دلالات فشل مباحثات موسكو.. جهود مصرية جديدة.. هل يعاد ملف المصالحة للجامعة العربية؟

دلالات فشل مباحثات موسكو.. جهود مصرية جديدة.. هل يعاد ملف المصالحة للجامعة العربية؟
خاص دنيا الوطن - أحمد العشي
جولة جديدة من محاولات رأب الصدع بين حركتي فتح وحماس، والتوصل الى تطبيق المصالحة الفلسطينية، فهذه المرة تولت العاصمة الروسية موسكو هذه المهمة، عندما وجهت دعوة الى كافة الفصائل الفلسطينية لإجراء حوارات حول هذا الملف.

توجهت الفصائل الى موسكو، وعقدت لقاءات مع سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، لمناقشة العديد من الملفات وعلى رأسها المصالحة الفلسطينية.

ولكن في النهاية تم الإعلان عن فشل هذه الجولة، وعدم التوصل الى تطبيق حقيقي للمصالحة الفلسطينية، ورفض حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، التوقيع على البيان الختامي لهذه المباحثات.

"دنيا الوطن" استطلعت آراء بعض المحللين السياسيين حول، دلالات فشل هذه المباحثات، وخرجت بالتقرير التالي..

اعتبر حمادة فراعنة المحلل السياسي الأردني، أن مباحثات موسكو التي جمعت كافة الفصائل الفلسطينية، لم تفشل، معللا ذلك بأنه لم يكن هناك خطوات ستتخذ بخصوص التوصل إلى اتفاق المصالحة على جدول المباحثات.

وقال فراعنة: "هناك سببان لعدم فشل مباحثات موسكو، الأول أن كافة الأطراف الفلسطينية مازالت متمسكة بالدور المصري المفوض عربيا بملف المصالحة، وبالتالي لم تكن موسكو بديلا عن القاهرة، أما السبب الثاني يتمثل في الخلافات العميقة بين حركتي فتح وحماس، لذلك فإن موسكو لم تسع لحل هذا الخلاف".

وبين فراعنة أن الذي تحقق في موسكو من نجاح، إنهاء حالة القطيعة المعلنة بين فتح وحماس، حيث كان هناك إعلانات من فتح وحماس على قطع العلاقات، لذلك جاءت دعوة موسكو؛ من أجل انهاء هذه القطيعة.

وأشار إلى أن من بين الذي انجز، أن موسكو دعت الأطراف الفلسطينية لمواجهة مؤتمر (وارسو)، بالإضافة الى ان الأطراف الفلسطينية بقيت متمسكة برفضها لخطة ترامب وبرامجه مع نتنياهو.

وقال: "فيما يتعلق بعدم توقيع حماس والجهاد على البيان، هو أن هناك بعض القضايا المطروحة سياسيا لا توافق عليها الحركتان، وبالتالي من المقبول عدم توقيعهما على البيان الختامي".

وفي السياق ذاته، أوضح فراعنة أن الجهود المصرية في ملف المصالحة الفلسطينية، غير مقطوعة، لافتا إلى أنه جرت بعض اللقاءات الثنائية بين قيادة حركة حماس والجهاد الإسلامي والقاهرة قبل الذهاب الى موسكو، منوها إلى أن الجانب المصري يعمل في ملف المصالحة؛ حفاظا على أمنه الوطني، من خلال بقاء العلاقات بين مصر وبعض الأطراف، كما أنه إذا استمر الحصار على قطاع غزة، فإن ذلك يؤكد على أن المصريين يشعرون بالأذى من ذلك.

وقال: "أتوقع أن المصريين سيواصلون الاتصالات، ربما تكون موسكو قد حققت لهم الشرط المطلوب وهو انهاء حالة القطيعة وهذا يؤدي الى إمكانية الدعوة الشمولية، وبالتالي المصريون يواصلون التفاوض مع الجانب الفلسطيني بشكل ثنائي".

وأضاف: "اليوم، بعد نجاح موسكو في لملمة الحالة الفلسطينية، ربما يشكل ذلك حوافز وتشكيل أرضية للحوار بين الفلسطينيين".

