مقهى من الأخشاب يتذوق رواده رائحة البحر

مقهى من الأخشاب يتذوق رواده رائحة البحر
رام الله - دنيا الوطن
هديل صرصور
  عانى ممدوح أبو حصيرة (40 عاماً) الذي كان يعمل بمهنة الصيد في بحر غزة لسنوات طويلة جراء الانتهاكات  اليومية التي تعرض لها هو وباقي الصيادين من محاربة الاحتلال الإسرائيلي لهم في رزقهم ولقمة عيشهم، جراء تلك المهنة المحفوفة بالمخاطرة قرر ابو حصيرة تركها، والبحث عن غيرها، فلم يستسلم لفكرة البطالة وبدأ بالتفكير كيف يُمكّنه فتح مشروع خاص به، لإعالة نفسه وأفراد أسرته وبأقل التكاليف اللازمة  لمستلزمات حياته اليومية.  

فالمواطن الغزي يؤمن بأن الحياة تستحق الحب والتحدي والوقوف في وجه كل الظروف من أجل الوصول إلى الهدف المنشود ، رغم كافة المعيقات التي تواجهه بسبب الحصار والإغلاق منذ 12 عاماً، وهذا ما فعله أبو حصيرة بإنشاء مقهى يتميز عن من سواه من المقاهي.  

 يسرد أبو حصيرة تفاصيل أنشاء المقهى التي تتكون مقتنياته من الاخشاب، قائلا: "استغرق مني التخطيط والدراسة الشاملة لمشروعي وتوفير رأس المال حوالي ثلاث سنوات، مشيراً أنه قبل عام بالفعل استطاع من إنشاء "مقهى" على شاطئ بحر غزة وحصلت على ترخيص من البلدية بشكل رسمي.

   تمكن أبو حصيرة من توفير نحو 35 % من تكلفة تجهيز المقهى بفضل اعتماده على اخشاب صناديق البضائع وحولها إلى أثاث وأضاف عليها لمسات غير تقليدية ،وانطلق المقهى باسم "رويال بلازا" وبعد فترة من الافتتاح رزقه الله بمولودة فسماها مارينا وحول اسم المقهى لـ"مارينا كافي". 

 يتناغم المظهر العتيق لمقاعد يصبغ خشبها لونه الطبيعي وطاولات يكسوها شراشف من التراث القديم وممراته المحاطة بالزهور النادرة ، مع إضاءة خافتة ترسم مشهداً كلاسيكياً يضفي عليه صوت المطربة أم كلثوم ، الأمر الذي أدى لجذب الأفراد والعائلات ما وفره المكان من جلسات تشعرهم انهم خارج القطاع المحاصر.

 وأضاف أبو حصيرة وهو منشغل في حساب الزبائن: "لا نقوم بفرض ضريبة على طاولة الجلوس ولا نفتح حساب زجاجة ماء بشكل إجباري كباقي المقاهي، فيقوم الزبون فقط بدفع سعر المشروب الذي يطلبه وذلك بسعر رمزي"، مبينا أنهم يسمحوا بدخول اي مأكولات من الخارج، والاحتفال بأعياد ميلاد إضافة الى تصوير وبأسعار مناسبة للجميع.  

 وفي نهاية حديثه اشار إلى أن مقتنيات المقهى التي تتكون من الاخشاب التي جعلت منه مزار للكثير من الزبائن  ففي بعض الأيام يكاد لا يجد مكانًا لبعض الزبائن بسبب امتلاء المكان، مشيرا إلى أنه  في بعض الأحيان يستقبل اتصالات سابقة من الناس؛ لحجز الطاولات خوفًا من المجيء وعدم إيجاد مكان فارغ لهم وهذا الاقبال الكبير سببه الأسعار المقبولة لدى الجميع وهذا يستقطب الناس من كل الفئات.

 وعلى بعد طاولتين من المكان الذي يجلس به أبو حصيرة  تجلس أسيل أبو حزيمة من سكان شمال القطاع جباليا، تقول:" إن المقهى رائع وذات مظهر كلاسيكي مميز، وصاحب المقهى والعاملين فيه ذو أخلاق عالية ،منحني هذا المكان الخصوصية التي احتاجها، كمان أكسبني العديد من الصداقات وخلق مني شخصية اجتماعية، واختتمت حديثها " مين في النا غير الكافيهات والبحر الي هو المتنفّس الوحيد لنا". 

وعلى طاولة خشبية مستديرة تتبادل الصديقات كاريمان وأسيل النقاش فيما بينهم أمام النافذة التي تطل على شاطئ البحر:" إن هذا المكان مختلف عن غيره بجوه اللطيف الذي يأخذنا إلى عالم أخر، وهو "الملجأ" الذي نتردد عليه بشكل شبه يومي؛ للراحة والابتعاد عن الأجواء المحيطة التي تبعت الاكتئاب في المنزل ، وضغوطات الجامعة.