المرأة ضد المرأة

المرأة ضد المرأة
د.يسر الغريسي حجازي
المرأة ضد المرأة

 "جميع النساء اللاتي يشغلن مناصب صنع القرار مع رجال طغاة، كذابات. وفي كل مكان، ينتج العنف المكر". جاك هنري برناردان(1834)      

لماذا تعادي المراة المراة الناجحة؟ لماذا علي المراة أن تكون حذرة من النساء أكثر من الرجال؟ لماذا لا يزال تكافح الحركات النسائية ضد النساء التي تؤيدن التسلط الذكوري؟ كيف تتجسد الغيرة؟ من المهم أن نعرف أن الغيرة تثير رغبة البعض في الحصول على ما يمتلكه الآخر، ويسبب هذا الشعور لدى النساء الحسد، والغيرة، والخوف، والهوس، والاحتقار، والغضب. إن السؤال الذي تطرحه المراة الغيورة على نفسها طوال الوقت، 

هو أنه لا يوجد سبب محدد لعدم نجاحها مثل النساء الأخريات، وأنها تستطيع النجاح مثلها تمام. هناك فرق بين الإعجاب بالآخرين و اعتمادهم كمثال، ومهاجمة الآخرين بمحاولة تدميرهم. ان العدوان هو سلوك غاضب، مما يدل على عدم احترام الذات وتخفيض قيمة إمكانات الانسان. ان النساء العدوانية والمعادية للنسوية، عنيفات، خبيثات، وتشعرن بالمرارة والحقد تجاه أي امرأة ناجحة في اسرتها، اوفي عملها، او في مكانتها الاجتماعية والعلمية. 

و تريد المراة المتحررة أن يكون لها الخيار في طريقة الحياة التي تناسب طموحها، دون أن يتم الحكم عليها او اعتراض طريقها أو انتقادها من قبل باقي النساء اللواتي تختلف عنها. من ناحية اخري، تفضل النساء التقليديات أن يكونن نساء تحت حماية و سيطرة الرجال، لانهن يعتقدن ان المراة اضعف واقل كفاءة وذكاء من الرجل وهن ببساطة يوافقن علي الصورة النمطية التي صنعها بعض الرجال الذكوريين والتي تجسد قوته في عضلاته وذكائه، كما تصف دور المراة في تلبية رغبات الرجل وانجاب ابناء اصحاء له. وتصف المراة كرمز للمتعة وهذه الصورة الشنيعة صنعوها رجال متسلطين يريدون التربع علي عروش الامبراطورية، ويريدون اتمام ذلك بمساعدة من هم خاضعون بالفطرة واقل ذكاء وحيلة. هذه هي الصورة التي وصفها العالم الشهير للسيكلوجية وتحليل النفس فرويد. 

إن كفاح النساء في العالم لم ينته بعد، بل إنه أقل نجاحاً في العالم العربي ويزيد تعقيدا، حيث لا توافق جميع النساء على الحصول على نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال اقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً. فمثلا، لا يزال الكثير من النساء التي تؤيد التعددية الزوجية، والزواج المبكر، وتساعد الرجال الذكوريين في التامر علي المراة في قضايا القتل علي خلفية الشرف، واخري حول الميراث، والطلاق، وحضانة الاطفال. واقتنعت بعض النساء بان زوجهن يحتاج الي زواج جديد و تساهم في باختيار العروس المناسبة له. فالنساء المتحررات طموحات وذكيات لانهن يعرفن حقوقهن وحقيقة ما يلوجوا به بعض الرجال المكارين، لكن هن نساء مهددات دائما من قبل النساء الاتي يفضلن رؤية الذكور في مركز سلطوي بسبب انهن يكتفين بحياة ساهلة، بقليل من المسئوليات و الاستمتاع بوقتهن. يمكن للمرء أن يلاحظ بسهولة، أن الهيمنة الذكورية في الشرق على سبيل المثال في ذروتها، وأن نضال الرجال هناك لا يتعدي الحفاظ على سيطرتهم علي المواقع السيادية و ان القبائل مجتهدة لابقاء الوضع الذكوري مسيطر علي المجتمع لاضعاف القضاء، كما انهم يستعينون  ببعض النساء ويمنحونهن دور المصلحة الاجتماعية بغرض تحويل القضايا الاجتماعية للحل العشائري. وهكذا، تفقد النساء في دول الشرق المزيد من حقوقهن في المشاركة السياسية، في صنع القرار، وفرص تحقيق الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. ذلك يعتبر السيطرة علي حق الهوية والضمير، والذي يكمن في السيطرة علي النساء فكريا وايديولوجيا حتي لا تتحقق حقوق الانسان و لا المساواة الاجتماعية بسبب  ان عدد النساء أكثر من عدد الرجال. هناك نوع اخر من النساء يتقمصن الريادية، ويتظاهرن بالتحرر والاستقلالية، لكن في الحقيقة يساهمن في تعزيز القوة الذكورية و عدم وصول النساء الي المساواة مقابل اعتلائهن مناصب قيادية والحصول علي امتيازات ذهبية تمنحهن المزايا، والهيبة والسيطرة والاحتكار، و ذلك يسبب اضعاف الحركة النسوية. انهن الاخطر بسبب ان دورهن وظائفي و رمزي، وهن يقبلن دور المراة الشريرة و الخاضعة لاوامر سيدها.

