عيسى: المسيحيون ركيزة هامة في التاريخ الفلسطيني المعاصر والحركة الوطنية

رام الله - دنيا الوطن
أشار الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى الى تميز الكنائس المشرقية عن الكنائس الغربية في عدة محاور ، معدداً منها حفاظها على الهوية الثقافية القديمة، وإصرارها على القيام بدور الداعم للهوية القومية لمجتمعاتها، وهذا ما كانت ترفضه الكنائس الغربية بسبب إصرارها على وجوب قيام دول مسيحية تواجه محاولات إقصاء الثقافة المسيحية من المشرق – طبعاً وفق نظرة الغرب للمشرق– مما دفع بظهور جدل واسع بين مسيحيي الشرق ودول الغرب حول كيفية الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق. وبالتالي هذا ما دفع بالدول الغربية إلى زرع فكرة وجوب قيام كيان مسيحي في الشرق يكون بمثابة "الملجأ" للمسيحيين، وهذا ما نجحوا فيه بإعلان قيام دولة لبنان الكبير عام 1920، إلا أن ذلك تغير نحو سياسة إفراغ الشرق من المسيحيين مع بداية ظهور المد القومي العربي حتى تبدو المنطقة تعيش حالة حرب بين الغرب المسيحي والشرق غير المسيحي، وبالتالي هذا يسوغ وجوب السيطرة عليه لنشر "الحضارة" و"التمدن" فيه.

وأضاف عيسى: " بالنسبة للمسيحيين الفلسطينيين خاصة فهم ينحدرون من شعوب المنطقة الجغرافية لفلسطين التاريخية، والتي هي مهد الديانة المسيحية، وينقسمون الى أربع طوائف مسيحية أساسية:الكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية، الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية، الكنائس الرومانية الكاثوليكية (اللاتينية والشرقية والكنائس البروتستانتية. الا انه بعد قيام دولة الاحتلال الاسرائيلي ازدادت هجرة المسيحيين، حيث كانت أولى وجهات المغترب المسيحي أمريكا اللاتينية، بالاضافة إلى أمريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا، واليوم يعيش أغلب الفلسطينيين المسيحيين خارج فلسطين التاريخية وبالمقابل فان أكبر تجمع مسيحي فلسطيني يتواجد في التشيلي. وشكل المسيحيون الفلسطينيون في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس  وقطاع غزة ركيزة هامة في التاريخ الفلسطيني المعاصر والحركة الوطنية منذ بداية القرن الماضي. ومنهم رواد كبار في الحركة القومية العربية أبرزهم جورج حبش وكمال ناصر ونايف حواتمة ووفا الصايغ. وقد سطرت أسماء كبيرة  مسيرة النضال الفلسطيني اليومي من المثقفين والقادة الكفاحيين المتوغلين في تفاصيل المعركة الثقافية والوجودية على ارض فلسطين".

وبنظرة خاطفة للمستقبل المسيحي في الشرق لخص د. عيسى: "بقاء المسيحيين على حالة الحياد، انخراطهم في الحراك السياسي السلمي، حمل السلاح للدفاع عن النفس".

واشار تعتبر سوريا بالنسبة للمسيحيين الأرض التي انطلق منها التبشير المسيحي إلى كافة أنحاء العالم، فهذه الأرض هي التي احتضنت الكنيسة الأولى منذ عهد تلاميذ السيد المسيح، ومنها انطلق بولس الرسول "أعظم كارز بالإنجيل"، وتحتضن سوريا مجموعة من الكنائس هي الأقدم في العالم، ويحتفظ عدد من سكانها باللغة الآرامية التي تحدث بها السيد المسيح، وشكل المسيحيون في سوريا على مر التاريخ نموذجاً للقدرة على الاندماج في المجتمع والتعايش مع كافة الثقافات والأديان. 

ونوه عيسى الى أنه ومع بداية عقد الثمانينيات تنبه الفاتيكان إلى خطورة إفراغ الشرق من المسيحيين، لأن ذلك سيفقد الكنيسة جذورها الأولى في العالم، وسيفقدها أيضاً الدور الذي يجب أن تلعبه في محاولة إحلال السلام العالمي، فبدأ الفاتيكان بالحديث عن ضرورة تحسين أوضاع شعوب العالم الثالث والحفاظ على الأمن والاستقرار فيها، لأن هذا هو الضامن الوحيد لتجذر المسيحيين في الأرض التي ولد فيها السيد المسيح، والتي نمت فيها الكنيسة الأولى.