تَغَيّرُ مفهوم المواجهة

تَغَيّرُ مفهوم المواجهة
بقلم عبدالله عيسى 
رئيس التحرير

بعد زيارة السادات للقدس، بدأ تَغَيّرُ كبير على مفهوم دول المواجهة العربية مع إسرائيل، حيث انكمشت الدول العربية وتراجعت، ولم تعد تُفكر عملياً في شن حرب على إسرائيل، وتحرير الأراضي العربية.

حتى إنه في أحد المؤتمرات العربية، تحدث الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مخاطباً الزعماء العرب، وقال: لقد صدّعتُم رؤوسنا بموضوع فلسطين وإسرائيل، وأمسك بورقة وقلم وقال: هاتوا نحسب كم يملك العرب من سلاح، وكم تملك إسرائيل.. وبدأ يكتب، الدولة الفلانية، تملك كذا طائرة وكذا دبابة وكذا جندي، فأحصى عشرات الآلاف، مما تمتلكه الدول العربية من طائرات ودبابات وجنود، فاستوقفه الرئيس السوري بشار الأسد على رسلك.

 إن موضوع الحرب على إسرائيل ليس مطروحاً، ورغم أن الدول العربية عملياً توقفت عن التحضير لحرب التحرير الموعودة، فإن الدول العربية جميعها دون استثناء لم تتوقف عن سباق التسلح، لأن كل دولة عربية، اكتشفت أن لديها عدواً آخر غير إسرائيل، واحتاجت أن تكون دائماً في حالة من الجاهزية العسكرية. وذات مرة أعلن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قبل حرب الخليج أنه سيحرق نصف إسرائيل بالكيماوي.

 وقد أثار هذا الخطاب الصادر عن صدام حسين تنديداً شديداً حول العالم، وقبله بسنوات، وبعد حرب أكتوبر 1973 قال السادات: إن إسرائيل لديها سلاح نووي وكيماوي، ونحن كعرب قادرون بأسلحتنا التقليدية، أن نبيد نصف إسرائيل.

 واستغلت إسرائيل عالمياً هذه التصريحات، ولعبت دور المغلوب على أمره، الذي يعيش تحت تهديد دول عربية، تسعى لإبادته وقبل ذلك أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أن مصر ستقوم بإلقاء إسرائيل في البحر، وقال (تجوع يا سمك البحر) وأفاق العرب من هذا التهديد الذي اطلقه جمال عبد الناصر، على احتلال إسرائيل لسيناء، والضفة الغربية، وقطاع غزة، والجولان.

وبعد حرب 1973 أطلق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد فكرة إقامة توازن استراتيجي مقابل إسرائيل، واشترى الآلاف من الدبابات، والطائرات من الاتحاد السوفييتي، ولكنه اكتشف أن هذا السعي الذي قام به ليس ناجحاً، حيث إن التفوق التكنولوجي الإسرائيلي والأمريكي، كان كاسحاً، فاتجه إلى بناء منظومة دفاعية صاروخية، قادرة على الوصول إلى أي هدف في إسرائيل. 

واتجهت معظم الدول العربية لهذا الاتجاه، ولا سيما العراق وإيران لاحقاً، وقام العرب بشراء صواريخ (سكاد) من الاتحاد السوفييتي، ومن كوريا الشمالية، وقامت بعض الدول العربية بتطوير بعض صواريخ (سكاد) من حيث المدى.. ووصل مدى هذه الصواريخ إلى ألف كيلومتر.. واتجهت كل من سوريا وإيران إلى إيجاد دولة مواجهة على طول الخط (خط الحدود مع إسرائيل) مثل حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة. 

وبدأت الحرب تلو الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان وحماس وإسرائيل في قطاع غزة، واستطاع كل من حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، أن يلحقوا أفدح الأضرار بإسرائيل، وأصبح العرب جميعاً، إما متفرجين على الحروب الدائرة، وإما مطبعين.

وأصبحت هذه الشوكة العربية، حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، بمثابة دول مواجهة تعتمد الصواريخ، وتحولت كل من لبنان وقطاع غزة إلى ترسانات عربية للمقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وفي حين أن إسرائيل دائمة التهديد لحزب الله وحماس في قطاع غزة، فإنها أصبحت عاجزة عن المساس بلبنان أو قطاع غزة، خوفاً من ردة فعل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

التعليقات