هذه الحالة العاطفية للمرأة العنيفة، هي رد فعل تحفيزي للدفاع عن النفس بمعني الهجوم كافضل وسيلة دفاعية. يمكن أن تكون المرأة العدوانية و شيطانية، خاصة عندما تقوم بمطاردة النساء الطموحات  اللواتي هن أكثر نجاحًا منهن. 

وهناك امور صحية لدي النساء يمكنها تغيير سلوكها، مثل اكتئاب الأمهات بعد الولادة، وتعرضهن لسوء التغذية أثناء الحمل، أو تقلب مزاجهن في سن بعد الخمسين، قد يكون سببًا للعدوانية عند النساء. وهذا يمكن أيضا أن يكون حالة هرمونية، وقد أظهر البحث العلمي أن هرمون الإستراديول والبروجسترون يمكن أن يقلل من العدوانية والمظهر الاستفزازي. 

في نهاية المطاف، قد تكون العدوانية لدي النساء سببها القلق او التاثير الهرموني، او الغيرة المفرطة مما يحفز  مظهر الاستفزاز. لماذا هناك الكثير من العداء بين النساء؟ مين من النساء لم تتعرض في بعض الأحيان للهجوم من قبل امرأة لا تعرفها، و بدون سبب.   

ومن الطبيعي رؤية النساء الأقل تعليماً في المناصب المهمة، وإيجاد النساء ذوات الأداء المرتفع في مواقع التنفيذ. و يبدو كأن هناك اتفاقاً بين النساء الذكوريات والرجال الديكتاتوريين، الذين يمنحون أنفسهم فرحاً كاملاً لتدمير النساء بينهن. أنا شخصياً حصلت على نصيبي خلال خبرتي المهنية كناشطة اجتماعية، وقد تعرضت بالفعل لشبه هذه النساء التي تساهمن في سرقة سعادة المجتمع بكامله، و في التراجع الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي. 

و تسمح لانفسهن بمضايقة مجموعات النساء المستقلات، عبري جماعات ضغط لحشد التاييد والنيل منهن و السعي لتقويض نشاطهن وابقاء الساحة لهن. هل ان الاستفزاز لدي النساء العدوانيات يمنحن الرضا؟ نعم، وتؤكد الابحاث العلمية ان النظام الهرموني والدماغي والاجتماعي يلعبون دورا حتمياً في سلوك المرأة العدوانية، وذلك يشمل الاختلافات البدنية والفكرية والأخلاقية فضلاً عن البيئة التي ترعرعت فيها نوعية هذه النساء. بشكل عام، إن المراة العدوانية تعتدي على المراة التي تفوقها ذكاءا، علما واتزانا. 

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن عدوان المرأة هو بسبب المواقف الصعبة والإجهاد الذي تتعرض له يومياً، وأن الاستفزاز لدي النساء يمنحهن المتعة والسرور في مهاجمة النساء اللواتي تحصدن النجاح. 

 حسب الابحاث السيكولوجية، ان التصرف العدواني بدون سبب يأتي من عدم الثقة بالنفس، مما يجعل المراة العدوانية تشعر أنها مهددة من قبل المراة الناجحة لذلك تحاول زعزعة ثقتها بنفسها لكي ترتقي بمستواها.  ان حالة الإحباط تحفز  المراة العدوانية الي ملاحقة المراة الناجحة، وتقوم ببذل كل ما في وسعها للايقاع بها و نزع النجاح منها بأي ثمن لأنها تعرف انه يوجد فائز واحد ياتي بالقوة التعصفية. 

انها عوامل الغيرة و التدني الاجتماعي، والمهني، والسياسي. من السهل أن نرى مدى انفعال النساء على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثيراً ما يكون لدينا انطباع بأن هناك نساء يستهدفن بعضهن بواسطة إرسال رسائل ساخرة وشريرة علي صفحاتهن. ومع ذلك، ان البحث في الدراسات الجندرية تعتبر أن العلاقات بين الاشخاص، تاتي ضمن المنظومة الاجتماعية التي تحدد البناء الاجتماعي، فضلا عن المعايير الاجتماعية والأنثروبولوجية مع التحليل النفسي العميق للبيئة، والجغرافيا، والاقتصاد. 

 ان العدوان بدون سبب يعبر في علم النفس عن عدم الثقة بالنفس، مما يجعل المراة العدوانية تشعر بأنها مهددة من قبل اي امراة تتفوق عليها، وذلك يجعلها تحاول زعزعة ثقتها بذاتها وتقوم بتغيير الادوار للارتقاء بمكانتها. هذه حالة من الإحباط تثير الحقد والمنافسة الغير شريفة. 

التعليقات