دعاة الفضائيات

دعاة الفضائيات
بقلم: عبد الله عيسى  رئيس التحرير

انتشرت ظاهرة الدعاة على شاشات الفضائيات العربية، ومع انتشار ظاهرة الدعاة، تزايدت أخطاؤهم، والإصرار على أخطائهم وعدم تعاملهم بتواضع وتصحيح أخطائهم، فقبل سنوات تحدث الداعية الإسلامي، عمرو خالد على شاشة فضائية (اقرأ)، وسأله أحد المشاهدين عن أول من بنى المسجد الأقصى، وبدون أي تردد قال الداعية عمرو خالد: إنه الملك داود، وبعد يوم أو يومين خرجت الصحف الإسرائيلية بعنوان عريض تقول: إن داعية إسلامياً شهيراً يؤكد أن أول من بنى المسجد الأقصى، هو الملك داود أي أن اليهود هم من بنوا المسجد الأقصى، ولم يتراجع عمرو خالد، ولم يُصحح الخطأ، لأن الحقيقة التاريخية تقول: إن أول من بنى المسجد الأقصى، هو نبي الله إبراهيم الخليل، وكان قد بنى المسجد الأقصى بعد 40 عاماً من بنائه المسجد الحرام.

 ولم يحرك الدعاة الآخرون أي ساكن أو اعتراض على المعلومات الخاطئة التي تحدث عنها عمرو خالد، وبقيت القصة على حالها حتى حدثت ثورة 25 يناير في مصر، عندما اصطف عمرو خالد ضد الاخوان المسلمين، فانفتح دعاة الإخوان المسلمين في تعرية خالد أي لحسابات سياسية، إضافة إلى قيامه بتمثيل دعاية تجارية لدواجن سعودية مقابل 200 ألف جنيه بالرغم من أنه يمتلك الملايين، وقد قال في الإعلان بأن أكل دجاج الوطنية يدخلك الجنة، إضافة إلى دعائه الشهير أمام الكعبة في موسم الحج، اللهم اغفر لمن يعملون (لايك) لصفحتي على (فيسبوك) ومن لم يعمل (لايك) لصفحته هل سيذهب للجحيم؟ إنها بصراحة مهزلة المهازل أن تصدر عن داعية إسلامي فقد سوقه ورواجه لدى الفضائيات والناس، واكتفى برواجه بين الدواجن السعودية، إضافة إلى عرضه إعلانات لشركات عطور، خاصة عبد الصمد القرشي، فماذا ترك عمرو خالد للفنانين الهواة؟ أم أن انتقادنا لعمرو خالد يدخلنا الجحيم باعتبار أن من يدخلون الجنة من يأكلون الدواجن السعودية، وأي تلاعب بالدين بمثل هذا المستوى.

وأما الداعية الثاني فهو الشيخ عمر عبد الكافي الذي تحدث في برنامج على فضائية الشارقة، عن حادثة مقتل كليب في الجاهلية شقيق الزير سالم، وكيف أن جساس انفعل غضباً وهو يجلس بجانب كليب، فتناول السيف وقتله، وهذه القصة ليس لها أساس من الصحة، حيث إن القصة الحقيقية أن جساس لحق بكليب في وادي الصرار، وأطلق من يده رمحاً لمسافة بعيدة، وأصاب كليب في ظهره، مما أدى إلى مقتله، حيث إن جساس لم يكن بالفارس الذي يستطيع الصمود أمام كليب. 

والحادثة الثانية التي تحدث عنها عمر عبد الكافي، هي أن من بنى المسجد الأقصى الملك سليمان، ولا أعلم لماذا يصر دعاة الفضائيات على أن من بنى المسجد الأقصى هو الملك داود أو الملك سليمان، وأن الباني هو يهودي.

وعندما احتل الأمريكان العراق، خرج عمرو خالد علينا ببدعة بأنه يدعو فيها شباب المسلمين إلى صلاة الفجر والدعاء للعراق، وهذا سقف الجهاد لدى دعاة الفضائيات، ولا يكفي هذا بل منح اليهود صكاً بأنهم من بنوا المسجد الأقصى.

ونجد أن كل دروس الدعاة على شاشات الفضائيات إما تحويل الدرس الديني إلى مجموعة نكت، فقد استمعت لدروس للشيخ عمرو عبد الكافي، وهو عبارة عن درس كامل لمجموعة نكات وصوت الجمهور يتعالى بالضحكات، ويسرد نكات وبعضها غير صحيح تاريخياً.

ولقد تحولت معظم الدروس الدينية على معظم شاشات الفضائيات الخليجية للحديث عن التيمم، وعن لباس المرأة، واعتبر الشيخ عمر عبد الكافي، وعمرو خالد وغيرهم، عدم ارتدائها للحجاب من الكبائر، بينما احتلال المسجد الأقصى، والتنكيل بالشعب الفلسطيني قضية ثانوية، وقد اختزل الشيخ عمر عبد الكافي قضايا المواطن الإسلامي، في أنها مشكلة مع مدير مدرسة أو مدير شركة، ولا يأتي على ذكر الحكام والحكومات.

التعليقات