أجندة 2030 للأمم المتحدة للتنمية المستدامة : اضاءات ومحاذير

أجندة 2030 للأمم المتحدة للتنمية المستدامة : اضاءات ومحاذير
أجندة 2030 للأمم المتحدة للتنمية المستدامة : اضاءات ومحاذير

فهمي شراب

وضعت الامم المتحدة خطة ذات اهتمامات خارجية هدفها دعم اقتصاديات الدول النامية، ورصدت مئات ملايين الدولارات من اجل انفاذها، معتمدة على دعم الدول الاوروبية والولايات المتحدة وحتى المؤسسات والمنظمات الاهلية التي تعتبر خزان لآلاف مليارات الدولارات للمشاركة في عملية التمويل، وجاء في ديباجة وثيقة هذه الخطة او الاجندة: "نحن عاقدون العزم على تخليص البشرية من طغيان الفقر والعوز وللشفاء وتأمين كوكبنا، ونحن مصممون على اتخاذ خطوات جريئة وتحويلية لازمة لتحول العالم إلى مسار مستدام، ونحن نشرع في هذه الرحلة الجماعية، نتعهد أن لا يتخلف أي أحد عنها".

ويتفق الأعضاء في الجمعية العمومية على أن هذه الوثيقة يجب أن يتم تطبيقها بصورة كاملة  بمجرد الوصول لعام 2030.

ويكمن جانب من خطورة هذا الأمر في الترويج لهذه الوثيقة والتي تعتبر برنامجاً متكاملاً على أنها مطلباً عالمياً يكتسب صفة العمومية، وليست مطلباً لمنظمة الأمم المتحدة. وتتجلى خطورة هذا البرنامج انه يعمل على تغريب المجتمعات ذات القيم المحافظة، و إذابة الفوارق بين القيم والثقافات المتباينة، ويعمل على توحيد المفاهيم تحت مظلة العولمة ولا يحترم خصوصيات كل حضارة، ويكتسي بمسحة دينية مسيحية، بل في كثير من المواطن يضرب بكل الأديان عرض الحائط.

تعمل على ترسيخ المبادئ الغربية بجميع صورها، تلغي قوامة الرجل وولايته، وتعمل على حرية الفكر والمعتقد والاستقلال المبكر للطفل، وإباحة المثلية الجنسية وتحديد سن الطفولة لما دون 18، وتلغي الفوارق بين الرجل والمرأة من ناحية المواريث، ولم تخاطب الأسرة بمكوناتها الطبيعية، وتهدم كيان الأسرة تحت مسمى "الجندر" وإقرار حقوق الشواذ، بل تخاطب الأسرة كأبوين مثليين (شواذ)، ولم تعط اهتمام للأمومة والأبوة الحقيقية. وتشجع اختلاط المرأة المسلمة بالأجانب، وتضع عراقيل أمام الطلاق، وتبيح الزواج بين المسلمين والكفار، وتقنن لإمكانية أن تتولى المرأة منصب وزير أو رئيس وزراء أو رئيس دولة.  فهي تدعي في البند رقم (5)  أنها: " مقبولة لكل البلاد وقابلة للتطبيق فيها جميعا". فهي بحق هجمة شرسة على جميع القيم والأديان السماوية. لأنها تضع الجميع في قالب واحد تحت قاعدة "one size fits all"، ويزداد الأمر خطورة، فان المعاهدات إذا ما أقرت رسمياً فسيصبح لها الأولوية على القوانين المحلية، ويجعل من هذه الوثيقة أمراً واقعياً، وستضطر الدول الموافقة على هذه الوثيقة بأن تغير من قوانينها الداخلية بما يتلاءم مع هذه الوثيقة. وقد جاء في الميثاق الخاص لأجندة 2030 بأنه "لا يُسمح بأخذ التحفظات بعين الاعتبار"، وبدا وكأنه تشريع جديد ملزم للعالم كله. وعندما تثير بعض المصطلحات خوف وشكوك الممثل العربي لدى الأمم المتحدة أو الوفود العربية المشاركة في اللقاءات والنقاشات يتم تنحية هذه المصطلحات المختلف عليها من النسخة العربية، وتظل النسخة باللغة الانجليزية كما هي في النص الأصلي للوثيقة.

ويظل اهتمام الغرب مطالبته بالإصلاح للدول النامية هو محل شك، وضمن سياسة الكيل بمكيالين، حيث لم يتبنَ الغرب أي استراتيجيات لدعم المرأة وحقوقها في  ميانمار وبورما والتي تشهد إبادة جماعية وقتل للأطفال. وهنا يظهر النفاق الغربي بأوضح صوره، ففي الوقت الذي عجز عن الإيفاء بالتزاماته تجاه وكالة الغوث وتشغيل الفلسطينيين، وكان بضع عشرات من ملايين الدولارات  سبباً لتوقف الخدمات للاجئين الفلسطينيين، فهو الآن مستعد لدفع آلاف الملايين سنوياً من اجل الترويج ونشر برامجه الخاصة بعولمة قيمه معتقداته!

ومن هنا يجب التمييز بين ما هو معلن بشعاراته الجذابة، وبين حقيقة الامر وخطورة المراد، وذلك لتحصين الجبهات الداخلية للبدان المستهدفة.

نشر في موقع الفلسطيني الجديد

التعليقات