غزة ما بين الحرب والهدنة.. 30 آذار ليس كـ 1 نيسان.. ماذا ينتظر الفلسطينيون؟

غزة ما بين الحرب والهدنة.. 30 آذار ليس كـ 1 نيسان.. ماذا ينتظر الفلسطينيون؟
خاص دنيا الوطن
يتأهب قطاع غزة، لإحياء الذكرى الثالثة والأربعين ليوم الأرض، والذي يُحييه الفلسطينيون في جميع أماكن تواجدهم داخل وخارج فلسطين، يوم 30 آذار/ مارس من كل عام.

إحياء هذا العام، سيكون مختلفًا كثيرًا عن الأعوام الماضية، لاسيما وأنه يأتي في ظل دخول الفلسطينيين، للعام الثاني على التوالي في مسيرات العودة، والتي انطلقت قبل عام، حيث دعت الهيئة العليا لمسيرات العودة، لمليونية في هذه المناسبة، تأكيدًا على حق الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة، وكذلك لاستمرار الضغط على إسرائيل، بهدف كسر الحصار عن قطاع غزة، وهو الهدف الثاني "المرحلي" للمسيرات.

وسيتزامن مع مظاهرات قطاع غزة، على الحدود الشرقية، مظاهرات أخرى في عدة عواصم عالمية، إضافة لإقامة مظاهرات سنوية في الضفة الغربية، وفي أراضي الـ48، التي تُعتبر مهد يوم الأرض، لأن أحداث يوم الأرض، انطلقت في آذار/ مارس 1976، بعد أن قامت السلطات "الصهيونية" بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة، في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينيّة، حيث عمّ آنذاك إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، كما اندلعت مواجهات، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.

الوضع في قطاع غزة حاليًا، يختلف عما سبق من الأعوام الماضية، في ظل تضييق الحصار الإسرائيلي، وكذلك عدم وجود وظائف لعشرات الآلاف من الخريجين، وارتفاع معدلات الفقر، وعدم التزام إسرائيل بتفاهمات التهدئة، سواءً التفاهمات الأولية، أو حتى التفاهمات طويلة الأمد، فلا المطار ولا الميناء، ولا الممر المائي، أو حتى تزويد القطاع بخط 161، تم الالتزام به إسرائيليًا رغم الوساطة المصرية المبذولة منذ أشهر.

كما يُمكن القول: إن أعداد الشهداء والإصابات سواءً في قطاع غزة، أو الضفة الغربية، هي في ارتفاع ملحوظ، فقد استشهد خلال أسبوع واحد ثمانية مواطنين.

ولكن وفق الكثير من القادة والمسؤولين، وكذلك المحللين، فإن 30 آذار/ مارس، سيكون مختلفًا عن يوم 1 نيسان/ أبريل، حال قام الاحتلال الإسرائيلي، بقتل عدد كبير من الفلسطينيين، وهدد خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، الاحتلال الإسرائيلي، من التغول على دماء الفلسطينيين، الذين سيشاركون في مليونية العودة، شرقي قطاع غزة.

وقال البطش، في وقت سابق لـ"دنيا الوطن": إن المسيرات حالة شعبية وسلمية وكفاحية فلسطينية، قام به الفلسطينيون في قطاع غزة، لكن على العدو الإسرائيلي، أن يعي أن بُندقية المقاومة الفلسطينية، ستحمي هذه المسيرات.

وقالت صحيفة (يديعوت أحرونوت): إن الجيش الإسرائيلي يستعد لمعركة كبيرة في غزة، مضيفة: "لقد تم تحديث خطط الجيش للمعركة في القطاع، فبعد تشكيل حكومة جديدة ستكون توصيات نتنياهو أو غانتس، التحرك بسرعة من أجل وقف حرب الاستنزاف، لكن هذا ليس متوقعًا قبل يوم ذكرى يوم الاستقلال" (المعروف عربيًا باسم يوم النكبة).

