الأسرى يحولون عتمة الزنازين إلى منارة إبداع فني وثقافي وأدبي

الأسرى يحولون عتمة الزنازين إلى منارة إبداع فني وثقافي وأدبي
رام الله - دنيا الوطن- ابراهيم مطر 
لا تغيب صورة المسجد الأقصى عن مخيلة واهتمامات الأسرى الفلسطينيين، وتعكس الأشغال اليدوية هذه الاهتمام بما يحمله من آمال وآلام.

في حديث ونوعى مع الأسرى للخروج من صراعات التحقيق والتطرق إلى الحياة الداخلية للأسرى، وكيف يستثمر الأسير وقته كما يوضح أسرى محررون وباحثون في شؤون الأسرى في بحث أجراه إبراهيم مطر مسؤول قسم الإعلام الإلكترونى بمفوضية الشهداء والأسرى والحرحى، أن قدرة الاحتلال على نزع حرية الأسرى لم تنل من عزيمتهم وقدراتهم الإبداعية، واستمرار تعلقهم بمحور الصراع مع الاحتلال، وهو المسجد الأقصى.

والتراث الفلسطينى، الذى يجسد الثوابت والحقوق الفلسطينية التى كانت هى الحلم الذى دافع عنه الفلسطينين، وكان ومازال ثمناً للدفاع عنه من شهداء وجرحى وغربة وتهجير وسجن وابعاد

حيث أوجزت الحكاية والخروج من قفص السجان
وكانت تجربة الأسير المحرر رامى عزارة الذى اعتقل وهو قاصراً، ولم يتجاوز بالعمر الـ ١٧ عاماً وقضي ٨ سنوات بالاسر متنقلاً بين سجن انصار والنقب ونفحة والمجدل بالحديث من خلال تجربته الاعتقالية قائلاً لم يكتفِ الأسرى بتحدي السجان والصمود أمام كل سياساته القمعية، بل ولم تقف كل هذه الممارسات عائقاً أمام أن ينهلوا من الثقافة والعلم.. بل تعدوا ذلك إلى حد الإبداع.. وعندما أبدعوا..جسدوا هذا الإبداع بحبهم وعشقهم للقدس بوصلة نضالنا..وعاصمة وطننا.

ويضيف أن المسجد الأقصى محور القضية والصراع، ولذلك يحتل مكانة واسعة من قلوب الأسرى الفلسطينيين من مختلف الفصائل الذين يحاولون التعبير عن ذلك بما يتاح لهم من إمكانيات، مشيراً إلى أن عمل القبة قد يستغرق ثلاثة شهور بواقع ثماني ساعات عمل يوميا.

ومن ذكريات سجن نفحة.. نفحة الأبطال.. نفحة الرجال.. الرجال تتصدر التشكيلات التي تحاكي قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى إنجازات الأسرى، لكن سلطات الاحتلال كانت تتعمد التضييق عليهم ومنع دخول المواد الأولية اللازمة لعمل الأشغال اليدوية.

ويوضح، أن قبة الصخرة تتصدر الأشغال اليدوية لغالبية الأسرى داخل سجون الاحتلال، لكن بلمسات مختلفة نظراً لتميزها معمارياً ولما تحمله من بعد ديني، مبيناً أنها "تشكل هوية فلسطين أمام العالم".

ومن بين الأشغال التى ابدع بها الاسرى إضافة إلى قبة الصخرة؛ سفينة تحمل القبة، في إشارة لاستمرار المسيرة وحفظ الأقصى من جهة، وحتمية العودة للاجئين الفلسطينيين من جهة أخرى.

والأجمل بكثير من اللوحات الفنية والأشغال والرسومات، السدة التى تحمل همّ الصخرة بوضعها على كتفها، وهمّ ابنها الأسير الذي يمنحها قلبه من داخل سجن النقب ونفحا وريمون وعوفر وعسقلان.

