كوبا: ستون عاماً من الإنجازات الثورية والأممية

كوبا: ستون عاماً من الإنجازات الثورية والأممية
كوبا: ستون عاماً من الإنجازات الثورية والأممية

نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


نشرت صحيفة «cuba socialista»،(كوبا الاشتراكية) (15/1/2019) الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي مقالة لنايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعنوان « كوبا: ستون عاماً من الإنجازات الثورية والأممية»، لمناسبة الذكرى الستين لانتصار الثورة الكوبية.

وقد توجهت الصحيفة إلى عدد محدد من الشخصيات الفكرية والسياسية للكتابة حول المناسبة. فإلى جانب حواتمة كتب غينادي زيوغانوف، الأمين العام للحزب الشيوعي الروسي مقالة  بعنوان «الثورة الكوبية رمز الشباب والبسالة»، ومن أميركا اللاتينية كتب الأمين العام للحزب الشيوعي التشيلي، غييرمو تيليير، مقالة بعنوان«60 عاما من التضامن والانسانية» وفيما يلي ما كتبه حواتمة.

(1)

ستون عاماً ثورة وتنمية، وحدة القيادة الثورية التاريخية والشعب لإنجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية وعلى طريق العدالة الاجتماعية والاشتراكية.

تحولات طبقية كبرى سياسية اجتماعية، فكرية ثقافية وأيديولوجية، حرية العقل وتقديمه على النقل عن تجارب ثورات القرن العشرين، بخصوصيات كوبية تستوعب دروس وعبر ثورات كوبا وأميركا الجنوبية وفي المقدمة تجربة وأفكار خوسيه مارتي الوطني الديمقراطي الثوري الكبير، «لبناء دولة المجتمع الجديد ومجتمع الدولة الجديد».

كوبا الجديدة بزعامة فيديل كاسترو ورفاقه في حركة ثورة تموز/يوليو أطاحت بدكتاتورية باتيستا، دكتاتورية تحالف دولة البيروقراطية العسكرية القديمة، كبار الملاك والبورجوازية الكمبرادورية والطفيلية، وبنت دولة المجتمع الجديدة مجتمع العمال والفلاحين والفقراء والبورجوازية الصغيرة الدنيا، مجتمع تحالف الكتلة التاريخية الطبقية صاحبة المصلحة في إنجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية بخصوصيات كوبية. أنجزت الثورة عدالة قانون الثورة وشعب الكتلة التاريخية الشعبية وفتح الطريق لتصفية تحالف القوى المضادة لثورة حركة تموز، ومراكمة بناء دولة المجتمع ومجتمع الدولة.

على هذه التحولات الطبقية الإقليمية والسياسية بنت الثورة، الجبهة التاريخية للدفاع عن الشعب والمواطن في الداخل الكوبي، في المحيط الإقليمي من حصار وعدوان الجار الشمالي الكبير الإمبريالية الأميركية، وأنظمة دكتاتوريات كبار الملاك والكومبرادور والبيروقراطيات اليمينية العسكرية والرجعية في أميركا الجنوبية والوسطى والكاريبي.

أنجزت الثورة تحرير كوبا، انهارت دكتاتورية تحالف القوى المضادة للثورة، ورحلت عن كوبا (مليون تقريباً) ومعها الأبناء أطباء، مهندسين، معلمين...الخ، تمركزت في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية التي تحولت إلى قاعدة خلفية للثورة الرجعية واليمينية المضادة برعاية وتمويل وحماية الإدارة الأميركية عند الجار الشمالي على بعد 80 ميلاً فقط من سواحل كوبا جزيرة الثورة والحريّة والعدالة الاجتماعية، المساواة في المواطنة وبين الرجل والمرأة، تحرير الفلاحين من طبقة الملاكين الكبار، العمال وفقراء المدن من طبقة الكومبرادور والبورجوازية الطفيلية وهيمنة الكنيسة الرجعية، تفكيك الدولة القديمة وأذرعها وآلياتها البيروقراطية الإدارية والعسكرية لنزع «أنياب» القوى المضادة للثورة في الداخل الكوبي.