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللذان يقودان المسيرات على حدود غزة، لا يدركان على ما يبدو أنه في الصيف ستتخذ الحكومة الإسرائيلية ومؤسسة الجيش مسارًا جديدًا بشأن قضية غزة والتصرف وفقًا لذلك، ستأتي المبادرة من الجيش ومن المتوقع أن ترد الحكومة وكل مجلس مصغر بعد الانتخابات سيستجيب لها.

مصادر في غرفة العمليات المشتركة، حذرت إسرائيل، من التغول على دماء الفلسطينيين، يوم 30 آذار/ مارس، مؤكدة أن أي "حماقة إسرائيلية، سيكون بمقابلها مواجهة شرسة من المقاومة بغزة".

وقالت المصادر لـ"دنيا الوطن": "خلال الفترة الماضية التزمت المقاومة بضبط النفس، في ظل تدخل العديد من الوسطاء العرب والدوليين، لكن في حال كان هنالك جرائم إسرائيلية، فإن رد المقاومة، سيكون حاسمًا وقويًا، بل سيكون هنالك حسابات جديدة للمقاومة، تختلف تمامًا عما سبق".

وأوضحت المصادر، أنه رغم أن المقاومة لم ترد على جريمة قنص مواطنين شرقي القطاع، الجمعة الماضية، إلا أن الفترة المقبلة، ستكون حاسمة، لأن الحساب زاد كثيرًا، وسيكون الرد موجعًا على الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك مناطق غلاف غزة.

مصطفى بكري، عضو مجلس النواب المصري، كشف عن الأسباب التي دعت جهاز المخابرات المصري، لعدم إرسال وفوده إلى قطاع غزة، رغم اقتراب ذكرى يوم الأرض، والتي ستشهد مليونية يوم 30 آذار/ مارس الجاري.

وقال بكري لـ"دنيا الوطن": إن سببين قامت بهما حركة حماس في قطاع غزة، أديا لعدم إرسال القاهرة وفودها للقطاع، وهما: أنه تم إطلاق صواريخ من غزة لتل أبيب، في ظل وجود الوفد المصري بغزة، قبل أسبوعين، مشيرًا إلى أن السبب الثاني، هو قمع حركة حماس للمتظاهرين في الميادين العامة بغزة، واعتقال النشطاء، والصحفيين، إضافة لكوادر حركة فتح.

وأوضح أنه في السبب الأول، فإن القاهرة فهمت من إطلاق الصواريخ، عدم احترام لها ولوفدها الذي كان يعمل على إنجاز التفاهمات ما بين إسرائيل وحماس، بينما قمع أجهزة حماس للمواطنين بغزة، فهم منه عدم مصداقية مكتب حماس السياسي، الذي زار القاهرة مرات عدة، كان آخرها الشهر الماضي، والتي أكدت من خلالها حماس في عدة تصريحات لقادة الصف الأول فيها، أنه لا يوجد اعتقالات على خلفية سياسية.

الخبير في الشأن العسكري، محمد المصري، قال: إنه في ظل اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، فإن أي عملية عسكرية بغزة، ستؤثر سلبًا على مستقبل نتنياهو، بل ستؤثر على الليكود واليمين كله.

وأكد المصري لـ"دنيا الوطن"، أن أي حالة تراخٍ وتردد من قبل حكومة نتنياهو في مواجهة غزة، سيؤثر كذلك سلبًا عليها وسيسحب الأصوات لصالح المنافس الأبرز بيني غانتس، معتبرًا أن نتنياهو الآن مشوش ما بين التصعيد والتهدئة، فلا قرار لديه في هذا الصدد، وبالتالي سيظل الوضع بغزة، على ما هو عليه، وسيلجأ نتنياهو للحكمة حتى تمر الأيام قبيل الانتخابات.

وعن المقاومة بغزة، قال المصري: إن فصائل المقاومة غير معنية بتدهور الوضع الأمني والعسكري، لأن هنالك قوة واحدة وهي حركة حماس، لا تريد التصعيد، بل تطالب بالهدوء، ولن تسمح لأي فصيل بإطلاق الصواريخ، بما في ذلك سرايا القدس الذراع العسكري للجهاد الإسلامي، لأن أحد البنود المُنظِمة لعمل غرفة العمليات المشتركة، ألا ينفرد فصيل بالرد، وإطلاق الصواريخ، وإنما الرد يكون جماعيًا.