وفي سياق ذي صلة، رأى المحلل السياسي الأردني، أنه ليس من مصلحة جمهورية مصر العربية، إعادة ملف المصالحة الفلسطينية الى جامعة الدور العربية، وذلك لسببين، موضحا ان السبب الأول يتمثل في أنها تريد مصر أن تبقى ممسكة بملف المصالحة؛ حفاظا على مصالحها الأمنية، أما السبب الثاني، يتمثل في أن إعادة ملف المصالحة الفلسطينية الى جامعة الدور العربية، تعبيرا عن فشل الإدارة المصرية.

وقال: "المصريون لن يترددوا في مواصلة الاتصالات، حتى لو كانت ثنائية كما حصل قبل موسكو، بزيارة وفد حركة حماس والجهاد الى القاهرة".

وفيما يتعلق بالحكومة الفصائلية، اعتبر فراعنة، أن ذلك عبارة عن وسائل إلهاء وغير جدية، ولن تجري انتخابات فلسطينية، ولن يكون هناك حكومة فصائلية، منوها إلى أن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح اختلفوا على رئيس الوزراء، مرجحا في الوقت ذاته أن تبقى حكومة رامي الحمد الله، وبالتالي ستُطوى صفحة الحكومة الفصائلية، خاصة بعدما أعلنت فصائل اليسار بالإضافة الى حركتي حماس والجهاد برفضهم المشاركة في الحكومة.

بدوره، رأى هاني العقاد المحلل السياسي، أن مباحثات موسكو بين الفصائل الفلسطينية، فشلت، لافتا إلى أن ذلك مؤشر خطير وله دلالات كبيرة؛ لأن البيان الختامي لها يتضمن إقرار المتحاورين بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهم لا يعترفون بذلك، وانهم لا يريدون الاعتراف بذلك، كما انهم لن يكونوا طرفا في أي اتفاق وطني يقر بذلك، وهذا يعني ان هناك مشروع أخر غير مشروع منظمة التحرير.

وبين العقاد أن حوارات موسكو رغم فشلها، إلا أنها ستفتح آفاقا لمزيد من الحوارات بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة، حيث قال: "المخيب للآمال، هو ان يخفق الفلسطينيون في التوقيع على اعلان وطني برعاية دولة كبرى، ترفض الخطة الامريكية، وكل المشاريع المترتبة على ما يسمى بـ (صفقة القرن)".

ورأي العقاد، أن أي لقاءات جديدة في القاهرة، لن تاتي بجديد، إن لم تذهب الفصائل الى تطبيق اتفاق المصالحة 2017 بشكل مباشر، وإن لم تعترف حركتا الجهاد وحماس بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي لكل الفلسطينيين".

وفي السياق، قال العقاد: "أخشى أن أي لقاء ثنائي بالقاهرة، يعيدنا إلى دوامة الحوارات لما لا نهاية، واستنفاذ ما تبقى من فرص لتشكل حكومة وحدة وطنية تهيئ للانتخابات العامة وتحل أزمات غزة".

وأشار العقاد إلى أن جمهورية مصر العربية، تدرك أنها وصلت إلى طريق مسدود في ملف المصالحة الفلسطينية، وأنها في حيرة من أمرها، هل تعيد الملف الى جامعة الدول العربية او تترك الفلسطينيين يواجهون مصيرهم بأنفسهم، بسبب تعنت بعض الأطراف في هذا الملف.

وأوضح، أن مصر مضطرة لأن تبقي ملف التهدئة بيدها، معتبرا في الوقت ذاته أن التهدئة يمكن ان تنجح بلا مصالحة، وهذا يعني أن أي كسر للحصار لن يكون إلا بوجود حكومة وحدة وطنية واحدة، لافتا إلى أن أي حكومة تحتاج إلى توافق وطني، وهذا التوافق ليس بيد مصر وحدها.

