أبعاد العدوانية

أبعاد العدوانية
د. يسر الغريسيي حجازي

 ابعاد العدوانية

ياتي اللطف بطريقة ارتجالية، بينما يتم الاعداد الي العدوانية" "

فيليب بوفارد

من هم الناس العدوانيين؟ كيف نتعامل معهم؟ هل يمكن أن يكونوا خطرين؟ من منا لم يكن موضوعًا للسلوك العدواني في المنزل أو في العمل أو في المجتمع؟ يتم شرح العدوان في علم النفس على أنه ميل إلى الرغبة في إلحاق الأذى بالآخرين، بشكل ملموس أو رمزي. بالنسبة إلى عالم الأحياء النمساوي كونراد لورنز، إن العدوان هو غريزة مرتبطة باحتياجاتنا الحيوية ويتجلى بشكل غريزي عندما يكون الانسان جائعًا، أو أثناء الهروب من خطر حقيقي. إنه تعبير لدافع شخصيريحرك كل تركيزنا، ويمكن أن يدفعنا إلى العمل بقوة. وتختلف دراسة السلوك بين الحيوانات من نفس النوع عن الحيوانات ذات الأنواع المختلفة..

     على سبيل المثال ، يقتل النسر فريسته دون عدوان، في حين تكون المعارك بين الذكور من نفس النوع في غاية العدوانية. هذه النظرية تنطبق أيضا على الإنسان ، لأن العدوان جزء من طبيعة الإنسان بسبب الجهد الذي يجب عليه أن يبذله للعثور على موارده، في سبيل تصميم بيئة للبقاء ولتلبية احتياجاته الأساسية. ببساطة، يمكن أن يصبح هذا العدوان تهديدًا لبقاء المجتمعات عندما يصبح العدوان على الآخرين، لأن السلوك المسيء يمكن أن يؤدي إلى منافسة سيئة علي اشكال سلطوية، عنيفة جنسيا ، عنصرية ، عبودية ، وقاسية تؤدي الي الجريمة.

ان العدوان له أسس بيولوجية وقواعد جينية وهرمونية وعصبية، كما أنه وراثي ويمكن التقاطه عن طريق التهجين والتكاثر في الحيوانات التي تنحدر من السلالات العدوانية أو الغير عدوانية (تيبو، 1976). في الواقع ، ان العدوان هو أحد المحركات الأساسية للدماغ البشري (تحت المهاد) ، والزواحف والثدييات البدائية. سوف تدمج العوامل الهرمونية المراكز العصبية، التي يمكنها ان تسيطر على سلوكنا. واظهرت اتجارب المخبريةان الهرمونات الذكورة (هرمون التستوستيرون) هي أيضا قاعدة للعدوانية، وقد أظهرت التجارب المختبرية انه على سبيل المثال، الحيوانات الولودة تفقد عدوانها. كما ان علاج الحد من خلات السيبروتيرون (التستوستيرون)، يقلل بشكل كبير من الدافع الجنسي والجنائي. هل يجب أن نفهم أن العدوانية هي الطريقة المثلي للبقاء؟ هل هذا يعني أن هناك فائزًا وخاسرًا؟ وهكذا يتم التأكيد من الأصل البيولوجي للعدوانية ، وذلك بسبب ان التجاوز في الغضب يرجع إلى الاتجاه المفرط للأنا العليا ، إلى تأكيد الذات وحب التملك والاصرار علي تلبية الاحتياجات. ذلك يعني بالتاكيد الحفاظ على الذات (الجنس، الإنجاب، الدفاع عن الأرض، السيطرة الشاملة، والحزم) التي تتحكم في الأنا الأعلى، لكي  تحولها في ما بعد إلى شكل أعنف وأكثر عنفاً من العدوانية. 

ويبدأ ذلك مع الطفولة والمراحل التنموية للطفل، وكل يعتمد على اسس وطريقة التربية. 

