قصة مُكالمة ترامب وأردوغان التي غيّرت مسار حرب سوريا

قصة مُكالمة ترامب وأردوغان التي غيّرت مسار حرب سوريا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب
رام الله - دنيا الوطن
قال موقع (عربي 21)، إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، فاجأ الجميع بإعلانه، أنه سيسحب قواته من سوريا، لافتةً إلى أن الحكومة التركية هرعت على إثره للاستعداد لساحة معركة متغيرة على حدودها الجنوبية.

ونقل الموقع، عن مسؤولين أمريكيين قولهم: إنه كان من المتوقع في الاتصال الهاتفي، الذي أجري قبل أسبوعين، أن يوجّه ترامب تحذيراً للرئيس التركي بشأن خطته لشن هجوم عبر الحدود، يستهدف القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا.

واستدرك الموقع: "لكن ترامب قام خلال الاتصال بإعادة صياغة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وترك ربع الأراضي السورية، وسلم أنقرة مهمة القضاء على تنظيم الدولة في سوريا".

من ناحيتها، نقلت وكالة (رويترز) للأنباء، عن مسؤول تركي قوله: "سأله ترامب: إذا سحبنا قواتنا، هل بوسعكم القضاء على تنظيم الدولة؟، فرد عليه أردوغان أن القوات التركية قادرة على إنجاز المهمة".

وأبلغه ترامب على الفور قائلاً: "إذن عليكم القيام بذلك"، فيما قال الرئيس الأمريكي لمستشاره للأمن القومي جون بولتون في الاتصال: "ابدأ العمل لسحب القوات الأمريكية من سوريا"، وفق الوكالة.

وقال مسؤولون أمريكيون، إن قرار ترامب كان صدمة في واشنطن، حيث سعى مسؤولون كبار بالإدارة الأمريكية على مدار أيام، ومنهم وزير الدفاع جيمس ماتيس لإقناع الرئيس بتغيير رأيه، وعندما أصر ترامب على موقفه، استقال ماتيس ومسؤول كبير آخر ينسق الحرب على تنظيم الدولة، هو بريت مكجورك.

وفي زيارة لقاعدة جوية أمريكية في العراق قبل أيام، قال ترامب إن قادة الجيش طلبوا مراراً تمديد عمل المهمة العسكرية الأمريكية في سوريا التي يصل قوامها إلى ألفي عسكري، موضحاً أنه رفض طلباتهم في النهاية لقناعته بأن تنظيم الدولة هُزمت إلى حد كبير".

وقال ترامب للجنود الأمريكيين: "لقد هزمناهم، لقد دار بيني وبين الرئيس أردوغان حديث طيب، وأبدى رغبته في القضاء عليهم أيضاً، وسيقوم بذلك".


فقد شكت أنقرة بشدة وعلى مدار سنوات من أن الولايات المتحدة، حليفتها في حلف شمال الأطلسي، اختارت وحدات حماية الشعب الكردية المسلحة لتكون شريكتها الرئيسية على الأرض في سوريا ضد تنظيم الدولة.

وتقول تركيا إن الوحدات جماعة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمرداً في جنوب شرق تركيا قتل فيه 40 ألف شخص.

والانسحاب الأمريكي، سيترك على الأرجح الجيش التركي حراً في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية، وإبعادها عن الحدود الممتدة لمسافة 500 كيلومتر، دون أن يواجه مخاطر مواجهة مع القوات الأمريكية، ويزيل الانسحاب كذلك سبباً رئيسياً في الأزمة الدبلوماسية، التي نشبت العام الجاري بين البلدين.

لكنه يفتح أيضاً مساحة سورية أكبر كثيراً، مما توقعت تركيا أن تشغلها ويضعها؛ ليس فقط في وجه القوات الكردية، بل أيضاً في وجه الحكومة السورية، التي تعهدت هي وداعموها الإيرانيون والروس باسترداد كل الأراضي السورية.

وقال الجيش السوري: إنه نشر قواته في منبج بشمال سوريا يوم الجمعة، بعد أن حثت وحدات حماية الشعب الكردية دمشق على حماية المدينة، حيث توجد قوات أمريكية، من خطر الهجمات التركية.

وإذا رغبت القوات التركية في الهجوم على تنظيم الدولة في آخر جيب لها بالأراضي السورية قرب الحدود العراقية فإنها ستحتاج أولاً لعبور 250 كيلومتراً من الأرض الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد.

وقال سونر جاجايتاي مدير البرنامج التركي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "حصل أردوغان على أكثر مما تفاوض عليه، لقد طلب من الولايات المتحدة التخلي عن وحدات حماية الشعب الكردية، وليس الانسحاب من سوريا".

وظل أردوغان يدعم المعارضة السورية لسنوات في مسعاها للإطاحة ببشار الأسد، لكن الرئيس السوري رسخ وجوده بدعم من طهران وموسكو، حتى رغم بقاء المناطق الشمالية والشرقية، بما فيها حقول النفط السورية، بعيدة عن سيطرته حتى الآن.

وفي إطار تقييمها للتحدي الجديد، تخوض تركيا محادثات مكثفة مع واشنطن وموسكو، وتنتظر تركيا زيارة مسؤولين عسكريين أمريكيين للبلاد خلال أيام منهم بولتون، وربما أيضا المبعوث الأمريكي لسوريا جيمس جيفري.

وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان: إن رئيس المخابرات ووزيري الدفاع والخارجية سيزورون موسكو يوم السبت.

وقال مسؤول أمني تركي: "ستكون صعبة بالطبع، المسألة برمتها تحتاج لإعادة تخطيط من البداية".

وتسعى واشنطن أيضاً لحل مسألة الأسلحة التي قدمتها لوحدات حماية الشعب، وتعهدت باستعادتها بعد انتهاء الحملة ضد تنظيم الدولة.

وتقول تركيا: إنه ينبغي جمع الأسلحة حتى لا تستخدم ضد قواتها لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم لا يمكنهم نزع أسلحة حلفائهم، ما دامت الحرب لم تنته بعد.

وأعلن أردوغان في الأسبوع الماضي، أن بلاده ستؤجل عمليتها العسكرية المزمعة ضد وحدات حماية الشعب الكردية في ضوء قرار ترامب.

وشن الجيش التركي من قبل عمليتين عسكريتين في شمال سوريا مدعوماً بمسلحين من المعارضة السورية، يؤيدون أنقرة. ففي عام 2016، استهدف الجيش التركي تنظيم الدولة، ومقاتلين أكراداً، وطرد في وقت سابق من العام الجاري المقاتلين الأكراد من منطقة عفرين.

وقال جاجايتاي: إن أنقرة والمعارضة السورية المسلحة لن يتمكنا بمفردهما من السيطرة على كل المنطقة التي ستتركها الولايات المتحدة، وستكون أولوية تركيا تأمين حدودها الجنوبية على الأرجح.

وذكر المسؤول الأمني: "إبعاد وحدات حماية الشعب عن الحدود واستئصال هذه العناصر لهما أهمية بالغة".

كما شدد على الحاجة لتنسيق كبير بشأن من سيتولى ملء الفراغ في مناطق أخرى، ستغادرها القوات الأمريكية، محذراً من احتمال ظهور مشكلات في المستقبل، إن لم يتم التوصل لاتفاق.

التعليقات