الأورومتوسطي: 2018 عام خذلان أوروبا للمهاجرين والغرقى في البحر المتوسط

الأورومتوسطي: 2018 عام خذلان أوروبا للمهاجرين والغرقى في البحر المتوسط
رام الله - دنيا الوطن
وصف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عام 2018 بأنه عام خذلان أوروبا للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين سلكوا طريق البحر المتوسط للوصول إلى الدول الأوروبية، حيث تعرقلت جهود الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط بشكل غير مسبوق وانخفضت أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء بفعل مجموعة من الاتفاقات المجحفة التي قام بها الاتحاد الأوروبي مع الدول التي كان ينطلق منها المهاجرون، فيما بقيت أعداد الغرقى إلى مجموع الواصلين عند ذات المستوى للعام 2017، مسجلة 2262 غريقاً ومفقوداً على مدار العام 2018، أي بنسبة 1.9% غريقاً من مجموع الواصلين في ذات العام والبالغ عددهم 116,295 شخصاً.

ولفت الأورومتوسطي إلى أن نجاح الاتحاد الأوروبي في تخفيض أعداد الواصلين إلى أوروبا بنسبة 34% في هذا العام مقارنة بالعام الماضي، أي بانخفاض قدره 56 ألفا في هذا العام مقارنة بالذي سبقه، و 246 ألفاً مقارنةً بالعام 2016، إنما جاء نتيجة جهد لا إنساني بذله الاتحاد. مشيراً في هذا الصدد إلى تقليص عمليات الإنقاذ الرسمية في البحر المتوسط إلى أبعد مدى ممكن، ونقل مهمة الإنقاذ إلى خفر السواحل الليبي الذي يعاني من نقص كبير على المستوي الفني والمعدات، فضلاً عن إعادة المهاجرين وطالبي اللجوء إلى ليبيا التي تشهد انتهاكات مروعة بحقهم.

وقالت سارة بريتشيت، المتحدثة باسم الأورومتوسطي: "إنه عار يمارسه الاتحاد الأوروبي دون اكتراث. نحن لم نشهد فقط اتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والدول التي ينطلق منها المهاجرون واللاجئون من ذلك، ولا حتى تقاعساً فقط في عمليات الإنقاذ، بل شهدنا كذلك تجريماً وملاحقة ومنعاً لعمليات الإنقاذ الأخرى التي تقوم بها سفن تجارية وعسكرية أو منظمات غير حكومية أو السفن التي تتبع لقوات بحرية أجنبية، وهذه كانت في السابق تقوم بما يزيد على 40% من مجمل عمليات الإنقاذ في البحر. إنها أزمة قيم تعاني منها بعض الدول الأوروبية التي لا تفكر اليوم إلا بإبعاد المهاجرين عن أراضيها بأي طريقة، حتى لو أدى ذلك إلى إزهاق للأرواح أو انتهاك لحقوق الإنسان".

وأكد الأورومتوسطي على أن الإجراءات التي يمارسها الاتحاد الأوروبي لم تقلل من أعداد الساعين إلى الهجرة أو اللجوء إلى أوروبا في ظل عدم توقف الأسباب الدافعة للجوئهم وهجرتهم، وهو ما جعلهم يبحثون عن طرق أخرى للوصول إلى أوروبا، كسلوك طريق البحر المتوسط تجاه إسبانيا بديلاً عن إيطاليا واليونان، أو سلوك طريق البر عبر الطرق من تركيا إلى اليونان ومن منطقتي سبتة ومليلة في المغرب.