بطرق عدة وفي أحاديث سابقة مع الأسرى يبين حمودة الزغير، وهو أسير محرر، أن الأسرى يعبرون عن تعلقهم بالأقصى بأكثر من طريقة، بينها الأشغال اليدوية، والرسومات الفنية بأقلام الحبر أو الألوان، وبالقصص والمقالات والشعر.

ويوضح، أنه كان حريصاً على رسم قبة الصخرة لما تحمله من لمسة جمالية، وصورة تربط أي إنسان بالمسجد الأقصى الأسير، مبينا أن الأسرى كانوا يخرجون الأشغال اليدوية من السجن لذويهم في الخارج بسهولة.

ويضيف أن أبرز المواد المستخدمة في الأشغال اليدوية قطن الأذنين، وغلاف معجون الأسنان المعدنية، والكرتون المقوّى والحرير، وأحياناً الخبز بخلطه بمادة الغراء، وقشر البيض وبذور نبتة الأفوكادو.

لا يقل اهتمام الأسيرات بالأقصى عن باقي الأسرى، فالأسيرة المحررة هبة الزغير، قضت في سجون الاحتلال عدة أعوام، وظلت خلالها على تواصل مع المسجد الأقصى من خلال التطريز على القماش باستخدام الخرز والحرير.

إن إبداعات الأسرى تعكس ما في خواطرهم من جهة، وتبرق برسالة مفادها أن السجان الذي استطاع نزع حريتهم وتقييد أيديهم، لا يمكنه أن يحبس إبداعهم وتفكيرهم وتطلعهم للحرية.

من جهته يبين الباحث في شؤون الأسرى منقذ أبو عطوان، أن كثيراً من إبداعات الأسرى تعرضت للسرقة والضياع من قبل السجانين، مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال شرّعت ضياع المقتنيات بإقرار قانون يعوّض أي أسير عن مفقوداته بما لا يزيد عن مائتي دولار تقريبا، علما أن المشغولات اليدوية لا تقدر بثمن عند أصحابها.

وأكد استمرار سلطات الاحتلال بمنع دخول أبسط الحاجيات المستخدمة في الأشغال اليدوية، وخاصة الكرتون والخرز والحرير والألوان المائية، في محاولة منها لمحاصرة عقول الأسرى.

وأشار إلى أن ضباط السجون كانوا يعجبون بإبداعات الأسرى، ويستغربون من قدرتهم على صنعها، واستغلال أبسط الإمكانيات مثل قشر البيض.

أما بالنسبة للادب وثورة القلم والكتابة فهناك خمس روايات
فلسطينية كُتبت في سجون الاحتلال الإسرائيلي وهنًا على وهن،
 حمل الأسرى عذاباتهم بين الضلوع وفي المآقي، لكنها أبدًا لم تكسر إرادتهم بل أنمت إبداعاتهم وطورت مواهبهم، وما إن سنحت لهم الفرصة حتى عبّروا عنها بثورة القلم مُبدلين بذلك عتمة الزنازين إلى منارات إبداع أدبي، لا يُعبر فقط عن حالة إنسانية عايشها الأسير في لحظة اختناق أو لحظة نصر بعد انتزاع حق الحرية، بل يؤصل لأبعاد فكرية ونضالية. ومنها القصة والشعر والمسرح.

ومؤلفات تتحدث عن تجربة التحقيق، والاعتقال، وظروف السجن، واستعراض أساليب التعذيب التي يواجهها الأسرى الفلسطينيون على يد المُحققين الإسرائيليين، والتى انتقلت للعالم الخارجى، وأبدع بها المتضامنين في تحسيدها ونقلها للعالم كستائر العتمة والزنزانة ومسرحية لازم تزبط والكثير من الاعمال التى انتجتها مفوضية الشهداء والأسرى والجرحى والمؤسسات المهتمة بشؤون الاسرى، وكانت رسائل للشعوب والعالم اجمع عن مدى المعاناة التى يتعرض لها الاسرى القابعين في سجون الاحتلال.



التعليقات