اغتيال الرئيس محمود عباس!

اغتيال الرئيس محمود عباس!
                      اغتيال الرئيس محمود عباس!

الاغتيال إما أن يكون سياسيا أو جسديا. لكنه في النهاية هدفه واحد أي الاغتيال السياسي ، والمقصود بذلك اغتيال البرنامج السياسي او المشروع السياسي للرئيس وما يمثله من خطورة على إسرائيل. وهذا المشروع يحول دون تنفيذ الأهداف السياسية العليا لها وأحد هذه الأهداف عدم قيام الدولة الفلسطينية وقلبها الضفة الغربية. وعندما تصل إسرائيل إلى قناعة  وهى قد وصلت ان المشروع السياسي للرئيس بات يشكل عقبة كبيره فهنا يكون الاغتيال السياسي أو الجسدي. وعلى مدار مسيرة النضال الفلسطيني الطويلة كان الاغتيال السياسي والجسدي أحد أهم أساليب إسرائيل في التخلص من القيادات المؤسسة لما لها من وزن وتأثير على إلهام شعبها، وحضورها القوى إقليميا ودوليا, ولم تستثنى إسرائيل أي قياده أو أي فصيل ، فعلى مستوى حركة فتح قيادات كثيره أمثال أب وإياد وأبو جهاد وأبو الهول  وصولا للاغتيال التاريخي للرئيس عرفات، واغتيال الشيخ أحمد ياسين وفتحي الشقاقي وغيرهم كثيرون يمتلأ بهم السجل والتاريخ الوطني للحركة الوطنية الفلسطينية. وأتوقف قليلا عند اغتيال الرئيس عرفات، رغم أن الرئيس صاحب مقولة سلام الشجعان، وهو أول من مد يده للسلام وصافح إسحق رابين وشمعون بيريز في حديقة البيت الأبيض ، وليعلن على الملأ أن خيار الشعب الفلسطيني هو السلام، وقيام دولة فلسطينية تكون نموذجا للسلام والديموقراطية، والرئيس عرفات أول من امتلك الشجاعة السياسية وقام بتعديل الميثاق الوطني ليعترف بإسرائيل دولة ، وواصل على مدار سنوات طويله منذ وصوله لأرض فلسطين في غزة عام 1996 وحتى رحيله عام 2004 جهوده من أجل   تحقيق السلام على أرض السلام، إلا أن إسرائيل او القوى اليمينية رفضت يد السلام الفلسطينية، الرئيس عرفات تمسك بحقه وحق شعبه بالدولة الفلسطينية والقدس الشرقية عاصمة لها، ولم يدخر جهدا من أجل تثبيت هذا الحق. لم يتنازل عن هذا الحق، مشروعه للسلام تجسده الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وإسرائيل لا تريد أن ترى الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية يمكن ان تراها في غزة البقعة الصغيرة والمحكومة جغرافيا بالعزل والإغلاق، وتتحكم إسرائيل في كل منافذها، عندما أدرك اليمين في إسرائيل ان رؤية الرئيس عرفات تقف صخرة لا يمكن تكسيرها في وجه المشروع الاستيطاني قررت اغتيال الرئيس عرفات سياسيا وجسديا. هذا النموذج يتكرر الآن مع الرئيس محمود عباس الذي واصل سلام الشجعان وبقيت يده ممدودة للسلام، وحارب من اجل ذلك وتحمل كل التحديات والمعارضة فلسطينيا لدرجة الخيانة. إلا إنه ظل متمسكا بالدولة الفلسطينية والقدس الشرقية عاصمة لهذه الدولة، وأبدى الكثير من المرونة السياسية. ورغم الانقسام السياسي الفلسطيني بكل مشاكله، ورغم التراجع العربي والدولي بقى مواصلا قضية خيار الشرعية الدولية متحديا الإرادة ألأمريكية والإسرائيلية بالاستمرار في الانضمام للمنظمات الدولية، ومحاولة