبنانية بارسال مندوب لاستلامها.

وما زالت الحملة مستمرة..

التعليقات