الاحتلال يسعى إلى إفراغ دور الأوقاف من محتواه

رام الله - دنيا الوطن
شهد المسجد الأقصى ثلاثة تطوراتٍ شديدة الخطورة خلال الشهر الأول من عام 2019، تمثل الأول بحصار الشرطة لقبة الصخرة يوم الإثنين 14/1/2019 بعد تصدي حراس الأقصى لاقتحامها، وقد انتهى الحصار بعد الاحتشاد الجماهيري حول القبة في ذلك اليوم وباعتقال أربعة من الحراس وأحد النشطاء المقدسيين وفرض أوامر إبعاد من الأقصى بحقهم مدة ستة أشهر.

 أما الثاني فكان نصب خمس طبقاتٍ من السقالات الحديدية في يوم الأربعاء 16/1/2019، في خطوة أولية لترميم سور الأقصى الجنوبي الغربي بيد سلطات الاحتلال واغتصاب هذا الحق من صاحبه الحصري الوحيد وهو الأوقاف الإسلامية في القدس، أما التطور الثالث فجاء في يوم الخميس 24/1/2019 باقتحام قائد لواء شرطة القدس يورام هاليفي المسجد الأقصى بصحبة قدامى المحاربين الصهاينة بينهم بعض من شاركوا في احتلال المسجد عام 1967 وتجولهم داخل مبنى قبة الصخرة المشرفة. وأمام هذه الاعتداءات الجسيمة التي يفتتح بها عامهم الثاني لترجمة قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لكيانهم، فإننا في مؤسسة القدس الدولية نؤكد ما يأتي:

أولاً: تعمد الاسرائيليين اقتحام الأجزاء المسقوفة من الأقصى، وبالذات قبة الصخرة بشكلٍ متكرر، يهدف إلى تطبيع هذه الاقتحامات والانتقال لخطوة تصعيدية إضافية بعد أن كانت الاقتحامات فيما سبق تقتصر على الساحات، وما أقدم عليه حراس الأقصى من تصدٍّ للمقتحمين هو الموقف الأصيل الذي يعبر عن ثوابت هذه الأمة، وهو لا يتعلق بلباسٍ ديني أو رمزٍ يرتديه أفراد شرطة الاحتلال، واقتحامهم للأقصى بسائر مرافقه عدوانٌ مرفوض لا يصبح مقبولاً بالتقادم أو بالتعويد.

ثانياً: هذه التطورات الثلاثة تركّز على ضرب دور الأوقاف الإسلامية في القدس، وسلبها دورها وصلاحياتها بالقوة، وبالذات حقها الحصري في ترميم الأقصى بكامل مرافقه ومساحته، والأسوار الجنوبية الغربية جزء من هذا الحق الحصري، وقد سبق للأوقاف الإسلامية أن خاضت معركةً ناجحةً لترميم السور الجنوبي الشرقي للأقصى في أعوام 2002-2004، واليوم مع تصاعد الخطر فلا بد من الثبات على الموقف، وعدم التنازل عن الحق الإسلامي الحصري الثابت في ترميم الأقصى بكامل مساحته ومرافقه، وعدم قبول أي أمرٍ واقعٍ مفروضٍ أو تمريره.

ثالثاً: نؤكد من جديد وقوفنا إلى جانب الأوقاف الإسلامية في القدس في مواجهة الاحتلال، ودعمنا المطلق لحماية دورها بصفتها الإدارية الإسلامية الشرعية للأقصى، وندعو كل الدول العربية والإسلامية والمؤسسات والهيئات الشعبية إلى الوقوف إلى جانبها وتأكيد دورها الحصري الذي لا يقبل التغيير والتبديل، سواء في إعمار المسجد أو إدارته أو تولي أعمال الحراسة فيه.

رابعاً: لقد أكدت التجارب بدءاً من هبة النفق عام 1996 وانتفاضة الأقصى عام 2000 وصولاً إلى انتفاضة السكاكين 2015 وهبة باب الأسباط 2017 بأن جماهير القدس وفلسطين هي درع الأقصى وسياجه الذي يحميه، وهو ما تجسد في حصار قبة الصخرة يوم 14/1/2019 كما جسّده حراس الأقصى الذين هم جزء أصيل من هذا الشعب، وإننا إذ نحيّي هذا الموقف الشعبي الصامد نؤكد وجوب استمراره في وجه كل عدوان، وضرورة دعمه والالتفاف حوله، ونؤكد أنه الخيار الأساس والأبرز في حماية الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى المبارك.

خامساً: على المستوى الرسمي، فإننا نثمن إدانة الحكومة الأردنية لحصار قبة الصخرة وتركيب السقالات المعدنية، لكننا في الوقت عينه ندعو إلى اتخاذ إجراءات أكثر تأثيرًا في وجه هذا التهديد الوجودي الذي يفرغ دورها في الأقصى والقدس من معناه، ونتطلع إلى تحركها على المستوى الدولي وفي الأمم المتحدة لترجمة الإدانة بشكلٍ عملي، وندعو الدول العربية والإسلامية للوقوف إلى جانبها في ذلك.

سادساً: إن أي حريص يشاهد فيديو اقتحام قائد شرطة القدس لقبة الصخرة، وتصدي مرابطةٍ حرة من مرابطات فلسطين له وحدها منفردة لا يمكنه إلا أن يستشعر الانكشاف الذي يعاني منه المسجد، على المستوى الشعبي والرسمي، وإذا كان حراس الأقصى الذين وقفوا موقفاً بطولياً قبله بيومين فقط في المكان ذاته قد تعرضوا للاعتقال والإبعاد، فلا ينبغي السماح لهذه السياسة العدوانية بأن تشكل رادعاً، فلا بد من دعم الحراس واحتضانهم والوقوف معهم وكسر الإجراءات الإسرائيلية بحقهم، أما على المستوى الشعبي فلا بد من تكثيف الحضور والتواجد في الأقصى وتكثيف جهود الدفاع عنه في وجه موجة العدوان العاتية.