وفي السياق، قال العقاد: "لكي تنجح مصر في إجبار بعض الأطراف على القبول بتطبيق اتفاق 2017، عليها أن تعطي فترة زمنية محددة، وبعدها يجب أن تكشف من هو الطرف المعطل للمصالحة، وتفتح ملف التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني".

وأضاف: "لا مفر أمام القيادة الفلسطينية، إلا أن تتمهل الان، وتعطي الفرصة لبعض الوقت لامكانية التوافق على حكومة وحدة وطنية، ولمساعي جديدة من قبل القاهرة، لكن في النهاية إن لم تحقق القاهرة شيء في هذا الاتجاه، أعتقد أن القيادة الفلسطينية ذاهبة الى حكومة سياسية من فصائل منظمة التحرير، تهيئ لانتخابات عامة، وبذلك تكون أوصلت حركة حماس الى الحائط، لأن حماس لا تستطيع رفض الانتخابات الان، ولا تستطيع الدخول في حكومة فصائل، وهذا ما نتوقعه خلال المرحلة المقبلة".

وحول دلالات عدم التوقيع على البيان الختامي لمباحثات موسكو، أوضح العقاد، أن فشل التوقيع، له دلالات خطيرة، أهمها أن هناك أطراف غريبة عن الجنس الفلسطيني، تدفع باتجاه فشل أي محاولات لجسر الفجوات الوطنية، وخروج الفلسطينيين متفقين على أساس حماية قضيتهم، والحفاظ على حقوقهم الوطنية من الاندثار والتفكك، بل وتدفع باتجاه بقاء الانقسام ليتسنى لهم مساعدة الامريكان في تمرير (صفقة القرن) المشؤومة.

وقال: "إن فشل التوقيع على إعلان موسكو، لا يعني أن هذه الفصائل تبحث عن ذاتها ومصالحها التي تعتبرها فوق مصالح الأمة والعباد والبلاد، بل إنها متورطة في مشاريع أخرى غير المشروع الوطني، وأخذ غزة إلى مربع خارج الشرعية الفلسطينية، وبقائها خارج إطار وحدة جغرافية وسياسية مع الضفة والقدس".

من جانبها، اعتبرت سارة الشلقاني مسؤولة ملف الصراع العربي الاسرائيلي في جريدة الدستور المصرية، أن حركتي الجهاد الاسلامي وحماس، مصممتان على موقفهما من أن منظمة التحرير الفلسطينية، لا تمثل كافة الفصائل، وانه يجب إعادة ترتيبها أولا.

في المقابل، أشارت الشلقاني إلى أن حركة فتح حاولت أن ثبت وجهة نظرها بأن المنظمة هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني، دون النظر الى ضرورة وجود توافق من كافة القوى.

وفيما يتعلق بالموقف المصري، أوضحت أن موقف مصر لن يتأثر من فشل حوارات موسكو، لأن هذه الحوارات ليست بديلا عن جهود القاهرة، منوهة في الوقت ذاته إلى أن مصر تعمل الان على عقد مباحثات مع الفصائل الفلسطينية؛ لاستكمال بحث ملفي المصالحة والتهدئة، خاصة مع اقتراب إعلان الإدارة الامريكية لـ (صفقة القرن).

وحول ما إذا كانت مصر ستعيد ملف المصالحة إلى جامعة الدول العربية، استبعدت الشلقاني هذه الخطوة في المرحلة الحالية، منوهة إلى أن القاهرة حتى الان مستمرة في جهودها، بل وتكثفها؛ من أجل احراز أي تقدم جديد يحرك المصالحة بشكل سريع.

وفيما يتعلق بالحكومة الفصائلية المكونة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، قالت مسؤولة ملف الصراع العربي الإسرائيلي بجريدة الدستور: "حتى الآن هناك ضغوط كبيرة، من أجل تأجيل هذه الخطوة؛ لأنها تعد انقلابا على المصالحة ذاتها، فيجب إشراك كافة الفصائل في الحكومة، ومن ثم تشكيل حكومة وطنية تنظم لإجراء انتخابات عامة".

التعليقات