الأخطار الخفية للقيادة في العواصف الرملية

الأخطار الخفية للقيادة في العواصف الرملية
رام الله - دنيا الوطن
سواء كان ذلك في الطريق من وإلى العمل أو إيصال الأطفال إل المدرسة او شراء لوازم البقالة، يقضي الناس في الإمارات وقتاً أطول في الطريق مما كانوا في السابق. فعلى الصعيد العالمي، نمضي حوالي 10 ساعات أسبوعياً بالتنقل داخل المركبات، أما في دبي، فحوالي ساعتان من ذلك الوقت يضيعان في الازمات المرورية كل أسبوع.

وإلى جانب الإحباط الذي تسببه أزمات السير وبعض السائقين ممن يقومون بتصرفات مزعجة، فإن هناك في الواقع مشكلة أكثر خطورة، وإن كانت غير ظاهرة للعيان – وهي تلوث الهواء. فالأمر لا يقتصر على تأثير الهواء داخل المركبات على صحة الركاب، حيث أن العواصف الرملية التي تهبّ من الصحراء تحمل معها الكثير من الشوائب والملوثات الأخرى.

وفيما تتم تصفية الجزيئات الأكبر حجماً، فإن الملوثات التي يقل قطرها عن 10 ميكرون تجد طريقها بسهولة لتستقر في الرئتين، لتدخل من هناك إلى مجرى الدم وتصل إلى القلب. وتصف منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء بأنه التهديد الأخطر على صحة البشر، إذ تقدّر أنه أدى إلى 4.2 مليون حالة وفاة مبكرة عام 2016 لأسباب ترتبط بالسكتة أو اعتلال القلب أو الأمراض الرئوية المزمنة أو سرطان الرئة أو التهابات الجهاز التنفسي السفلي والسكري. ويعدّ قطاع النقل مصدراً رئيسياً لهذا العبء الصحي نظراً لمساهمته في ارتفاع تركيز الجزيئات الدقيقة (2.5 ميكرون) والأوزون وثاني أكسيد النيتروجين.

وتتفاقم تلك المخاطر نظراً لكون الهواء داخل السيارة قد يكون ملوثاً أكثر من الهواء الخارجي بواقع 15 ضعفاً، وفقاً لأبحاث كينغز كوليدج لندن، وذلك على عكس الاعتقاد السائد بأن الهواء داخل السيارات أكثر أماناً منه في الطريق. وعلاوة على ذلك، وجد العلماء في جامعة سوري أن الهواء في السيارات العالقة في أزمة مرورية يحتوي على شوائب تصل إلى 40 ضعف الشوائب في السيارات المتحركة – وكل ذلك يشير إلى مخاطر صحية هائلة على كل من يقضون ساعات في الطريق، صغاراً وكبارا ، ولهذا فمن المستحسن أن يفكّر مستخدمو المركبات بمدى الأثر المترتب على تلك المخاطر وكيفية التخفيف من أثرها.

ما هي تلك الجزيئات غير المرئية بالضبط؟ يتألف الهواء داخل المركبة عادة من مجموعة ملوّثات، وقد تضم الجزيئات الملوثة لهواء السيارات هنا في الإمارات مركبات فائقة الدقة من الهيدروكربونات والكاربونيل والمركبات العضوية شبه المتطايرة وجزيئات البلاستيك الدقيقة والميكروبات – كالجراثيم والسخام، وذلك بحسب أبحاث أجرتها الجامعة الأمريكية في الشارقة. وخلال الأجواء المغبرّة، يكون الكوارتز ومركبات السليكا الأخرى والكالسيت والجبس وأملاح البحر من أبرز الملوثات المنقولة بالهواء. أما في السيارات الجديدة على وجه الخصوص، فهناك أيضاً خطر المركبات العضوية المتطايرة كالبنزين والتولوين والفورمالدهايد التي تنشأ عن المواد المستخدمة في صنع المركبة وتجهيزاتها الداخلية كالبلاستيك والبوليستر والجلد.

يؤدي استنشاق تلك الوائب إلى دخولها الجهاز التنفسي، حيث تسبب الضرر بمختلف الطرق. فالجزيئات الخشنة، والتي يتجاوز قطرها 10 ميكرون، مرتبطة بمشاكل الأنف والمسار التنفسي العلوي، بينما تصل الجزيئات الدقيقة إلى مناطق عميقة في أجسامنا لتسبب مشاكل على المدى الطويل كالسرطان وإعاقة النمو الدماغي لدى الأطفال.

وقبل ان تستبعدوا تلك التهديدات، فكروا بالأبحاث التي أجرتها إمشن أنالتكس، حيث تقول المؤسسة الرائدة عالمياً في مجال الاختبارات والبيانات لقياس الانبعاثات أنها فحصت  11 طرازاً مختلفاً من السيارات التي تسير حالياً على طرق المملكة المتحدة، والتي يباع العديد منها في الإمارات، ووجدت أن نظام تكييف الهواء في غالبية السيارات غير قادرة على التقاط المواد الدقيقة والشوائب الأخرى. فبعض الطرازات يمكنها فقط احتجاز  بالمائة من إجمالي مسببات التلوث، فيما تتمكن الأخرى من السيطرة على 35 – 40 بالمائة منها. ولهذا فإن ركاب تلك السيارات سيستنشقون ما يصل إلى 13 مليون جزيء ملوّث مع كل نفس يأخذونه، لتتضاعف المخاطر بشكل كبير في حال العواصف الرملية المسببة للأزمات المرورية. تظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الهواء في أبوظبي يحتوي على ما يقارب ثلاثة  أضعاف الملوثات فائقة الدقة التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون مقارنة بالغلاف الجوي في لندن. ففي لندن يمكن السير أو استخدام الدراجات الهوائية إلى العمل مما يساعد في تخفيف التلوث، وهو خيار غير متاح بسهولة في أبوظبي.

من الحلول السهلة لتلك المشكلة تزويد سيارتك بنظام فلترة لهواء المقصورة مع جهاز لتنقية الهواء في الداخل، ويشار هنا إلى أن أفضل المنتجات هي تلك التي توفر الهواء عالي الكفاءة HECA، ويفضل تلك التي تحتوي على الفحم النشط لامتصاص الروائح والملوثات الغازية من الهواء وتصفي 95 بالمائة من الجزيئات الملوثة بقطر دقيق للغاية حتى 0.1 ميكرون. ومن الممكن أن يساعد تزويد سيارتك بنظام فلترة لهواء المقصورة مع جهاز لتنقية الهواء في الداخل في تقليل التعرض للملوثات الخطيرة في الهواء.

وبوسع المواطنين المهتمّين بالقضايا المدنية القيام بخطوة إضافية والتأكيد على الحاجة الملحّة إلى أنظمة تصفية الهواء داخل المركبات وفرضها عالمياً لتحسين نوعية حياتهم وحياة أطفالهم – فصحتنا أهم من أن نتهاون بشأنها.