وعرض الأورومتوسطي مقارنة بين أعداد الواصلين إلى منافذ أوروبية الرئيسية عبر البحر خلال الأعوام الثلاثة الماضية وفقاً للأرقام التي توفرها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وأظهرت المقارنة انخفاض أعداد اللاجئين الواصلين إلى اليونان في العامين الماضيين بشكل كبير مقارنة بالعام 2016، وذلك إثر الاتفاق الأوروبي التركي الذي وقع في ذلك العام. أما في إيطاليا فانخفضت أعداد الواصلين فقط في العام الأخير، وذلك إثر الاتفاق مع خفر السواحل الليبي لكي يقوم هو بعمليات الإنقاذ ورفض السلطات الإيطالية استقبال المهاجرين وطالبي اللجوء الذين تم إنقاذهم. فيما ارتفعت نسبة الواصلين إلى إسبانيا هذا العام إلى قرابة الضعفين مقارنة بالعام السابق. وارتفعت حركة الهجرة من سواحل لبنان باتجاه شواطئ قبرص، حيث كانت غالبيتها عبر قوارب صيد غير مؤهلة تعرّض حياة المهاجرين للخطر.



أما فيما يخص طريق البر، فقال الأورومتوسطي إن أرقام المنظمة الدولية للهجرة أظهرت ازدياد حركة الهجرة عبر البر بنسبة 78% هذا العام، حيث بلغ عدد الواصلين إلى أوروبا براً 25,665 شخصاً، مقابل 14406 شخصاً عام 2017. فيما ارتفع عدد الوفيات بين المهاجرين واللاجئين براً إلى 108 وفاة مقابل 96 عام 2017، ذهب غالبيتهم ضحايا حوادث طرق بسبب تكدّس اللاجئين في شاحنات النقل أو بسبب الغرق في الأنهار وقنوات المياه خلال رحلتهم من شرق أوروبا إلى غربها.

ورأت بريتشيت أن نجاح دول الاتحاد الأوروبي بخفض أعداد المهاجرين إنما جاء على حساب انتهاك روح اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، حيث منعت أوروبا اللاجئين الهاربين من ويلات الحروب في دول الشرق الأوسط وأفريقيا من الوصول إلى أراضيها. فيما إن إيطاليا انتهكت نصوص الاتفاقية عبر إعادة 108 مهاجرين من المياه الإقليمية إلى ليبيا عبر قارب إيطالي، وهو ما يمثل خرقاً للمادة 33 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين والتي تنص على أنه "لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية".

وأكدت بريتشيت على واجب السفن بحماية وإنقاذ المهاجرين واللاجئين في عرض البحر من الغرق، وذلك وفق ما نصت عليه الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر (SOLAS)، والتي أكد الفصل الخامس منها على واجب البحّارة على إنقاذ أولئك الذين يكونون في خطر في عرض البحر.
وذكر المرصد الحقوقي الدولي أن السلطات الإيطالية ودول أوروبية عرقلت عمل سفينة الإنقاذ "أكواريوس" الأخيرة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، حيث كان عمل جميع سفن الإنقاذ الأخرى في موانئ إيطاليا ومالطا قد حُظر وقيّد بإجراءات قانونية معقدة أو تعرض للاحتجاز، فيما توقفت السفن التجارية عن الإنقاذ إثر الخسائر المالية الكبيرة التي تكبدتها إثر تأخر السماح لها بإنزال المهاجرين واللاجئين الذين تكون قد قامت بإنقاذهم.

ورصد الأورومتوسطي عدة حوادث جرى فيها احتجاز سفن غير حكومية قامت بإنقاذ اللاجئين والمهاجرين في البحر، وتعرض فريقها أو العاملين في المنظمات التي تتبع لها لتحقيق طويل وإجراءات قضائية، ومن ذلك منع السلطات المالطية سفينتي إنقاذ تتبعان منظمات ألمانية غير حكومية ("سي-ووتش" و "لايف لاين") من مغادرة مرفأ جزيرة فاليتا، إضافة إلى طائرة استطلاع مدنية، وإجراء إيطاليا تحقيقيات مع 20 موظفاً يعملون في منظمات "أنقذوا الأطفال" و "أطباء بلا حدود" ومجموعة "يوغيند ريتيت" الألمانية