ترامب ونتنياهو يجران المنطقة إلى الهاوية

ترامب ونتنياهو يجران المنطقة إلى الهاوية
بقلم عبد الله عيسى- رئيس التحرير
حافظت كل من إسرائيل وأمريكا على ثوابت في علاقتهم بالقضية الفلسطينية، حتى في أحلك الظروف وأشد الحروب، باستثناء الرئيسين ترامب ونتنياهو، حيث أعطيا أولوية قصوى لحملتهما الانتخابية على حساب الثوابت الإسرائيلية الأمريكية بالثوابت بالقضية الفلسطينية.

ورغم أن هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كان يهودياً بالأصل، إلا أنه وبطريق غير مباشر، شجع العرب على شن حرب على إسرائيل لتأديبها، وحتى ترضخ لعملية السلام في اتصالات غير مباشرة مع السادات الرئيس المصري السابق، أي أن كيسنجر لم يعطِ الأولوية لانتمائه اليهودي، وحتى يربح أصوات اللوب الصهيوني في أمريكا، وبدون كيسنجر لم يصل العرب وإسرائيل إلى اتفاق كامب ديفيد.

حتى جاء الرئيس الأمريكي ترامب، الذي شذ عن قواعد السياسة الأمريكية كلها في الشرق الأوسط، وتنكر لسياسة رؤساء أمريكا السابقين مثل كلينتون، وجورج بوش الأب والابن، وعين صهره مستشاراً في البيت الأبيض (كوشنير)، والذي تحول لمفتاح، لإبرام الصفقات المالية والسياسية مع ترامب.

وعلى ما يبدو فإن ترامب وكوشنير وضعا خطة مستقبلية، أن ينجح في الانتخابات المقبلة، وأن يكون بعد ذلك الطوفان، ونفس الشعار، وجد نفس التوجه لدى نتنياهو، فغالباً اعتدنا على مواقف فيها بعض الإيجابية لدى بعض الرؤساء الأمريكان، ولم يتركوا الحكومات الإسرائيلية، لتعمل ما يحلو لها بحق الشعب الفلسطيني.

وحتى إلى عهد قريب، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان، بأننا سنقضي على السلطة الفلسطينية، وفوراً وجد ليبرمان ونتنياهو توبيخاً شديداً من حكومة الرئيس الأمريكي السابق أوباما، فتراجع خلال ساعات عن هذا التصريح، واعتذر عن تفوهاته، حيث إن مسألة القضاء على السلطة، ليست قراراً إسرائيلياً.

وتتمسك الولايات المتحدة بوجود السلطة الوطنية، حتى لا يندلع العنف في المنطقة، بينما أطلق بعض قادة إسرائيل العنان لجنونهم المتطرف، فوجدوا ضالتهم بالرئيس الأمريكي ترامب، الذي فاخر اللوبي الصهيوني، بأنه أول رئيس أمريكي يفي بوعده بنقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس، وبالتالي يُعلن هكذا أن القدس عاصمة إسرائيل فقط، أمام سخط العالم كله، وقطع المساعدات المالة عن السلطة، وسمح لنتنياهو بمصادر أموال السلطة الفلسطينية التابعة للضرائب، وقيمتها 500 مليون شيكل، وهي مخصصة للأسرى والشهداء، أي أن السياسة الأمريكية السابقة على مدى أكثر من نصف قرن، قد تغيرت عملياً تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه العرب.

وهذا يتطلب من الشعب الفلسطيني والعرب موقفاً جدداً تجاه إسرائيل وأمريكا، وإلا ضاعت القدس للأبد، وانتهت السلطة الفلسطينية إلى الأبد أيضاً، وانتهت تضحيات الشعب الفلسطيني والدول العربية منذ عام 1948.

إن ما يفعله الفلسطينيون والعرب من أنهم ينتظرون رد فعل من الشعب الإسرائيلي والأمريكي، هذا صحيح، ولكنه بحاجة لمحركات، أذكر أنه في عام 1982 وبعد أن غادرت قوات منظمة التحرير بيروت، قام شارون في حينها بتنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا، التي انتهت بإنهائه من الحياة السياسية، وخروج أكبر مظاهرة في التاريخ ضد الجرزة، وعددها 800 ألف إسرائيلي تظاهروا في شوارع إسرائيل ضد شارون والمجزرة، وهي مظاهرة لم يظهر مثيلها في أي عاصمة عربية، وبقى شارون بعيداً عن المشهد السياسي، بعدما عاقبه الشعب الإسرائيلي على مجزرته في صبرا وشاتيلا حتى عاد إلى الحياة السياسية بعد انتفاضة الأقصى عام 2000.

والآن تحتاج الدول العربية، أن تأخذ موقفاً جدياً ضد إسرائيل وأمريكا، وضد (صفقة القرن) و كوشنير بالتحديد، حتى لا تنقلب الأمور في الشارع العربي ضد الانظمة العربية، لأنهم فرطوا بالقدس والقضية الفلسطينية.

وأعتقد، أن على دول الخليج ومصر والأردن وتركيا، دوراً كبيراً في إصلاح الأوضاع السياسية، التي تواجه القضية الفلسطينية.

التعليقات