إعلان غزة "إقليم متمرد".. هل هي آخر إجراءات السلطة؟ وما خيارات حماس والفصائل؟

إعلان غزة "إقليم متمرد".. هل هي آخر إجراءات السلطة؟ وما خيارات حماس والفصائل؟
خاص دنيا الوطن - أحمد العشي
لاقت تصريحات عزام الأحمد، عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة فتح، التي طالب فيها، بإعلان قطاع غزة "إقليم متمرد"، غضباً شديداً من قادة الفصائل بغزة.

بعض القادة، اعتبر أن هذه التصريحات مستغربة، ولا تخدم الجهود التي تبذل لتحقيق ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وأنها تكريس للانقسام.

المحللون استبعدوا، أن تقدم السلطة الوطنية الفلسطينية على خطوة  إعلان قطاع غزة "إقليم متمرد".

"دنيا الوطن" استطلعت آراء بعض المحللين السياسيين حول تصريحات الأحمد، وخرجت بالتقرير التالي..

أكد هاني العقاد المحلل السياسي، أنه لا أحد يستطيع إعلان قطاع غزة كإقليم متمرد؛ معللاً ذلك بأنه لا مكانة لمنظمة التحرير ولا وجود لقيادات وطنية في القطاع، ولا وجود لأي قوى غير حركة حماس.

وقال: "حماس لا تشكل نسبة مطلقة في قطاع غزة، ولا بد أن يُراجع الأحمد استطلاعات الرأي قبل التحدث، وليس من الجيد الذهاب إلى هذا الشكل من التعامل مع قطاع غزة، أو إعلانه إقليماً متمرداً".

وأضاف العقاد: "إن فكر الأحمد أنه بذلك يمكن أن يؤذي حماس، فهو مخطئ، فنحن نقول إن هناك حكومة فصائل سياسية مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية، وغزة جزء من الوطن، وبالتالي ستعمل هذه الحكومة مع الكل الفلسطيني".

وتابع بقوله: "يجب أن يعلم الأحمد، أن غزة دائماً لها تأثير في القرار الوطني، ولا يمكن أن يُجمل بحديثه هذا كل غزة، فغزة هي التي تقود الثورة وقادتها، وفجرت الانتفاضة، وحققت آلاف الإنجازات الوطنية، وهي معقل الشهداء من كل الاتجاهات دون تميز".

وحول معنى كون غزة "إقليم متمرد"، أوضح المحلل السياسي، أن ذلك يعني تمرد جزء من الدول عن قانونها، وتعريض سيادتها للخطر، بعمل عسكري انفصالي، منوهاً إلى أن الإقليم المتمرد هو منطقة من الدولة، لا تستطيع تطبيق القانون فيه، ولا إعادته إلى الدولة بالطرق السياسية، وقد يتعرض لسلسة إجرءات وملاحقات وحصار مالي واقتصادي، وقد يكون الحصار عسكرياً في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى التحرير السياسي، حيث تلجأ الدولة لذلك؛ لإجبار قادة الانشقاقات أو الانقلابات، على التسليم في النهاية لشرعية الدولة الأم.

وبين العقاد، أن القانون الدولي، وقوانين حقوق الإنسان، لا تجيز اعتبار كل مواطني الإقليم متمردين، معتبراً في الوقت ذاته أن استهداف كل مواطني الإقليم دون استثناءات، سيعرض السلطة الوطنية الفلسطينية لمزيد من الانتقادات السياسية، وقد يؤثر على علاقاتها السياسية ببعض الكتل الدولية والصديقة.

وحول خيارات حركة حماس إذا ما تم الإقدام على هذه الخطوة، أشار العقاد إلى أن الحركة ستناضل لآخر نفس، ولديها الآن قوى أخرى بغزة، ستحاول اجتذابها لمربعها، باعتبار أن القطاع يجب أن يبقى على قيد الحياة، وأنه لن يموت باعتباره إقليماً متمرداً، ولن يستسلم للشرعية أيضاً، لان هذا ليس من خيارات حماس.

وفي السياق ذاته أوضح العقاد، أن حماس قد تتوصل إلى تشكيل  حكومة جديدة في قطاع غزة، مع بعض الأطر والفصائل والتيارات.

بدورها، أكدت سارة الشلقاني، مسؤولة ملف الصراع العربي الإسرائيلي في جريدة (الدستور) المصرية، أن تصريحات الأحمد نوعم من أنواع الضغط على حركة حماس، إعلامياً، ومحاولة لتثبيت صورة ما تقوله السلطة بأن غزة مختطفة من قبل حركة حماس، وأنها منشقة عن شرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن حماس هي الطرف المعطل لمحاولات لإتمام المصالحة، لافتة إلى أن الأحمد ليس المرة الأولى التي يصرح فيها بهذا الأمر.

