سلطة فلسطينية بلا حكومة

سلطة فلسطينية بلا حكومة
رام الله - دنيا الوطن
بقلم: عبد الله عيسى رئيس التحرير
رغم السلبيات التي أحاطت بالسلطة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1994، فقد مرت عمليات تشكيل الحكومة الفلسطينية بمد وجذر، وتحملت الحكومات الفلسطينية المتتابعة مسؤولية أخطاء كثيرة، وفي غالب الأحيان دون وجه حق، حتى احترف بعض الأشخاص والشخصيات مسؤولية إسقاط هذه الحكومات، بهدف الوصول إلى مناصب معينة، ووصلت الأمور الى مراحل هزلية مضحكة مبكية، ففي عام 1996 أجريت انتخابات المجلس التشريعي، واستقالت الحكومة الفلسطينية، وبقي الأمر أكثر من خمسة شهور؛ لحين تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، وفي حينها تساءلت وقلت: إن البلد بدون حكومة منذ خمسة شهور، ولا يشعر أحد أنه لا يوجد خلل في السلطة، وهذا أمر عجيب في سياسة الدول بأن نصل إلى مرحلة بأنه لا لزوم لحكومة؛ لأن السلطات كلها لم تكن بيد الحكومة.

وأذكر أن حكومة الأخ أحمد قريع (أبو العلاء) قد تفانت في كسب ود الشارع الفلسطيني، ومع هذا لم يشكرها أحد، وواجهت حكومة الدكتور إسماعيل هنية، صعوبات بالغة جداً، نتيجة للمشاكل التي كانت قائمة بين فتح وحماس، ولم تنجح أيضاً في حل المشاكل، وبعد ذلك، جاءت حكومة الدكتور سلام فياض، وهي حكومة تعتبر أنها كانت مثالية، وقدمت خدمات جليلة في الضفة الغربية، ولا زلت أذكر، تسلق الدكتور سلام فياض على أشجار الزيتون ومساعدته للفلاحين، وتواضعه، ثم القيام بمشاريع ضخمة في الضفة الغربية، وخصوصاً في مدينة رام الله.

وجاءت بعد ذلك حكومة الدكتور رامي الحمد الله، وقام الدكتور رامي الحمد الله بخطوات كبيرة ومهمة جداً من النزاهة أولاً عندما رفض تسلم راتبه من الحكومة، وتبرع به للسلطة، وكان الدكتور رامي الحمد الله، وهو والد الشهداء، ينظر إلى سقوط ابنيه شهداء احتسبهما عند الله أنه ابتلاء، كما أن تسلمه رئاسة الحكومة الفلسطينية، اعتبره ابتلاء آخر، واهتم الدكتور رامي الحمد الله بالمواطن البسيط، وفئة محدودي الدخل، وكان عوناً لهم في المشاكل المعيشية التي تواجه الشعب الفلسطيني، ورغم أنه ووجه بنكران للجميل، إلا أنه تسامى عن هذه التصرفات، وذات مرة شاهدته على وسائل الإعلام، يتوجه إلى سجن لإخراج عضو بالمجلس الثوري، ثم إلى المستشفى لزيارته، وبعدها بأسبوع توجهت إلى الدكتور رام الحمد الله في رام الله، فشاهدت عند باب رئاسة الوزراء تجمعاً كبيراً من المواطنين، يهتفون لمطالب لهم، ويقف على رأسهم ذلك الشخص الذي كان معتقلاً، ويحمل طبلاً ضخماً، ويطرق عليه، ويهتف ضد الدكتور رام الله، وعندما دخلت إلى مكتب الدكتور رامي الحمد الله، سألته وقلت له أليس هذا الشخص الذي يطرق الطبل، هو من قمت بإخراجه من السجن والمستشفى بنفسك؟ فأطرق برأسه وقال نعم، وماذا تريدني أن أفعل، وكان نفس الشخص هو من عمل على إفشال حكومة الدكتور سلام فياض، حيث إنه كان مدفوعاً من قبل عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وسعى لتعيين أخت زوجته كوزيرة، وقد استفزتني هذه الأمور، واتصلت هاتفياً بالدكتور سلام فياض، وقلت له: إنني أرى أن السلطة تتجه نحو إلغاء الحكومة، أي حكومة كانت، فقال لي كيف ذلك؟ فقلت له: نفس الذين حاربوك، هم من يحاربون الدكتور رامي الحمد الله حالياً، وبهذه الطريقة لن تستمر أي حكومة، فقال الدكتور سلام فياض بمرارة: هذا ما أراه فعلاً.

وأكرر الآن نفس الفكرة بأن أي حكومة مثل حكومة الدكتور الحمد الله، تحظى بثقة الرئيس أبو مازن، وتسير على هدي توجيهاته، تحارب لأسباب شخصية؛ لأن قيادي فتحاوي، طامح كي يصبح رئيساً للوزراء، وأن يُعين أخت زوجته وزيرة، مهما كانت النتائج حتى لو كان ذلك دماراً للشعب الفلسطيني، ولحسن الحظ أن الرئيس أبو مازن واعٍ جداً لهذه المآرب، ويستطيع أن يميز بين الغث والسمين، ومع هذا فإنني أرى أن الدكتور رامي الحمد الله قد تسرع بتقديم استقالته، وكنت أتمنى أن يواصل المسيرة لأننا لا نجد دائماً شخصية بمستوى الدكتور رامي الحمد الله، من حيث علمه وثقافته ونزاهته.

التعليقات