الأورومتوسطي يطالب سويسرا بتحسين سياساتها تجاه الأطفال غير المصحوبين من طالبي اللجوء

رام الله - دنيا الوطن
أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم تقريرا مفصلاً تناول سياسات سويسرا اتجاه الأطفال غير المصحوبين بذويهم والذين وصلوا إلى أراضيها على مدار الأعوام الخمسة الماضية مع تصاعد أزمة اللجوء والهجرة إلى أوروبا، مشيراً إلى أن وضع الأطفال غير المصحوبين في سويسرا -الحاضنة لكبرى منظمات حقوق الإنسان بما فيهم الأمم المتحدة- يضعها في اختبارٍ صعب.

وخلص التقرير -الذي جاء ضمن مشاركة الأورومتوسطي في حملة "#مع_اللاجئين"- إلى ضرورة أن تقوم الحكومة السويسرية بتحسين سياساتها وتعديل قوانينها ومعالجة الثغرات والصعوبات التي يواجهها هؤلاء الأطفال بما يتوافق مع اتفاقية حقوق الطفل والمبادئ الدولية في التعامل مع اللاجئين وطالبي اللجوء.

وأوضح المرصد الحقوقي الدولي -مقره جنيف- في تقريره الذي حمل عنوان "بمفردهم تماماً" أن الأطفال اللاجئين غير المصحوبين القادمين من الشرق الأوسط إلى سويسرا بلغ في العام 2017 لوحده ما مجموعه 733 طفلاً، ورغم هذا العدد المنخفض مقارنة بمجموع 31 ألف طفل غير مصحوب وصل أوروبا ذات العام، إلا أن سويسرا عالجت طلبات اللجوء الخاصة بهم بطريقة متفاوتة بين الكانتونات المختلفة (البلديات) وبطريقة مربكة، كما تعرضوا لظروف استقبال قاسية في بعض الأحيان، فيما لا يزال النظام القانوني السويسري يحرمهم من حق لم شملهم بعائلاتهم. 

ويسلط التقرير الضوء على الحماية القانونية التي تقدمها سويسرا للأطفال غير المصحوبين والحقوق الممنوحة لهم من حيث التعليم والصحة ولم الشمل، ويقارنها مع المعايير القانونية العالمية والأوروبية كلوائح دبلن. ويخلص إلى أنه وبالرغم من أن الأنظمة القانونية السويسرية تتطابق بشكل كبير مع المعايير المنصوص عليها في لوائح دبلن واتفاقية حقوق الطفل من ناحية، إلا أنها تنتهك بعض القواعد ولا سيما في التطبيق العملي.

وأشار الأورومتوسطي في تقريره إلى أن سويسرا لا تُعد وجهة مفضلة للاجئين بالعموم، وذلك بسبب إجراءات اللجوء المطّولة التي تنتهجها الحكومة السويسرية، والمتمثلة بالبيروقراطية المعقّدة، بالإضافة إلى تعقيد ظروف إيواء طالبي اللجوء وإدارة شؤونهم، والقيود التي يتم فرضها على حاملي بعض أنواع الإقامات الإنسانية كأصحاب الحمايات المؤقتة. لافتاً إلى أن عدد طالبي اللجوء في سويسرا عام 2017 بلغ حوالي 18 ألف طالب لجوء، أي ما يعادل 2.4% فقط من إجمالي عدد طالبي اللجوء الذين وصلوا القارة الأوروبية في ذلك العام، فيما بلغت نسبة الذين رفضت طلبت لجوئهم في سويسرا في ذات العام 23.3% من مجموع الطلبات المقدمة في سويسرا.