وقالت الشلقاني: "يجب على السلطة التفكير جيداً قبل الإقدام على هذه الخطوة، وإعلاء المصلحة الوطنية، لأن إعلان غزة "إقليم متمرد" يساعد في فصلها عن فلسطين، مما يجعل الأرض ممهدة لـ (صفقة القرن)، التي تهدف لهذا الأمر في الأساس.

وأشارت إلى أن الدول الإقليمية، وخاصة جمهورية مصر العربية ستعمل على منع أي قرارات تساعد على تنفيذ الصفقة، مستبعدة في الوقت ذاته أن تقدم السلطة على إعلان غزة "إقليم متمرد"، معتبرة تصريحات الأحمد بأنها تلويح للضغط على حركة حماس.

وفيما يتعلق بالدور المصري إذا ما تم ذلك، قالت الشلقاني: "التزام مصر هو التزام تاريخي تجاه القضية الفلسطينية، فالقاهرة تحاول في هذه الآونة العمل على منع أي خطوات تزيد من عمق الانقسام، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وتوحيد جبهته، وتقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف؛ لمواجهة الأخطار الخارجية المتمثلة في (صفقة القرن)، فبالتأكيد موقف مصر سيكون لرأب هذا الصدع الخطير إن حدث".

وحول خيارات حماس، أوضحت المسؤولة ملف الصراع العربي الإسرائيلي في جريدة (الدستور المصرية)، أن الحركة ستعمل على منع تدهور الحالة المعيشية في قطاع غزة، أكثر من الوقت الحالي، وستتجاوب مع أي محاولات إقليمية لتقريب وجهات النظر مع السلطة الفلسطينية، وعدم تصعيد الأمور لهذا الحد.

الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أشار إلى أن إعلان قطاع غزة "إقليم متمرد"، يعني شيطنته، وانسحاب كامل لدور السلطة الفلسطينية من مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية والوطنية،  معتبراً أن ذلك مؤشر خطير باعتبار غزة منطقة خارجة عن النظام السياسي الفلسطيني، وهو منافٍ للواقع والحقيقة في ظل فشل جهود المصالحة الفلسطينية.

وأوضح الغريب، أن تصريحات الأحمد، تأتي في سياق الحملة التحريضية المتواصلة، والإجراءات التي تنوي السلطة الفلسطينية، فرضها على قطاع غزة.

وأشار إلى أن قطاع غزة، جزء من النسيج الوطني الفلسطيني، وأن المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تتطلب الوحدة الوطنية.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي، أن السلطة الفلسطينية، وعلى لسان الأحمد، بات من الواضح أنها تريد تهيئة الرأي العام؛للوصول لتلك اللحظة في ظل فشل جهود المصالحة الفلسطينية.

واعتبر الغريب، أن الخيار الأمثل لكل الأطراف، الاستمرار والإصرار وعدم اليأس من فشل جهود المصالحة، وتقديم مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل المصالح الأخرى، والالتزام الدقيق والأمين بتنفيذ اتفاقي القاهرة عامي 2011 و2017.

واستبعد الغريب، إعلان غزة "اقليم متمرد" في الوقت القريب، لافتاً إلى أن الأمر غير مرتبط بقرار السلطة الفلسطينية فقط، وإنماً هناك عوامل خارجية وأطراف، سترفض هذا المقترح، وستعمل على خوض جولات ومحاولات جديدة؛ من أجل إحداث اختراق حقيقي في ملف المصالحة.

وأشار الغريب، إلى أن أول هذه الأطراف التي ستمنع الخطوة، جمهورية مصر العربية، التي تصر على تحقيق الوحدة الفلسطينية، وتطرح ذلك في كل جولة أو زيارة تتم لقطاع غزة أو الضفة الغربية عبر وفد جهاز المخابرات المصرية.

وفيما يتعلق بخيارات حماس، قال الغريب: "حال الإعلان بشكل رسمي وإقدام السلطة على ذلك، فإن ذلك يعتبر لحظة الانفصال التام عن الضفة الغربية، وهذا قد يدفع قطاع غزة لسلوك خيارات هو في غنى عنها، كتشكيل هيئة وطنية لإدارة شؤون غزة، أو تشكيل حكومة "تكنوقراط " تدير شؤون وحياة المواطن الفلسطيني".

التعليقات