الربيع الإسرائيلي

الربيع الإسرائيلي
بقلم: عبد الله عيسى  
رئيس التحرير

بقيت الدول العربية لسنوات طويلة لا تقترب من إقامة علاقات مع إسرائيل، سواء سرية أو علانية خاصة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يقف بالمرصاد لأي علاقات أو تقارب عربي مع إسرائيل، ولم تجرؤ أي دول عربية على إقامة علاقات مع دولة إسرائيل، سواء سرية أو علانية، حتى إن دولاً افريقية قاطعت إسرائيل لهذا السبب.

وكان لجمال عبد الناصر نفوذ كبير في أفريقيا، وفي حرب أكتوبر سنة 1973 تجلى التضامن العربي في أروع صوره، خاصة بقرار حظر النفط عن أمريكا وأوروبا والدول التي تساند إسرائيل، وقد قاد هذه الحملة التضامنية مع مصر وسورية، الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية، وخلال حرب أكتوبر، جاء هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا بزيارة للسعودية، وكان في استقباله الملك فيصل، وأراد هنري كيسنجر، أن يمازح الملك فيصل فقال: إن طائراتي جاثمة في المطار، وبحاجة إلى التزود بالوقود، وهل يمكن أن تزود طائرتي، التي استقلها بالوقود، وسأدفع لكم قيمة الوقود بالدولار، فقال له الملك فيصل، إنني قد كبرت في السن وكل أمنيتي في هذه الحياة أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى، فهل يمكن لك أن تحقق لي هذه الأمنية، فصدم وزير خارجية أمريكا من رد الملك فيصل، وصمت .. ولم يكتفِ الملك فيصل بهذا، بل استقبل هنري كيسنجر في خيمة على أطراف الصحراء وكان بالقرب من الخيمة بعض الأغنام، وأراد أن يفهم كيسنجر أننا في السعودية ودول الخليج، يمكننا الاستغناء عن النفط والدولار، وأن نعود للخيمة والاغنام مقابل تحرير المسجد الأقصى، وبعد حرب أكتوبر 73 قام الملك فيصل بزيارة إلى دولة أفريقية، وكانت المفاجأة أن سكان هذا البلد، خرجوا للشوارع لاستقبال الملك فيصل.. لكنهم خرجوا وهم يرتدون ملابس الإحرام، كأن الملك فيصل أحد القديسين يزور بلدهم.

هذه النظرة الإفريقية والعربية لإقامة علاقات مع إسرائيل تغيرت بعد حرب 73، خاصة بعد أن قام الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، حيث خرجت أصوات عربية وأفريقية تقول لماذا لا نقيم علاقات مع إسرائيل، بما أن مصر أكبر دولة عربية أقامت علاقات مع إسرائيل، وأصبحت بعض الدول العربية تسعى جاهدة لسد الطريق على إقامة علاقات دبلوماسية بين الدول العربية وإسرائيل، وكذلك الأفريقية، وبقيت دول الخليج تحديداً ترفض إقامة أي علاقات مع إسرائيل، ولكن مؤخراً تغيرت الأمور واتجهت إلى الدول العربية في معظمها سراً وعلناً لإقامة علاقات مع إسرائيل، غير أن نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لم يكن متشجعاً لهذه العلاقات لأنه لا يريد علاقات سرية، ويريد علاقات علانية مع إسرائيل تعطيها الشرعية، هذا ما حصل خلال زيارات نتنياهو إلى سلطنة عمان والبحرين.

إضافة إلى زيارات مسؤولين ووزراء إسرائيليين وفرق رياضية إلى الإمارات وقطر، وتبينت معادلة إقامة العلاقات مع إسرائيل بأنها بعيدة كل البعد عن قضية القدس وفلسطين، فالدول التي سارعت لإقامة علاقات مع إسرائيل هي تهدف إلى حماية أنفسهم من خطر مزعوم قادم من إيران، أي لحماية الأنظمة العربية نفسها، غير أن إسرائيل غير مستعدة على الإطلاق للدخول في حرب مع إيران لحماية دول الخليج. 

حتى إن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، قال ذات مرة لماذا نتنياهو لا يخوض حرباً ضد ايران، ونتنياهو أجبن من أن يخوض هذه الحرب، لكنه يحث أمريكا لخوض حرب مع إيران، حتى إن الرئيس الأمريكي الحالي ترامب، حذر دول الخليج من مغبة مهاجمة إيران، وأبلغهم أن أمريكا لن تخوض حرباً ضد إيران إلا إذا بدأت إيران الحرب ضد دول الخليج. 

حتى إن الرئيس السوداني عمر البشير، تلقى نصيحة مؤخراً من إحدى الدول العربية أن إقامة السودان علاقات مع إسرائيل كفيل بحل أزماتها.

التعليقات