عمرو: الانقسام تحوّل لانفصال غير مُعلن وعلينا استبدال المُصالحة بـ "إعادة التوحيد"

عمرو: الانقسام تحوّل لانفصال غير مُعلن وعلينا استبدال المُصالحة بـ "إعادة التوحيد"
نبيل عمرو
خاص دنيا الوطن - هيثم نبهان
قال القيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، نبيل عمرو: إن ما يجري حالياً، هو تدهور في الوضع الداخلي الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذا التدهور، يُستغل من قبل الجانب الإسرائيلي بصورة متسارعة، و"في إسرائيل يفكرون بأن الوضع الفلسطيني أصبح مفتوحاً، وباستطاعتهم فعل ما يشاؤون، وهذا أخطر ما وصلنا إليه".

وأوضح عمرو في تصريحات لـ "دنيا الوطن": "بالأمس اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة رام الله، لأسباب لا يعرفها أحد، بمعنى أن يدخل الاحتلال في أي مكان برام الله، ويبدأ باحتلال المنازل ويصعد إلى الأسطح، ويقوم بتفكيك كاميرات منزلية، ولا يوجد أي مكان، يعبتر أنه ليس من حقه الوصول إليه".

وأضاف: "هذا في الضفة الغربية، وفي غزة هناك كارثة إنسانية يعيشها المواطن، وتهديد دائم بتدمير غزة للمرة الرابعة، وأيضاً هناك انسداد في الأفق السياسي وانشغال واسع النطاق في الصراع الداخلي، هذا لم يسبق أن حصل".

وتابع: في الماضي كانت تحصل كوارث واجتياحات، ولكن أن تتجمع كل الأمور السلبية في مدى زمني ضيق، هذا لم يسبق حدوثه.

وفي سؤال حول وصول المصالحة الفلسطينية إلى طريق مسدود، قال عمرو: إن "وصف الطريق المسدود لا يعبّر عن الحقيقة، وهو وصف مخفف لأن الأمور على هذا الصعيد تبدو أكثر سوءاً، ولا أخشى القول: إن المصالحة تبدو مستحيلة، ما دامت المعالجة تسير منذ 12 عاماً بنفس الطريقة العبثية".

وأضاف: "لم تبق عاصمة في العالم إلا واستضافت الطرفين، واتفاقات وتفاهمات تنجز على الورق، ويجري الاحتفاء بها، وفي اليوم التالي تفشل على الأرض وفق معادلة خطوة على الورق إلى الأمام وعدة خطوات على الأرض إلى الخلف".

وأكد عمرو، أن مصالح وتطلعات متناقضة تكرست في زمن الانقسام بين أقطابه، ولم يتوصل الوسطاء حتى الآن إلى إيجاد صيغة للتوفيق بينهما، و"سبق أن قلت أن المصريين يستحقون جائزة نوبل للصبر، فهم رغم 12 سنة من عدم تحقيق نتائج يواصلون العمل والأمل".

وفيما يتعلق بتداعيات فشل مباحثات المصالحة الفلسطينية، وتحوّل الانقسام إلى انفصال، قال عمرو: "بكل أسف نعم، ولكن بصورة غير معلنة، لا أحد من طرفي الانقسام يجرؤ على إعلان انفصال صريح، ولكن هنالك سباق محموم ومتسارع على تكريسه، فماذا بقي من الوحدة حتى ننفي الانفصال".

وأضاف القيادي في حركة فتح: "حتى العلاقات الإقليمية والدولية فكل طرف يمارسها بصورة مستقلة عن الطرف الآخر، وإذا كانت رام الله تتمتع بشرعية فلسطينية وإقليمية ودولية ما يجعل عملها الخارجي شرعياً ومن صلب وظيفتها، إلا أن حماس من جانبها تفتح مفاوضات خاصة بها مع إسرائيل، ورغم أن هذه المفاوضات تتم بواسطة طرف ثالث أو حتى عدة أطراف إلا أنها في المضمون مباشرة تماماً، وليس الأمر فقط مع إسرائيل وإنما كذلك مع دول عربية وأجنبية ومع الأمم المتحدة، هذا في العلن ولا أعرف ما إذا كان هنالك مفاوضات سرية مع جهات أخرى".

وتابع: "على كل حال رغم أن أحدا ًلا يجرؤ على إعلان الانفصال إلا أنه في الواقع صار حقيقة ملموسة، فينبغي علينا إلغاء مصطلح المصالحة، واستبداله بمصطلح إعادة التوحيد".

