رئيس "خبراء السياحة العرب" يحذر من أزمة قادمة في القطاع

رئيس "خبراء السياحة العرب" يحذر من أزمة قادمة في القطاع
رام الله - دنيا الوطن
توقع الرئيس التنفيذي لاتحاد خبراء السياحة العرب د. خالد الرشيد، أن يشهد قطاع السياحة العربي مرحلة صعبة في ظل الظروف الإقتصادية والتحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، معبرا عن تخوفه بعدم قدرة القطاع الصمود أمام هذه التحديات، متوقعاً خروج المزيد من المنشآت من القطاع وعجز قطاع السياحة عن القيام بدوره التنموي ودعم الإقتصاد الوطني خاصة في الدول التي تشهد إضطرابات سياسية ومشكلات أمنية وبعض الدول المجاورة لها.

وذكر الرشيد أن أهم مشكلات الاستثمار السياحي أن القطاع مرتفع المخاطر، ويعد من أصعب القطاعات الاقتصادية إدارة وتشغيلاً لموسمية القطاع وحساسيته وسرعة تأثره بالأحداث والأزمات الخارجية والإشاعات، وهذا ما يزيده خطورتة ويصعب قرار الاستثمار فيه.

وأوضح بأن هذه التوقعات هي بناء على خبرة مهنية في الاستثمار السياحي لأكثر من 30 عاماً تم خلالها معايشة ومواجهة العديد من الأحداث والأزمات السابقة والمختلفة، وبناء على الركود الاقتصادي الحالي وعلى ما يتوقع أن يشهده القطاع من تهديدات نتيجة:

أولاً: الأزمة الاقتصادية العالمية التي يتوقعها الكثير من خبراء الاقتصاد وفِي مقدمتهم الاقتصادي الشهير نورييل روبيني، الذي توقع سابقاً أزمة 2008 ويتوقع حدوث أزمة عالمية (مالية) قادمة تعصف بالاقتصاد العالمي وتتسبب في إفلاس عدد من الدول، وتؤيده في ذلك بعض الشركات المالية والمصرفية العالمية ومنها  JP Morgan المصرفية، التي تتوقع أيضاً حدوث هذه الأزمة الاقتصادية العالمية وتحدد حدوثها في عام 2020، ونحن كراصدين ومتخصصين بدأنا نلحظ بوادر هذه الازمة منذ عام 2017 وإستمرارها في 2018 ومتوقع أن يشهد هذا العام إستمراراً للركود وهروب بعض المستثمرين وتزايداً في عروض البيع للعديد من الفنادق والمنشآت السياحية حول العالم وتراجع كبير في معدلات الاستثمار في القطاع السياحي بشكل خاص.

ثانياً: الصراعات والصدامات السياسية بين الدول والحرب التجارية التنافسية التي تقودها أمريكا وشعارها ( أمريكا أولاً ) والتي تسببت في ضعف للتكتلات الاقتصادية ونمو سياسات حمائية دولية جديدة، ومن المتوقع أن يزيد ذلك من تكلفة الخدمات والسلع بعد فرض ضرائب جديدة متبادلة، ينعكس أثرها على أسعار الخدمات والمنتجات السياحية وزيادة كلفة السفر .

ثالثاً: إنخفاض القوة الاقتصادية والشرائية للشعوب نتيجة الأزمة المالية وتأثيرها على الاقتصاد الشعبي وتضخم معدلات البطالة وانخفاض حراك الأنشطة التجارية، مما سيقلل الإقبال والإنفاق على النشاط السياحي، وزيادة خسائر العديد من المنشآت السياحية خصوصاً في الدول التي تشهد إضطرابات سياسية ومشكلات أمنية والتي تعتمد على السياحة كرافد رئيسي للاقتصاد الوطني ، فهي المتضرر الأكبر بعد خروج العديد من المنشآت من القطاع لعدم قدرتها على تغطية مصاريفها وتكلفتها التشغيلية.

رابعاً: العديد من المستثمرين فقدوا الثقة في هذا القطاع الاستثماري الموسمي المتذبذب والحساس، المتأثر بالأزمات والأحداث الخارجية والذي تسبب في إفلاس العديد منهم ولم يستطيعوا مقاومة الخسائر والأزمات المتكررة في ظل ارتفاع تكلفة تشغيل المنشآت السياحية وتذبذب مداخيلها، مقارنة بالنشاطات التجارية الأخرى، هذه المخاطر وهذه الصورة الذهنية سوف ترسخ لدى الكثيرين وسوف تؤثر بشكل سلبي على مستقبل الاستثمار في القطاع السياحي، وفي استمرار العزوف عن الاستثمار فيه، وعدم قدرته على إستقطاب روؤس أموال وإستثمارات جديدة.

