عربيسك وولاية "بيبي" الخامسة

عربيسك وولاية "بيبي" الخامسة
مقال بعنوان: عربيسك وولاية "بيبي" الخامسة.
بقلم: أحمد طه الغندور.
11/4/2019.
من المعروف أن الحضارة الإسلامية قد أهدت الإنسانية فناً راقياً يستخدم في البناء والزينة، هو فن الزخرفة الإسلامية، أو المعروف عالمياً بالكلمة الفرنسية "أرابيسك"، ويميل هذا الفن إلى استخدام الفسيفساء في العمل والتي تعتبر من أهم مكوناته.
وعادةً ما ترسم اللوحة الفسيفسائية مشهداً جمالياً ترتح له النفس من خلال توظيفها واستخدامها لعدد كبير من القطع الصغيرة الملونة من الفسيفساء، التي تعكس بحس مرهف هذا المشهد. 
لكن تُرى ما المقصود باللفظ "عربيسك " الذي تصدر المقال؟
لعله يمكن أن نُخمن أن القصد من ورائه، أن الحالة العربية بعد تلاشي زمن الخلافة الإسلامية، ثم انحسار مرحلة الوحدة العربية والدولة القومية، وبعد قدوم البشرى بولاية "بيبي" لفترة خامسة في "تل أبيب" ودخول "صفقة القرن"؛ قد بدأت مرحلة "تفتيت الدولة"، هذا الكيان السياسي البسيط إلى مجموعة العشائر المختلفة المذاهب والمشارب، والمتنازعة على الزعامة والسيطرة فيما بينها، وهو ما نشهده في مناطق مختلفة في المشرق أو المغرب العربي، بقصد تحويل اللوحة الجميلة للوطن العربي إلى قطع صغيرة باهتة اللون والهوية، متفككة لا يمكنها بأي حال أن تُبرز معناً محدداً.
لذلك لابد أن يُسارع الزعماء العرب ومراهقي السياسة إلى الحضور إلى "تل أبيب" للمباركة وتقديم فروض الطاعة لصاحب الدولة القومية المتوسعة في المنطقة "دولة اليهود" التي خُصصت فقط لليمين المتطرف.
فلم يعد الوقت يسمح ببرقية تهنئة عبر الأثير أو حتى بلقاء يخوت في "إيلات" أو كما تُسمى تاريخياً " أم الرشراش "، بل يجب الحضور بصورة علنية مبالغ فيها إلى "تل أبيب" وللمصداقية إلى "أورشليم" العاصمة الأبدية محفوفاً بالهدايا وبأكبر عدد من الصُحفيين لعل وعسى بأن يحظى هذا الزعيم المُفدّى بوقت أطول على "كرسي الحكم" دون الانقضاض على دولته!
وإلا فإن العجلة قد دارت من جديد، ولقاء "القمة العربية" القادمة سيفتقد قيادات تم حذفها من المشهد.
لكن يا ترى؛ هل ستكفل هذه المجاملة "للقائد" بالاحتفاظ بـ "كرسي الحكم" إلى الأبد؟
أي حتى يتغمد الله الشعب برحمته؛ بوصول "الزعيم" إلى مقامه في دار القرار، وإجابتي الواثقة بأن ذلك لن يكون، بل هو محال!!
أما لماذا هو محال، فهو ما يمكن تلخيصه بما جاء في الآية الكريمة من " سورة الحج " والتي تقول " فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ " (45).
فالقيادات العربية لم تتوقف عند الظلم لشعوبها فقط، بل أمعنت بالظلم في إهدار الموارد والثروات الطبيعية، والطاقات البشرية المميزة التي تزدحم بها المنطقة، لذلك كانت النتيجة أن يتكالب الغرب عليها، يقودها في هذه المرحلة غلاة "الصهيونية ـ المسيحية"، تنفيذاً لـ "صفقة القرن" التي وإن كانت تهدف في عنوانها على إلغاء فلسطين بكل مكوناتها من الخارطة السياسية، إلا أنها في مجملها موجهة ضد " الوطن العربي " بمكوناته العقائدية والقومية وثرواته الطبيعية.
كيف يُمكن أن يسمحوا بأن تكون الجزائر حاضنة لحلم الاستقلال الفلسطيني؟ 
وكيف للسودان أن يستقر ويُشكل سلة الغذاء للوطن العربي؟
كيف للخليج أن ينعم بهذه الأموال والثروات، التي يمكن أن تدعم الوجود الفلسطيني في القدس؟
كيف للعراق وسوريا الاستمرار بكونهما الضمير الحيَ للعروبة؟
كيف لمصر أن تكون صمام الأمن للوطن العربي والإسلامي؟
من الطبيعي أن يكون كل ذلك وغيره مرفوضاً بشكل قطعي، وإلا لن تنجح "صفقة القرن"!
أصبحنا اليوم نعي بشكل واضح جداً أن " دوائر صنع الفـــراغ" ـ نعم وليس القرارـ لم تقدم هذه "الصفقة" للسلام، بل هي خطة للحرب متواصلة الى "هار مجدون"!
أخيرا وليس بأخر، هنيئاً لكل جاهل، بنتائج الانتخابات الإسرائيلية، وهنيئاً لكل مُشارك بالصفقة، فلا خوف علينا وعلى فلسطين الغالية منهم أو منكم، واحذوا أن تتحولوا إلى "عربيسك"!

التعليقات