رفع مستوى تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة للعضوية الكاملة، رغم معرفته المسبقة بالفيتو الأمريكي، هذه المعركة حققت مكاسب وإنجازات كثيره. والرئيس ورغم متاعب العمر ينتقل من عاصمة لأخرى آخرها رئاسته للمجموعة ال77 والصين في نيويورك، ولم يقف الرئيس عباس في تحديه لمحاولات طمس القضية الفلسطينية والتخلص منها بما يسمى بصفقة القرن الأمريكية، ليقف وحيدا في الإعلان الصريح برفض هذه الصفقة ،. ولم يقف موقفه عند رفض الصفقة مسبقا لتؤجل تحت مبررات كثيرة ، إلا أنه أيضا رفض استقبال او الاجتماع بأي مسؤول أمريكي بل ذهب بعيدا برفض الدور الأمريكي في احتكار العملية التفاوضية، والمطالبة بمرجعية دولية. وبقى متمسكا بالمشروع السياسي والمطلب الوطني الفلسطيني بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ورفض أي لقاء مع نتانياهو بدون الاتفاق على مرجعية تفاوضيه أساسها الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. تدرك إسرائيل ان الرئيس عباس لا يناور ولا يساوم ولن يقبل بأقل من الدولة الفلسطينية، وهذا يعنى رفضا لكل المشاريع الاستيطانية، ورفض الدول الفلسطينية المؤقتة في غزه، والإصرار على أن الدولة الفلسطينية واحده موحده بغزة والضفة الغربية، لقد بدأنا نسمع عن أصوات تحريضيه داخل إسرائيل تهدد حياة الرئيس ،وتكرر نفس السيناريو الذى تعاملت به مع الرئيس عرفات أنه لا شريك فلسطيني للسلام ، وبدات حربا ماليه تقودها الولايات المتحدة بتجميد كل المساعدات المالية للسلطة والأونروا  لاغتيال الرئيس ماليا، ولم تقف السياسة التحريضية عند هذه الحدود ، بل الغرابة أن تتهم إسرائيل الرئيس عباس بأنه وراء حرب وحصار غزه. الصورة تتكرر، ولم يبقى أمام إسرائيل إلا التفكير الجدى بكيفية اغتيال الرئيس عباس والتخلص منه ، الرئيس درك ويعلم ذلك ، ومع ذلك يواصل مسيرته . إسرائيل بدأت فعلا تحركاتها لمرحلة ما بعد الرئيس على مسارين الأول تكريس الانقسام وتحوله لانفصال سياسي وقيام كينونة سياسية بديلا للدولة الفلسطينية في غزة ويبدو أن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية مهيأة لهذا الخيار، والمسار الثاني محاولة تكرار نفسها بالبحث عن قياده بديله، وهو مسار عبثي جربته قبل ذلك. إسرائيل تريد التخلص من الرئيس عباس، وتبحث عن الوسيلة والوقت المناسب. هذا في الوقت الذي يعلن فيه المجلس التشريعي المنحل دستوريا في غزة والذى تسيطر عليه حماس نزع شرعية الرئيس. تدرك إسرائيل ان الرئيس عباس ما تبقى من الشرعية التاريخية المؤسسة، وتعمل كيف تكون مرحلة ما بعد الرئيس نهاية للدولة الفلسطينية والقضية الفلسطينية هل بمرحلة نظرية الفوضى البناءة او نظرية الفوضى. واحذر من ألأخيرة فهى تضمن استقرارا وهدوءا في غزه، وتعرف ان مرحلة ما بعد الرئيس في الضفة قد تتبعها فوضى عارمه يمكن من خلالها أن تحقق ما تريد ، وبذلك تغتال المشروع السياسي الفلسطيني الذى يحمله الرئيس عباس وهى مرحلة نهاية القضية الفلسطينية.

[email protected] 

التعليقات