وفيما يتعلق بالوضع الخارجي وتأثيره على القضية الفلسطينية، قال عمرو: "نحن نقع في خطأ منهجي، فلو فصلنا وضعنا الداخلي عن التطورات الخارجية، وحين يسوء وضعنا الداخلي إلى هذا الحد فهذا بمثابة عامل تشجيع للآخرين، والعديد من الأشقاء لإدارة الظهر لنا والتردد في تقديم مبادرات لمصلحتنا، فقد سمعناها أكثر من مرة من عرب وغير عرب، رتبوا أوضاعكم ثم تحدثوا معنا".

وشدد عمرو على أن هناك بعض الإيجابيات على الصعيد الخارجي، وخاصة على صعيد الأمم المتحدة "الجمعية العامة"، وعلى أهميتها إلا أنها قليلة التأثير في الواقع القائم على الأرض هنا، يقابل ذلك اختراقات إسرائيلية مقلقة في المجال الذي كان مغلقاً لصالحنا، ومن ضمن ذلك العلاقات الإسرائيلية المستجدة والمتنامية مع العديد من الدول العربية، وهذا تطور سلبي يضر بنا كثيراً وبمطالبنا العادلة ولو بحدها الأدنى".

وتابع: "يحضرني هنا رهاننا على المبادرة العربية للسلام، التي ربطت العلاقات المستقبلية بين الدول العربية وإسرائيل بالتطورات الإيجابية المقنعة بشأن القضية الفلسطينية، بمعنى إن انتهى الاحتلال، وقامت دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في العالم 67 بما فيها القدس الشرقية، وتم التوصل إلى حل لقضية اللاجئين وفق القرارات الدولية ذات الصلة، فإن العرب والمسلمين كذلك جاهزون ليس فقط للاعتراف بإسرائيل بل بالتطبيع معها وفتح السفارات والملحقيات فيها، هذه المعادلة بكل أسف لم تعد قائمة الآن".

وأضاف عمرو: فـ "العلاقات الزاحفة السرية والعلنية مع الدول العربية، تجري بوتيرة متسارعة بينما يتشدد الإسرائيليون أكثر تجاه الفلسطينيين، ويدعمهم الأمريكيون الذين يطبقون (صفقة القرن) على الأرض قبل إعلانها الرسمي".

وأكد أن التحرك الفلسطيني لمواجهة ذلك بطيء ومتواضع الجدوى، ولا يتناسب مع حجم التحدي الأمريكي والإسرائيلي والمتواطئين معهما، مشيراً إلى "أننا غالباً ما نعتمد على التصريحات الرسمية ذات الطابع الإعلامي التي تقول: إن القضية الفلسطينية ما تزال تحتل الأولوية عند الدول العربية بدليل ما نصّت عليه قرارات القمم، غير أن هذا الذي يقال يختلف كثيراً عما يجري في الواقع على صعيد تطور العلاقات مع إسرائيل دون ربطها بالحقوق الفلسطينية".

وحول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل تدهور الوضع الداخلي، والتحديات الخارجية، قال عمرو: إن "المشروع الوطني الفلسطيني، يتعرض الآن لانتكاسات متتالية، والقضية الفلسطينية تفقد أولويتها القديمة، حين كانت قولاً وفعلاً القضية المركزية، ذلك بعد أن نشأت قضايا موازية أو منافسة، وتحظى بأولوية عنها بحكم أنها اكثر سخونة خصوصاً في زمن الانهيارات التي أتى بها الربيع العربي".

واستدرك: "غير أن وجود عشرة ملايين فلسطيني على أرض الوطن وفي الشتات، وكلهم بلا دولة وبلا هوية سياسية محسومة وبلا حقوق كسائر البشر، كل هذا يجعل القضية قائمة، حتى لو أجمع العالم كله على تصفيتها، أما الحركة الوطنية فهي لا تموت بالانتكاسات، فهي عرضة لأن تضعف، وأن تتراجع بفعل تطورات داخلية وخارجية كثيرة، إلا أنها تظل موجودة وقابلة للنهوض ليس بضغطة زر، وإنما بتراكم موضوعي لشعور الملايين بالقهر والظلم وولادة أجيال يعتنقون حقوقهم المشروعة دون تفريط بها، ليس من قبيل التشجيع، فهو في حقيقة الأمر قانون الحياة".

التعليقات