العزم والطموح

العزم والطموح
 د. يسر الغريسي حجازي

10.04.2019

العزم والطموح 

"اجعل حياتك حلمًا ، وحلمًا حقيقة واقعة" 

أنطوان دي سانت إكزوبري (1900-1944)

من منا لم يحلم بتحقيق طموحاته؟ ما الذي يمنعنا؟ لماذا نشعر بالحسد اتجاه الآخرين الطموحين عندما يمكننا اخذهم كمثال لنا؟ هل هم أكثر ثقة بالنفس منا أم لديهم قوة إرادة أقوي من التي نملكها؟ أول شيء يجب أن نفهم أنه النجاح هو نتيجة عمل حقيقي على أنفسنا، وتحقيق ما نريد أن نكون وان نحصل عليه. لا شيء يحدث بشكل عشوائي ، ولكن وفقًا للاصرار على تحقيق أحلامنا وجعلها حقيقة وواقع نريد ان نعيشه. إن إدراك الطموح عند الفرد هو النظر إلى البعد الرابع لقوة العيش، واستيعابنا للحياة والجهاد في المغامرة، بحثًا عن لقمة العيش، والكرامة، والتطوير والمجد في سبيل النجاح والحصول علي حياة لائقة. يجب أن نمتلك الشجاعة والمثابرة ، لكن لا بد لنا ان نقوم بدراسة المشروع والتحديات التي تنتظرنا. أولاً ، نبدا بكتابة المشروع ، ودراسة  كل مرحلة دون أن ننسى ان اضافة البدائل امر ضروري  في حالة عدم تحقيق النتائج المرجوة.

 غالبا لا يتم تشجيعنا من الناس من حولنا، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحمل المسؤوليات و اول ما يفكرون به هو خطر الإفلاس المالي ، أو المنافسة السيئة التي يمكن أن نتعرض لها بشكل مفاجئ، وأن الحفاظ على وظيفة مستقرة في مؤسسة أضمن بكثيرمن خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر. 

في بعض الأحيان لا يستطيع أحد منا التقدم في طموحاته، لأننا نجد أنفسنا ضعفاء ومهووسين بالتحديات التي قد تظهر وتضعفنا لدرجة التخلي عن المشروع. ليس فقط أن يكون لدينا خطة جيدة فحسب، بل علينا أيضًا التاكد من ان اهدافنا قابلة للتحقيق و .نتطلع ان تكون قراراتنا حكيمة وواقعية.

لقد عشت شخصياً هذه المغامرة المثيرة للجدل من حيث الديناميكية والالهام، و التي حققت لي نجاحات باهرة لسنوات على الرغم من محاولات الإحباط التي واجهتها من الكثير من الناس من حولي و لكنني لم أستسلم أبدًا. ومع ذلك ، شعرت أن هذه الفكرة من حولي كانت تخنقني أحيانًا لانها تجلب لي الطاقات السلبية، لكنني لم أستطع أبدًا إيقاف هذه الالة التي زادت من سرعتها في كل اتجاهات الإنتاجية. ببساطة ،أن محاولات الاحباط الخارجية عززت لدي ولجميع من كانوا معي في المغامرة اصرارا قوي و أداءً أدى إلى إبطاء أداء هذه الآلة والتي في الحقيقة لا تتوف في اصدار المزيد من الإلهام والإنجاز وفتح فرص جديدة اخري. شعرت لأول مرة أن حلمي اصبح حلم كل من شارك فيه، وانه يتقدم بسرعة البرق ليصبح صيغة مفعمة بالحيوية بسبب انه يفيد ويخدم فئة كبيرة من المجتمع.  لقد فهمت أيضًا أن الحلم يتم مشاركته مع الآخرين حتي يشعرصاحب المشروع بفرحة النجاح، و يمكن لكل المشاركين أن يكون لديهم نفس شعور الفرحة بالنجاح. في كثير من الأحيان ، نحن ننظر إلى الريادية علي انها ليست بمتناول الجميع، وان هؤلاء الرياديين يتمتعون بامتيازات من حولهم جعلتهم ينجحون. ذلك ليس حقيقي، بسبب ان اقامة مشروع هو عمل دؤوب يتطلب الكثير من الحسابات والحنكة الادارية و بدون تقديم دراسة جيدة حولل المشروع لا يمكننا تحقيق الانجازات.  وبالتالي، من الممكن التوضيح أن هناك قادة وأتباع أيضًا، ولكل واحد منهما مهارات، وهذه هي الطريقة التي تحدد بها المجتمعات صفاتها الأخلاقية والفكرية.