وقالت غادة الريان، الباحثة الميدانية في المرصد الأورومتوسطي، إن الإشكال الذي يواجهه الاطفال غير المصحوبين يبدأ في بعض الأحيان منذ لحظة وصولهم إلى الحدود، خصوصاً إذا كانوا لا يملكون وثيقة سفر سارية تمكنهم من الدخول إلى سويسرا، حيث تمتنع السلطات السويسرية في العديد من الحالات عن استقبالهم، فضلاً عن تعريضهم للمعاملة اللاإنسانية في بعض الأحيان، كما حصل على الحدود مع إيطاليا حيث جري تفتيش الأطفال من قبل حرس الحدود السويسري وهم عراة أمام الكبار، وأُجبروا أحياناً على الرجوع من حيث أتوا رغم الخطر المحدق بهم، وهو -بحسب الريان- "ما يخالف مبدأ عدم الطرد (non-refoulment) والذي يعد من القانون الدولي العرفي ويدفع الأطفال إلى اللجوء إلى تجار البشر ويعرضهم للابتزاز والاستغلال الجنسي والجسدي، أو يؤدى إلى بقائهم قرب الحدود دون حماية أو صفة قانونية".

وتبرر الحكومة السويسرية الإجراءات بحق الأطفال على الحدود بأنها تستهدف فقط أولئك الذين لا يمتلكون أوراقاً صالحة أو من لا يوجد مصداقية بادعائهم تقديم طلب اللجوء في سويسرا. غير أن الريان تشدد على أن "تقييم نوايا طالبي اللجوء لا يجب أن يكون من اختصاص حرس الحدود، بل يجب أن يتم السماح لهم بالدخول وتقديم طلبهم ودراسته من قبل الأمانة العامة للهجرة، كلٌ على حدة، وفقاً لمبدأ عدم الطرد". 

ولفت التقرير إلى أن المساعدة المادية التي تقدمها السلطات لطالبي اللجوء والأجانب المقبولين بصفة مؤقتة هي أقل من المساعدة الاجتماعية العادية التي تقدَّم للمواطنين السويسريين أو المقيمين الدائمين أو اللاجئين السياسيين، وبالكاد تفي بمتطلبات الطعام، حيث تتراوح المساعدة بين 350 و 450 دولاراً شهرياً للأطفال الذين يعيشون بمراكز سكن مع بالغين، فيما يحدد موقع "NUMBEO" (وهو موقع مختص بتوفير معلومات دقيقة حول تكاليف المعيشة في دول العالم) بأن الشخص الواحد في سويسرا يحتاج إلى حوالي 664 دولاراً شهرياً من أجل الطعام فقط.

وجمع التقارير شهادات لأطفال غير مصحوبين تحدثوا فيها عن إشكالات واجهتهم في ظل نظام اللجوء المعقد في سويسرا والذي أدى إلى حرمانهم بشكل شديد من بعض حقوقهم.

"سلمى" (20 عاماً)، فلسطينية سورية قالت في شهادتها لفريق الأورومتوسطي إنها قدمت إلى سويسرا بعمر ال16 عاماً، وهي لا تحمل أية جنسية. وتضيف: "هنا لا يحق لي استكمال دراسة الثانوية وبالتالي لا يحق لي دخول الجامعة، فاتجهت مرغمةً إلى أحد برامج التدريب المهني التي يقدمها الكانتون، غير أنني قررت أن أترك التدريب وقمت بتقوية لغتي الألمانية عن الطريق الدراسة عبر الانترنت، وثم عكفت على دراسة المواد الدراسية لمرحلة الثانوية العامة السويسرية". وتواصل: "حاولت بشتى الطرق أن انضم إلى الصفوف النظامية في المدارس الثانوية السويسرية أو حتى أن احضر كمستمع، ولكن لم يسمح الكانتون لي بذلك، واحتجت سنتين في دراسة المواد في المنزل حتى تمكنت من التقدم إلى امتحان الثانوية العامة، ونجحت فيه بجدارة". 

وبحسب الأورومتوسطي، فإن حالة "سلمى" واجهت العديد من طالبي اللجوء القصر، حيث تحرم القوانين السويسرية طالب اللجوء القاصر من حقه في الذهاب إلى المدرسة إذا كان قد تجاوز عمره مرحلة التعليم الإلزامي (16 عاما)، وهو ما يجعل هؤلاء الذين يصلون سويسرا في هذه المرحلة العمرية في حالة ضياع بسبب عدم قدرتهم إكمال تعليمهم الثانوي، فضلا عن الجامعي. 

ولفت التقرير إلى الاختلافات الكبيرة بين الكانتونات في التعامل مع الأطفال غير المصحوبين في سويسرا، وهو الأمر الذي كانت انتقدته لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة،

التعليقات