المطران حنا: نرفض مظاهر التطرف العرقي والتمييز العنصري

رام الله - دنيا الوطن
وصل اليوم الى مدينة القدس وفد اكاديمي جامعي اسلامي من ماليزيا حيث قاموا بجولة في البلدة القديمة من القدس وزاروا المسجد الاقصى وكنيسة القيامة حيث كان في استقبالهم المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس والذي جال واياهم داخل الكنيسة مقدما لهم شروحا وتوضيحات حول اهمية هذا المكان المقدس .

وفي الكاتدرائية استمع الوفد الى كلمة المطران التي تحدث فيها عن اهمية مثل هذه الزيارات التي تأتي في سياق التضامن مع شعبنا ومع مدينة القدس بشكل خاص هذه المدينة المستهدفة في مقدساتها واوقافها وهويتها وتاريخها وابناء شعبها .

القدس مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الابراهيمية الثلاث وانها مدينة تختلف عن اية مدينة اخرى في هذا العالم فلها طابعها الخاص وفرادتها التي تتميز بها ومن واجبنا جميعا ان نحافظ على طابع مدينتنا وهوية عاصمتنا وان نرفض كافة السياسات الاحتلالية الهادفة الى طمس معالم مدينة القدس وتزوير تاريخها وتهميش واضعاف الحضور الفلسطيني فيها .

نستقبلكم في كنيسة القيامة والتي يعتبرها المسيحيون في مشارق الارض ومغاربها بأنها قبلتهم الاولى والوحيدة فهي اقدس مكان يكرمه المسيحيون حيث القبر المقدس والاماكن الشريفة المرتبطة بالمحطات الاخيرة من حياة السيد المسيح على الارض .

نستقبلكم في هذا المكان المقدس الذي دخله الخليفة عمر بن الخطاب حيث استقبله بطريرك القدس القديس صفرونيوس ، نستقبلكم وقلوبنا مفتوحة وايادينا ممدودة كما ان ابوابنا مفتوحة ايضا لكل انسان مؤمن بقيم الحق والعدالة والتسامح والمحبة والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان .

لقد آلمنا كثيرا ما حدث في نيوزيلاندا من عمل ارهابي همجي طال المصلين الابرياء وهذا القاتل الذي تباهى بجريمته لا ينتمي الى الديانة المسيحية ولم يفتح الانجيل المقدس في اي يوم من الايام ، ولو قرأ الانجيل المقدس لما اقدم على ما اقدم عليه لان قيم الانجيل تحثنا دوما على المحبة والرأفة ونبذ الكراهية والتطرف والعنف والقتل .

ان ما اقدم عليه هذا الشخص لا علاقة له باي قيمة دينية او اخلاقية او انسانية فالتطرف العرقي اعمى بصره وبصيرته فتحول الى قاتل يفتخر بجريمته التي بثها على الهواء مباشرة فأدمت قلوبنا هذه المشاهد المروعة لهذه الدماء الزكية التي اهرقت .

وفي الوقت الذي فيه نعرب عن رفضنا للتطرف العرقي فإننا نعلن ايضا عن رفضنا لاي نوع من انواع التطرف والكراهية والعنصرية لاننا نعتبرها مناقضة لقيما الروحية والانسانية والاخلاقية النبيلة .

ان اولئك الارهابيين الذين يعتدون على دور العبادة وعلى المصلين انما هم يسيئون لقيم الاخوة الانسانية ويعملون على تفكيك مجتمعاتنا وبث سموم الكراهية في اوطاننا ولذلك وجب علينا جميعا ان نقاوم ثقافة التطرف والكراهية والعنصرية بثقافة المحبة والاخوة والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان .

نعتقد بأن المؤمنين المنتمين لكافة الاديان في عالمنا انما ينتمون الى اسرة بشرية واحدة ، فالله في خلقه لم يميز بين انسان وانسان فكلنا مخلوقون بنفس الطريقة وكلنا مطالبون لكي نعمل من اجل تكريس قيم المحبة والاخوة والسلام في عالمنا وفي اوطاننا .

اما فلسطين الارض المقدسة فهي بقعة مباركة من العالم غُيب عنها السلام وسُرق منها العدل بفعل ما يمارس بحق ابنائها من ظلم واستهداف للحرية والكرامة الانسانية .

الفلسطينيون مستهدفون ومضطهدون لانهم متمسكون بوطنهم ولانهم يعشقون كل حبة تراب من ثرى هذه الارض المقدسة ويراد لهم ان يتحولوا الى ضيوف في مدينتهم كما انه يراد تصفية قضيتهم هذه القضية العادلة التي يتآمر عليها الكثيرون في عالمنا والمتآمرون على القضية الفلسطينية وعلى القدس هم ذاتهم الذين دمروا في سوريا وفي العراق وفي ليبيا وفي اليمن وفي غيرها من الاماكن ، كما انها الثقافة المغلوطة ذاتها التي استهدفت المصلين الابرياء في نيوزيلاندا كما وفي غيرها من الاماكن .

كم نحن بحاجة للرقي الفكري والثقافي والانساني في هذه الظروف العصيبة التي نمر بها والتي يخطط فيها العنصريون المتطرفون في عالمنا لتقسيم مجتمعاتنا ونسف قيم المحبة والتعايش في صفوفنا وبين كافة مكونات اوطاننا.