خامساً: تشهد الخارطة السياحية العالمية تنافساً شرساً بين الدول السياحية المحترفة والمتقدمة في الترتيب العالمي التي تعمل بتركيز ومهنية عالية ولديها مراكز بحث تعمل وبشكل مستمر على دراسة ورصد سوق السياحة والسفر، وتطوير خدماتها ومنتجاتها السياحية بمايناسب ويلبي متطلبات السوق وإحتياجات العملاء، يدعم ذلك أنفاقاً عالياً ومتزايد في الترويج لكسب أعداد أعلى من السياح وزيادة العائدات الاقتصادية.

وسوف يكون ذلك على حساب الدول السياحية الأخرى التي لا تمتلك الرؤية والاستراتيجية في إدارتها للقطاع والتي لا تمتلك المعرفة والوعي بخطورة المرحلة القادمة وتحديات الازمة الاقتصادية المقبلة وتأثيرها على اقتصاد الدولة بشكل عام وعلى القطاع السياحي بشكل خاص، وأن ذلك قد يعرض الدولة بكاملها للإنهيار  نتيجة لتضخم حجم الدين وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وعدم قدرة الدولة على الوفاء بمتطلباتها التشغيلية وإحتياجات مجتمعها، بل أنه قد يصل الحال الى عزلتها وإفلاس خطوط طيرانها وحدوث إضرابات شعبية.

وأضاف الرشيد أنه كان من المأمول أن نجد مبادرات دولية سواء كانت على مستوى الأقاليم أو المنظمات لدراسة هذه الأزمة وتوقعات تأثيرها على قطاع السياحة العالمي وتبني ( إستراتيجية دولية لإدارة الازمة ) لحماية القطاع من تداعيات الأزمة والتقليل من تأثيراتها، ولكن وللأسف عدم حدوث ذلك يزيد من إحتمالية وقوع مشكلات كبيرة في القطاع بشكل عام بجميع مكوناته ومكتسباته السابقة.

وتابع: بأن التحدي يكمن في أن العديد من هذه الدول تعاني حالياً من نقص كبير في الخدمات الاساسية وأولوياتها التنموية الضرورية ك الصحة والتعليم والأمن ... إلخ، يقابل ذلك معاناة هذه الدول من ضعف في الموارد وتضاعف في عجز ميزانيتها وتضخم ديونها، في ظل هذا الركود الإقتصادي الكبير وما صاحبه من إحجام عن الاستثمار، الأمر الذي نراه في واقعه بالغ الصعوبة والخطورة.

وذكر الرشيد أن مجالات الاستثمار حول العالم تشهد ركوداً وصعوبة في جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الجديدة بما في ذلك الدول المتقدمة وفي مجالات حيوية صناعية وخدمية وغيرها ويشهد العالم ما يشبه الجمود نتيجة (التخوف التحوط الترقب ... الخ ) وغالبية الاستثمارات الحالية هي إستثمارات مدعومة من الدول وبضمانات دولية، متابع "لكن الاستثمار العالمي وبشكل عام يشهد ركوداً إقتصادياً بما في ذلك الدول الأوروبية المتقدمة صناعياً وإقتصادياً ك إيطاليا وفرنسا وأسبانيا والتي تعاني من إفلاس العديد من الشركات وخروجها من السوق، بسبب هذا الركود الكبير وضعف الحركة الشرائية".

وأشار إلى أنه من المتوقع أن يشهد العالم إنخفاض في عدد السياح حول العالم، مما سيؤدي الى تغير في فلسفة قطاعات السياحة والسفر وفِي ترتيب أولويات أنماط القطاع وسوف تتغير ثقافة ومفهوم السياحة لدى معظم السياح ومن المتوقع أيضاً أن يشهد العالم تطور وتنوع وسهولة في الخدمات والمنتجات السياحية حيث يتوقع أن يشهد القطاع:

1- ازدياد الطلب على السياحة المنخفضة.

2- ازدياد الوعي السياحي أكثر والتخطيط المسبق للرحلات السياحية للاستفادة من عروض شركات السياحة والأسعار المنافسة.