انطلقت دولة الثورة الجديدة لبناء مجتمع «الرعاية الاجتماعية» وبناء «الثروة البشرية» على قواعد العلم والمعرفة في خدمة الشعب، القضاء على الأميّة والفقر والمرض، باعتراف تقارير الأمم المتحدة فقد حصدت كوبا أرقى نظام تعليمي وصحي في كل أميركا الجنوبية والكاريبي، ومتوسط عمر الكوبي أعلى ما هو في الجار الشمالي الولايات المتحدة أغنى وأقوى دولة في العالم. قدمت كوبا الثورة «الثروة البشرية» أطباء، مهندسين، علماء، جامعات لشعوب أميركا الجنوبية والكاريبي، ولشعوب العالم الثالث في إفريقيا وآسيا وثورات التحرر الوطني مساهمة كبرى وتجربة ثورية وطنية وأممية للخلاص من الاستعمار القديم والجديد، والصراع للخلاص من الإمبريالية، وبناء العدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة وبين الرجل والمرأة في بلدان العالم الثالث وفي المقدمة أميركا الجنوبية والكاريبي وإفريقيا، ووصل الإسناد الكوبي إلى عديد من الشعوب العربية وفي المقدمة إلى ثورتنا الفلسطينية وحقوق شعبنا بتقرير المصير والاستقلال وعودة اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.

في سماء كوبا الثورة أنجزت وحدة الكتلة التاريخية الاجتماعية حاملة ورافعة وحامية مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية الجذرية الجديدة، والتحولات الاشتراكية ببناء وحدة المكونات الطبقية والتيارات الوطنية الثورية واليسارية والشيوعية بزعامة حركة وثورة تموز والقائد الثوري، الوطني والأممي الكبير فيديل كاسترو ورفاقه، تم بناء الحزب الشيوعي الكوبي الجديد الموحد بخصوصيّات كوبية وأمريكية جنوبية.

(2)

معركة «غزو خليج الخنازير» 1962 شكلت المعركة الكبرى الحاسمة مع تحالف القوى المضادة للثورة، القوى اليمينية والرجعية الكوبية والدوائر العليا للإمبريالية الأميركية في الولايات المتحدة الأميركية، حشدت طاقاتها في ولاية فلوريدا وتمويل الدوائر الحاكمة للإمبريالية الأميركية لغزو واحتلال رأس جسر للأرض الكوبية وضرب القيادة الثورية الكوبية.

الهزيمة الساحقة نصيب الغزاة في «خليج الخنازير»، والانتصار الكبير المدوّي على يد الثورة بزعامة فيديل كاسترو شخصياً.

أعلن كاسترو فور النصر شخصياً التزام «الثورة والشعب بالاشتراكية».

أعلنت الإدارة الأميركية الشمالية الحصار الشامل بحراً وجواً على كوبا، وأعلنت ديكتاتوريات أميركا الجنوبية الحصار والقطيعة مع كوبا باستثناء المكسيك.

معركة خليج الخنازير، وإعلان كوبا الثورة «الالتزام بالتحولات الاشتراكية» انتقال إلى مرحلة جديدة في مسار الثورة والشعب.

فتحت المرحلة الجديدة الفضاء الأممي والعالمي مع كوبا، العلاقات والتحالفات مع المكونات الكونية الثلاث: معسكر تجارب البلدان الاشتراكية، حركات التحرر الوطني في القارات الثلاث آسيا، أفريقيا، أميركا الجنوبية والكاريبي، الحركات العمالية والطلابية والمرأة في أوروبا، أميركا الشمالية، نحو التحرر الوطني والاجتماعي، والاستقلال وحقوق الإنسان والسلام والتنمية، والتقدم إلى أمام..

كوبا قدمت جامعاتها، أكثر من نصف مليون من أبنائها مناضلين عشرات السنين في خدمة حقوق شعوب أميركا الجنوبية والكاريبي، أفريقيا، آسيا، البلاد العربية، شعب فلسطين والثورة الفلسطينية.

بفعل أعمدة العوامل والروافع المذكورة وصلت كوبا الثورة إلى موقع ودور المنارة الوطنية والأممية إلى ظاهرة إنسانية كونية، بنت دولة ومجتمع الرعاية والعدالة الاجتماعية، وعلى طريق الاشتراكية نحو بناء المستقبل القادم «دولة ومجتمع الرفاه الاجتماعي».

صمدت وكسرت حصار الإمبريالية الأميركية وأتباعها، واصلت الصبر الثوري النبيل عشرات السنين في الداخل الكوبي، وفي محيطها الإقليمي الذي نهض بسلسلة من التطورات في هزيمة الدكتاتورية اليمينية والرجعية في بلدان أميركا الجنوبية والكاريبي، والتحولات نحو اليسار، نحو الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة (البرازيل، فنزويلا، بوليفيا، الأكوادور، الأوروغواي، تشيلي، الأرجنتين، نيكاراغوا، السلفادور..) أمثلة أسهمت في كسر الحصار عن كوبا، ولكوبا القيادة اليسارية الجذرية « منصة الظل العالي» كما ذكرت في كتابي:

 La izquierda revolucionaria.. La vision del gran despertar (Criticas Y expectativas). Caracas 2012.