كما يتطلب تحقيق أحلامنا الشجاعة، لأن الابتعاد عن الروتين هو اختيار استقلاليتنا بمسؤولية وإدارة الوقت الخاصة بنا..

ان نظرية العزم والتمثيل من خلال الإرادة ،وهو الشرط للتركيز على الذات. يوضح شوبنهاور (1912) ، في كتابه "العالم كإرادة وتمثيل" ، أن إرادة الإنسان لا تكل ، وأنه من المستحيل إخماد عطشه للمعرفة لغاية ما تتحقق طموحاته. يذكر الفيلسوف الألماني شوبنهاور، أن حلم الإنسان يتمحور حول السقف الاعلي  لارادة الانسان على التمثيل (الكون) ، لأن الوجود والإرادة هما اللذان يوفران المحتوى للتمثيل. ومع ذلك ، يؤكد الفيلسوف الالماني نيتشه أن سلطة التمثيل تركز على الإرادة باعتبارها القوة الوحيدة للتمثيل. 

صحيح أن تحقيق أحلامنا يتطلب الكثير من الصبر والثقة في النفس، كما يجب أن نعرف كيف ننتظر لنحصل علي نتائج مرضية وعلينا تقدير مجهوداتنا وتذوق النجاح مع أولئك الذين رافقونا وساهموا في اقامة المشروع ونجاحه. 

تحدث الفلاسفة جميعًا عن الإرادة باعتبارها غريزة منطقية، وسمات للإنسان. لا يمكننا العيش بدون طموحات أو بدون حلم، لأن الحلم يجسد طموحاتنا وكذلك التنمية البشرية. 

ومع ذلك ، هناك خطوات يجب اتباعها من أجل تغذية أحلامنا وتحقيق ما يمكن أن يجعلنا سعداء ، وهي :

1-تعزيز المناخ الروحي الذي يجعلنا نشعر بالراحة حتى تتدفق أفكارنا بوضوح، واختيار الحلم الذي يمكن أن يناسبنا. والحلم هو أيضًا التغلب على مخاوف المرء، والحصول على ضبط النفس في كل شيء،

2-رسم مجاز ورؤية ذو المدي الطويل للمشروع ، وتدوين الملاحظات، وإضافة أدلة توضح طاقات الإلهام والإنتاجية والرفاهية للجميع ،

3-القيام بكتابة المشروع والنتائج المتوقعة لكل مرحلة تطوير ، وأخذ في الاعتبار النتائج التي قد تختلف عن النتائج المتوقعة. تكرار العمليات الحسابية للتاكد ، حتى ننكتشف نقاط الضعف التي تحتاج إلى تحسين. إن إعادة الحسابات تجعل من الممكن تحمل مسؤولية المشروع ونتائجه،

4-الاستعانة بالصبر ، واحاطة انفسنا بأشخاص إيجابيين للحفاظ على ديناميكيتنا والبقاء مستيقضين للاستجابة في العمل وايجاد  فرص للتحسين.

صحيح أن تحقيق أحلامنا يتطلب الكثير من الصبر والثقة، ومن الضروري معرفة كيفية الاننتظار لنرى النتائج الجيدة، كما علينا تقدير مجهوداتنا ، وتذوق النجاح مع أولئك الذين رافقونا وساهموا فيه.

التعليقات