 3- انتشار ثقافة سياحة (الجروبات والبكج) السياحي خصوصاً بين فئات الشباب.

4- تغير في متطلبات وأولويات السياح والمقاصد السياحية وسوف تشهد سياحة الاعمال والتعليم والمعارض والمؤتمرات وكذلك السياحة العلاجية نمواً ملحوظاً.

5- إنخفاض معدلات سياحة الترفيه والاستكشاف وإنخفاض معدلات (سياحة التسوق) التي كانت تتصدر قائمة مقاصد السياح الخليجيين سبب ذلك تطور خدمات العروض والمتاجر الالكترونية وتطور خدمات التوصيل بين الدول.

6- الاعتماد على التطبيقات والخدمات الإلكترونية بشكل بشكل كبير لسهولة التواصل والوصول الى العملاء.

7- سوف يكون للروبوت والذكاء الاصطناعي دور هام في المرحلة القادمة وتقديم عدد من الخدمات السياحية.

8- سوف تقوم العديد من المنشآت على تقليص عدد العاملين والاستفادة من الخدمات الإلكترونية لتقليل التكلفة التشغيلية.

وفِي سؤال عن النصائح والتوصيات التي يراها سعادته والتي من شأنها المساهمة في حماية القطاع وتعزيز قدرته في مواجهة هذه الأزمة، ذكر بأن التحديات كبيرة وتجاوز الازمة دون خسائر أمر صعب ولكن من الممكن تخفيف حدتها من خلال الاتحاد التعاون بين الدولة والقطاع الخاص واعتماد خطة محترفة لإدارة الازمة، ومن المهم تقديم الدولة المزيد من الدعم والتحفيز والإعفاءات لدعم المستثمرين الحاليين وإستقطاب مستثمرين آخرين وبالأخص (المستثمر المحلي)،  على سبيل المثال إعطاء القطاع مميزات إستثنائية من بعض القيود والأنظمة التي يحتاجها المستثمر  كالإعفاءات من بعض الرسوم والضرائب ومنح الأراضي بالمجان أو بأسعار تشجيعية والتوصية للبنوك والشركات المالية بتقديم قروض وتسهيلات إستثنائية للقطاع السياحي بفوائد منخفضة بضمان الدولة وإعادة جدولة القروض والأقساط المستحقة على المستثمرين المتعثرين.

الهدف هو إستمرار مسيرة القطاع واستكمال متطلبات البيئة الإستثمارية الجاذبة لمشاريع جديدة وبالأخص المتوسطة والصغيرة (SMES) وإستقطابها للمساهمة في إستكمال الخدمات والمنتجات السياحية التي يتطلبها السائح وخلق فرص عمل جديدة.

ومن الحلول والمقترحات التي يمكن مساهمتها في إنعاش القطاع والمحافظة على حركته ونشاطه:

- تسهيل إجراءات وأنظمة الحصول على تأشيرات الدخول بين الدول.

- فتح الأجواء أمام خطوط الطيران خصوصاً (الاقتصادي) لإعطاء فرصة أكبر لتقديم عروض وخدمات تنافسية بين خطوط الطيران .

- إعطاء الشركات العالمية المتخصصة فرصة الشراكة سواء بنظام حق الانتفاع “BOT “ أوالشراكة التمويلية المتناصفة الـ”PPP “.

 في مشاريع المطارات وشبكة حافلات النقل ومشاريع السكك الحديدية والقطارات فائقة السرعة التي تربط الدول والعواصم والمدن لاعطاء السائح خيارات لوسائل نقل اقتصادية ومتنوعة لتسهيل وتحفيز السياح على السفر والتنقل وتوفير  فرصة السفر الاقتصادي.

- زيادة عدد المهرجانات والفعاليات والمعارض والمؤتمرات العالمية ذات القيمة المضافة للمشاركين والحضور لزيادة الحراك السياحي.

- دعم إستخدام المنتجات الاقتصادية والترشيد في استخدام الطاقة والمياة والمنتجات الاقتصادية وتوعية المستثمرين والعاملين على ذلك.

- تكثيف الحملات والعروض الترويجية والاستفادة من مواسم العطلات والإجازات وإستمرار الحملات مع إبتكار فعاليات ومهرجانات في غير المواسم لكسر الموسمية وزيادة معدلات المداخيل للمنشآت السياحية.