أما الكاتب والمحلل السياسي، ناصر الصوير، فأكد أن هنالك إشكالية كبرى، في مسيرات العودة، تكمن بوجود أهداف خفية، لم يتم الإعلان عنها من قبل الفصائل، وتحديدًا حركة حماس، مضيفًا: عندما تبعثرت الأوراق، بدا وأن إسرائيل تتوسل لحماس، عبر الوسيط المصري، وهذا أفقد المسيرات جزءًا من مصداقيتها، لكن في ذات الوقت، أكد أن المسيرات تُعتبر السلاح الأوحد بيد حماس، فلو فشلت فالحركة ستفقد كل ما في جعبتها.

وذكر الصوير لـ"دنيا الوطن"، أن حماس تريد استمرار حكمها للقطاع، عبر استمرار المسيرات، حيث ترى الحركة أنها ستصل في النهاية لتنفيذ التفاهمات، رغم أن إسرائيل تُماطل، إلا أن حماس تعتقد أنها ستكسر الحصار، بعد 12 عامًا على حكمها، لكن لا يمكن لأحد أن يضمن إسرائيل، مستشهدًا بالمفاوضات ما بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي لم تؤدِ للتوصل إلى شيء، متابعًا: "كانت حكومات إسرائيل، تُعطي المنظمة وعودات، بأنها ستُعطيها دولة، وحُكُم، وأراض، وستوقف الاستيطان، ولكن بعد ذلك تتنصل شيئًا فشيئًا، لتُفقد المنظمة توازنها الساسي، ومصداقيتها الشعبية، وها هي تُنفذ ذات الشيء مع حماس".

وبيّن أنه لن يكون أية حروب مقبلة في غزة، لا قبل ولا بعد الانتخابات، حتى لو جاءت حكومة جديدة في إسرائيل، مضيفًا: "الوضع بغزة سيكون ضربة بضربة، فإن استفزت حماس إسرائيل، فإن الرد سيكون بحسب كمية الاستفزاز، كما حدث مؤخرًا في التصعيد الأخير، تم قصف تل أبيب، ورد الجيش بقصف أهداف لحماس، لكن دون اللجوء إلى مواجهة كاملة".

بدوره، قال المحلل في الشأن الأمني، محمود العجرمي: إنه في ظل عدم التزام إسرائيل بالتفاهمات التي تم التوصل إليها، فإن الوضع في قطاع غزة، سيكون متأهبًا كتأهب ما قبل الحرب، كما أن ذات الأمر سيكون في مناطق الغلاف، لأن المستوطنين هنالك لن يطيقوا هذا الوضع، يوم هدوء، ويوم صواريخ.

واستند العجرمي خلال حديثه لـ"دنيا الوطن"، إلى تصريحات قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، الذي قال سابقًا: "إن أي حديث عن تسليم حماس لسلاحها، يعني أن الصواريخ ستتساقط على غوش دان"، أي أن الصواريخ ستتساقط على تل أبيب لمدة ستة أشهر متواصلة، معتبرًا أن حديث السنوار يؤكد أننا ذاهبون لوضع صعب جدًا خلال الفترة المقبلة.

وأضاف العجرمي، "نحن نقف الأن أمام تقديرات تُشير إلى تفجر الوضع ما بين المقاومة الفلسطينية، والجيش الإسرائيلي"، مبينًا في الوقت ذاته، أن تهديدات المقاومة، ستضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وضع مُخز أمام الرأي العام في بلاده، قبيل أسابيع قليلة من انتخابات الكنيست.

وأشار إلى أن الأصعب على الجيش الإسرائيلي، هو إمكانية فتح جبهتي مواجهة، في قطاع غزة، والشمال، في ظل دعوات ترامب لإدارته بضم الجولان للسيادة الإسرائيلية، لافتًا إلى أن فتح جبهتين يعني أننا أمام بداية النهاية لإسرائيل.

التعليقات