كما يمكن ملاحظة هذه الظاهرة عند الأطفال المدللين، الذين لا يقبلون كلمة الرفض من قبل آهاليهم بسبب ان كل طلباتهم مستجابة. وبمجرد أن تتحقق رغباتهم، إنهم يوقفون عدوانيتهم. ويمكن لهذا التصرف العدواني ان يتكرر في كل مرة يكون لدي الطفل رغبة جديدة. من المهم فهم أسباب العدوانية عند الطفل، وذلك لمساعدته على التحكم في عواطفه. وفي نوبات الغضب بين عمر ستة وسبعة سنوات،يعبر الطفل عن الرغبة في القيام بالاستيلاء بالقوة علي ما هو ليس له او ممنوع عليه. وفي مواجهة رفض الوالدين لرغبته، ينفعل الطفل ويصبح عدوانيًا وهو يعرف تمام أنه يستطيع التفاوض واستخدام كل قواه لتحقيق رغباته.  

 كما انه من الضروري تبني موقف معتدل مع الطفل، وذلك للحصول علي الهدوء مع الطفل الغاضب واجباره علي الانصياع باصرار لكن بدون عنف. سوف  يسمح للطفل بمعرفة أن سلوكه غير صائب، بحيث: 

1- توضيح أن التوافق ضروري للعيش في تناغم،

2- من الضروري احترام قواعد الأسرة والمجتمع حتى لا يضر المرء نفسه أو الآخرين،

3-الانصياع لاولياء الامور و للاذين هم اكبر سنا و خبرة منهم، لتجنب الوقوع في المشاكل،

4- فهم اولياء الامور لابنائهم كيفية الانسجام الاسري والمجتمعي، وواجب الالتزام لكل فرد في المجتمع  بقواعد المجتمع والقوانين التي تحمي كل المجتمع، 

5-شرح للطفل سبب رفض الوالدين لطلبه بالمنطق والمسؤولية، حتي يتم معرفة حدوده في الرغابات وما هي الاشياء المسموح بها،

6- قياس عواقب سلوك الطفل. على سبيل المثال ، من خلال شرح اولياء الامورلطفلهم أنه لا يجوز استخدام العند والعنف للحصول بالقوة على لعبة صديقه والاستلاء عليها دون موافقته،  وانه تصرف ليس مهذب، وكما أن ازعاج  صديقه يمكن ان يفقد صداقته وكل الناس الذي يحبهم.  

من الضروري جعل الطفل يفهم أن سلوكه لا يطاق ويزعج الجميع. الحوار المفتوح أمرلا بد منه لمنح الطفل التفكير والائلة، ورؤية الخطا الذي ارتكبه، ولكن أيضا الغضب ليس هو الحل المناسب. ومهم أيضا أن يضع الطفل نفسه في دور صديقه الذي يريد أن يأخذ لعبته المفضلة، ليتعرف على مشاعر الطفل الآخر. سوف يدرك ببطء موقفه المبالغ فيه، وعدوانيته التي ليس لها سبب. ان مفهوم الرضا الغريزي لدي الطفل هو من أعراض القلق او الاحباط او المعاناة. اما العدوانية الجسدية عند الطفل، تعبرعن التخلص من التوتر الداخلي  والعنف هو نزعة للضرر أو للإساءة بالاخرين. اذا استمر سلوك العدوانية عند الطفل لغاية سن الرشد، فيمكن ان يؤثر في حياته في البيت، في العمل وفي المجتمع. ويمكن ان يتحول الي شخص متعجرف ونرجسي ومتسلط. انهم يتصرفون وفقا لمصلحتهم الخاصة، ويمكن ملاحظة انهم يتحدثون فقط علي انفسهم وبطولاتهم. اذا اعتالوا مواقع اجتماعية او سياسية، يتصرفون مثل الملوك، شخصيات استبدادية، طاغية ولا تعترف بوجود الاخرين. 

التعليقات