(3)

اندفعت كوبا الثورة بزعامة فيديل القائد الوطني والأممي الكبير ورفاقه نحو التحولات الاشتراكية بمبادئ وروح الطموح الثوري لبناء اقتصاد اشتراكية العدالة الاجتماعية، والمساواة في المواطنة، اعتمدت القيادة اليسارية على دروس وعبر وإنجازات  مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية والثورية، وبناء علاقات وتحالفات اقتصادية واسعة شاملة مع تجارب بلدان البناء الاشتراكي (الاتحاد السوفيتي، الصين، أوروبا الشرقية والوسطى) بلغت 80% تقريباً من مجموع علاقات كوبا الاقتصادية، وتحت سقف المساواة في العدالة الاجتماعية والمواطنة. وكأن كوبا في المرحلة العليا من بناء الاشتراكية.

تفكك وانهيار تجارب الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية والوسطى ترك الاقتصاد الكوبي بلا غطاء وبخسارة 80% من علاقاته الاقتصادية ودخل الاقتصاد الكوبي في مرحلة معقدة صعبة وقاسية (مرحلة الفترة الخاصة)وتداعيات سلبية كبيرة على مصير ومسار الاقتصاد الكوبي، وسنوات طويلة نسبياً تهدد الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

الاقتصاد الكوبي احتاج إلى المراجعة الشاملة على قاعدة المرحلة الأولى في البناء الاشتراكي والاجتماعي مرحلة «من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله»، وليس في مرحلة «المساواة في الرعاية والعدالة الاجتماعية الشاملة».

الحلقة الاقتصادية حلقة الضعف في سلسلة إنجازات الثورة في مرحلة ومهمات الثورة الوطنية الديمقراطية الجذرية الثورية، وحلقة الضعف في المرحلة الأولى من التحولات والبناء الاشتراكي.. مرحلة «من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله» تحت مظلة دولة الرعاية والعدالة الاجتماعية.

(4)

مسار ودور كوبا الثورة العادلة والاشتراكية هي التي انتجت دور كوبا «المنارة» «منصة الظل العالي» الظاهرة الإنسانية أمام شعبها وشعوب العالم.

إن جميع أعمدة، حوامل وروافع الثورة في مسار60 عاماً على انتصار الثورة الكوبية، وحل مشكلات الاقتصاد في مساره الجديد، نحو اقتصاد «لكل حسب عمله» و«دولة الرعاية والعدالة الاجتماعية»، الدخول في مرحلة المعرفة والعمل بالثورة الصناعية والزراعية التكنولوجية التي تجتاح عالمنا المعاصر.

هذه جميعاً أعمدة الدور الكبير في الحاضر والمستقبل الزاهر الوطني والأممي لكوبا ثورة الرعاية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية بخصوصيات كوبية برزت على امتداد 60 عاماً في الثورة تقدم نفسها من جديد. 

(5)

في مسار60 عاماً للثورة الكوبية بنينا معاً العلاقات الثورية الكوبية – الفلسطينية.

أتاحت لي الفرصة التاريخية أن أكون أول قائد فلسطيني (وربما عربي وشرق أوسطي) يلتقي ويجتمع مع الرفيق الصديق فيدل كاسترو القائد الوطني والأممي الكبير بدءاً من عام 1972، جمعتنا «الرؤية الثورية الوطنية والأممية الجديدة» بخصوصيات كوبية وفلسطينية جديدة بحثاً عن عالم جديد، عالم حق الحرية وتقرير المصير والاستقلال للشعوب، عالم العدالة الاجتماعية والاشتراكية، التي دعا لها رواد الاشتراكية الجديدة ومعادلة ماركس الشهيرة «اشتراكية الديمقراطية وديمقراطية الاشتراكية». 

شعب فلسطين خمسون عاماً في الثورة المعاصرة يصارع من أجل حقه في الوجود على أرضه بتقرير المصير والاستقلال وعودة اللاجئين، وفي هذا المسار انطلقت الثورة الفلسطينية، وانطلقت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين اليسار الفلسطيني المسلح الجديد تحت راية «سياسة السلاح وسلاح السياسة».

كوبا فيدل ورفاقه فتحوا جامعات كوبا لبناء الكوادر الفلسطينية بكل تلاوينها الفكرية والسياسية.

كوبا فيديل أول من قطع العلاقات مع دولة الاحتلال الاسرائيلي الاستعماري التوسعي في فلسطين والبلاد العربية المجاورة عام 1973.

المجد لكوبا الثورة، للرفيق الصديق فيديل كاسترو، راؤول ورفاقه.

التعليقات