مركز دراسة الإسلام والدّيمقراطيّة ينظم ندوة بعنوان "منهج التوافق إلى أين"

مركز دراسة الإسلام والدّيمقراطيّة ينظم ندوة بعنوان "منهج التوافق إلى أين"
رام الله - دنيا الوطن
نظّم مركز دراسة الإسلام والدّيمقراطيّة بالتعاون مع المعهد العربي للدّيمقراطيّة ندوة بعنوان منهج التوافق إلى أين، يوم الأربعاء 12 ديسمبر 2018، بفضاء أرينا بضفاف البحيرة 2. حضر الندوة كلّ من السيد خالد شوكات القيادي بحركة نداء تونس، السيد عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة، الإعلامي صلاح الدّين الجورشي، الإعلامي كمال بن يونس والسيد محمد الغرياني نائب رئيس حزب المبادرة.

بعد الكلمة الترحيبيّة، أشار السيد رضوان المصمودي إلى نجاحتونس في إرساء الدّيمقراطيّة وضمان الانتقال الديمقراطي ، لتكون المنارة الأولى للحرّية والكرامة في العالم العربي حسب التصنيفات الدولية والبلد الثاني في العالم الإسلامي. وفيما يتعلق بالتحدّيات تساءل كيف يمكن المحافظة على النجاح؟ وكيف يمكن تحويل النجاح السياسي إلى نجاح اقتصادي لتحقيق آمال المجموعة الوطنيّة؟ كما شدّد على أنّ منهج التوافق هوالخيار الأفضل لتحقيق الأمن والاستقرار والاستثمار والتشغيل، مؤكّدا على أنّ سياسة التوافق لا تعني أن الأحزاب تنصهر فيما بينها. وإنّما يجب تحقيق التوازن مع القدرة على إيجاد الحلول الوسطى وحلّ الخلافات السياسيّة بالوسائل الديمقراطية. 
أ
شار السيد خالد شوكات، في البدايةإلى أنّ أمر التوافق اختُزل إعلاميّا وسياسيّا بين الحزبين وفي الشيخين. ولكن الأمر أعمق من هذا، وهو ما يتطلّب الوعي الكافي بالتاريخ الوطني. فالتوافق بالمعنى الفكري والحضاري يعود إلى جدل وحوار منذ القرنين أو أكثر. فالانقسام الذي حدث في القرن 19 كان يحمل ملامح انقسام ديني حداثي، إسلامي يساري. ولهذا يجب النظر إلى التجربة الحالية كأهّم فرصة أتيحت للعرب والمسلمين لحلّ هذا الإشكال مع تاريخ الاستبداد وإتاحة فرصة لأنظمة أكثر احتراما لوعي الإنسان وفكره. فالتجربة التونسية ليست ملكا للتونسيين ولكن انعكاسها وتأثيراتها فهي عربية إسلامية وإنسانيّة. كما أّكّد أنّ خوض هذه التجربة مرتبط بالمشروع الحضاري الوطني لأنّ الأنظمة الديمقراطية هي الأكثر قدرة على بناء مشاريع حضارية مستقيمة. وبالتالي يجب أن يكون المشروع الحضاري الوطني في سياق مشاريع خُلق بين معطى وطني ومعطى ديني.

وفي إشارة منه إلى الحركة الوطنية والإصلاحية التي ينتمي إليها "فيلتمس قادتها وزعماؤها نفس الحلّ أي المزيج بين الدين والوطن". على حدّ تعبيره. مشدّدا على أنّ الانقسام سيعطل المسار الديمقراطي وإمكانية بروز مشروع حضاري لتونس والأمّة العربية الإسلامية من وراءها. اعتبر السيد شوكات أنّ التونسيون اختاروا الديمقراطية التوافقية ما بعد الثورة سواء في القانون المنظم للسلطات في 2011 أو في دستور 2018. وبالتالي تكون الديمقراطية التوافقية ليست خيارا حزبيّا بل هو خيار دستوري وُجد في القانون الانتخابي. إنّ التوافق مقاربة شديدة الإقناع والقوة وشديدة الرومانسيّة في آن واحد. وهو دليل على قوة الأمم. وفي نفس الوقت يعدّ التوافق شديد الهشاشة. فكلّما تأزم التوافق يؤدي إلى دفع البلاد نحو المجهول والضبابية، لانعدام وضوح الرؤية. كما اعتبر السيد شوكات أنّ من معوّقات التوافق المعوق الإيديولوجي والمعوق الحزبي حيث لم يتمكّن السياسيون من صنع أحزاب قائمة على مؤسّسات ديمقراطية. 
أشاد عبد الكريم الهاروني بتجربة التوافق التي اعتبرها تونسية الصنع مؤكّدا على أنّمسار التوافق عريق في التاريخ التونسي. ولم ينتج عن التقاء الشيخين وإنما هو واقع منذ الثمانينات أي منذ دخول الحزب الواحد إلى مأزق واعتراف الزعيم الحبيب بورقيبة بضرورة التعددية السياسيّة . أيضا تجربة حركة 15 أكتوبر التي تُعدّ تجربة ديمقراطيّة قامت على التوافق وعلى ضرورة الدخول في مرحلة سياسية مضيئة. وبعد الثورة اقتنع التونسيون بضرورة تجنب التصادم لتجنب إعادة الماضي الأليم.

وفي نفس السياق، نوّه السيد الهاروني بالمكاسب التي حقّقها التوافق كتنظيم المجلس التأسيسي، صياغة الدّستور، الانتقال الديمقراطي والسعي نحو تحقيق المصالح الكبرى لتونس. غير أنّه نوّه بضرورة توسيع دائرة التوافق لعدم العودة إلى نظام الاستبداد والاقتراب من الديمقراطية وأنّ الواقع يؤدي إلى اعتبار التوافق وعدم إقصاء الطرف المخالف، في إطار عمليّة متحركة يكون الحد الأدنى فيها التجانس وعدم الإقصاء. وفي الأخير، أشار إلى أنّ أطراف التوافق وأهدافه يتحدد حسب برنامج وطني يتفق حوله السياسيون لضمان استقرار الحكومة والبرلمان واحترام المواعيد الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يبقى الخيار السياسي وطنيّا وبدون تدخل أجنبي يسعى لإيقاف الانتقال الديمقراطي وإقصاء التوافق ممّا يُهدّد السيادة الوطنية.

اعتبر السيد محمد الغرياني أنّ التوافق آلية ضرورية في مسار سياسي صعب علما وأنّ الاستبداد راسخ في اللاوعي الثقافي التونسي. كما أنّ تونس تسعى لترسيخ ديمقراطية ناشئة في محيط معقّد ومتحوّل بصفة مستمرّة.