العين والحسد والسحر

العين والحسد والسحر
د.يسر الغريسي حجازي

19.12.18

العين والحسد والسحر

 "وانه، كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادهم رهقا". (سورة الجن ، 72: 6)

ما هو السحر؟ من هم السحرة و هل يعتبر شرًا غير واقعي؟ كيف نعرف ما إذا كنا مسحورين؟ أولاً، يجب ان نعرف، ان السحر يتشابك تاريخيًا مع السياقات الثقافية والعقائدية والدينية الفقهية المتناقضة، والمعتقدات تتجاوز البعد الرابع والأرواح الطيبة و السيئة. فالسحارون يطمحون إلى الحصول على ما يريده زبائنهم، بإرادتهم الخفية وطقوسهم الغير مراية. يشمل السحر شعائر سحرية تمارس على الناس، والحيوانات، والأشياء، والأماكن. يستخدم السحرة المصطلحات السحرية والتعويذات أثناء محاولات تملك الارواح، وممارسة السحر الأسود. ان السحر الأسود يستحضر القوى و مهارات التركيز لاستدعاء قوى الشر لتسكن الشخص المسحور، لايذائه وجعله غير قادر علي ممارسة حياته اليومية. اما الشيخ المعالج، فهو يقوم باجبار قوة الشر علي الخروج من جسد المسحور والاختفاء من حياته للابد .  

في الديانات التوحيدية مثل  الإسلام والمسيحية واليهودية، يتم سرد السحر في الكتب الدينية ويعتبر انقسام في حياة الإنسان. كما ظهر السحر في القرن الخامس عشر ، وقد تم تعيينه لعبادة الشيطاين المكرسة للشر. 

كل شيء يحدث في طاقة العقل الأعلى للساحر، الذي يدير الطاقات السلبية لتوجيهها إلى بعد آخر. وهذا يتطلب الكثير من التركيز وموهبة الوساطة الروحية من خلال ظواهر التخاطر، للوصول إلى الوعي الإنساني لاستيعابه ومعالجة الشخص المسحور. كما ان مرحلة العلاج تتم مع العالم الذي يعيش فيه المريض من دون مفاهيم، بل من خلال الحدس المماثل للوعي والعاطفة. يحدد هذا الاختيار المفاهيمي امتداد التمثيلات الأخلاقية للفرد بمفهوم نسبي يشمل السبب والنتيجة، ويحدد مجموعة من التصورات الادراكية لموضوع المواهب الاستدراكية (جوزيف بانكس راين في 'الادراك الحسي الخارق’،2008).

  و تم استبدال علم التخاطر بالاستنباط النفسي في القرن التاسع عشر. كما تصنف المظاهر الخارقة و الغير عادية على النحو التالي: 

  1-المفاهيم الحسية الخارجية (الفطنة، الاستبصار ،التخاطر عن بعد) 

  2-التحريك النفسي التلقائي (على الأشياء ذات الحجم "الطبيعي والمستوي الكمي، والكائنات الحية)، 

لا يوجد شيء هناك مثبت، بسبب انه ما فيه قدرة على التاكد من وجود تلك الأجسام. ومع ذلك ، فإن التخاطر عن بعد منتقد لانه غامض و بالنسبة للعلماء، هو جزء من الشكوك العلمية. كل ما يمكننا معرفته هو أن الشخص المسحور يشعر بعدم الارتياح والاكتئاب، كأنه تلقى موجات سلبية من أشخاص سيئين من حوله. ويبدأ الشخص المتضايق في البحث عن السبب، والتذكر من هم أعدائه المحتملين الذين يريدون إيذائه بالحسد أو بعمل السحر. كما انه فعل الحسد له مفعول مغناطيسي ويمكن ان يؤثر علي الانسان ويجلب له النحسة، بسبب ان الموجات السلبية لما تدخل في الانسان يتحول الي شخص سلبي بحيث تهرب منه الناس والفرص الجيدة.

يمكن أن يحدث ذلك لعدة اسباب وفي كل مكان او مجلس، علي سبيل المثال في العمل للتخلص من المنافسين، في الأزواج للفصل بينهما وسرقة الشريك من زوجته، في الاسرة لبث الفتنة واجبار احد افراد الاسرة من الخروج من البيت و الانتقال الي مكان اخر، و في السياسة أيضا لما يكون هناك منافسة عالية يمكن أن تدفع احدي كبار المسؤولين للجوء الي اعمال شعوذة للتخلص من منافسيهم. جميع النوايا تركز على تدمير الشخص ورؤيته غير سعيد. لذلك هناك نوعان من الزبائن تتعامل بطرق السحر، أولئك الذين يدعون أنهم غير طبيعين وتم سحرهم وأولئك الذين يريدون استخدام السحر للحصول علي مبتغاهم بحجة تدمير أعدائهم ومنح الراحة لهم و للاسرة. 

هناك أيضا نوعان من السحر: السحر الأسود الذي يركز على قوى الشر والدمار، بينما السحر الأبيض يعبر عن العلاج لفك السحر وعودة الأمواج الإيجابية للاشخاص الذين تم سحرهم. فهي حسب السحرة والعقائد الفقهية، قوى خفية و خارقة يمكن أن تحدث التغيير وتوفر الرضا عن المال و الحظ و الزواج و الحب و الانتقام. كل ما نعرفه، انه كل انسان يحظي بنصيبه ويتوجه اليه حسب قدراته وذكائه، وحكمته.   

وتشير الابحاث الي الظهور العلني لطقوس السحر اليوم، في الدول التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة واتجاه ظالم للحريات الفردية. بشكل عام ، يحدث هذا في البيئات المزدحمة وفي المجتمعات العرقية حيث يكون التنافس والغيرة قويين للغاية بسبب انه الشخص الاقوي يعتبر هو الذي لديه قدر أكبر من الجرأة والتأثير على الآخرين. 

بالطبع ، ان الناس الذين ينخرطون في الطقوس السحرية يدعون بانهم قاموا بحماية انفسهم وتدمير الشر من حولهم.كما ان طقوس الساحر هي أيضا وراثية، ويمكن أن تنتقل إلى الأجيال اللاحقة. ما يجب أن يُعرف أيضًا هو أن السحر ممارسة الشر علي جميع من هم من حولنا لأنه ضد الإنسان، والتماسك الاجتماعي والنظام الكوني. وبحكم الجاذبية، كل افعالنا تنعكس علينا سواء ان كانت جيدة او سيئة، بحيث ينقلب السحر علي الساحر وتحدث له امور درامية.

 انها اساليب محفوفة بالمخاطر  نظراً إلى أن طقوس السحر يستخدم فيها اعشاب مخدرة ومهلوسة، و سامة و يمكن أن تضر بحياة الآخرين. كما ان هذه الاعمال المشعوذة تحمل لعنة على العائلات التي تمارسها. ان الدراسات المتعلقة بالسحر والاعمال الشيطانية، تمارس بسبب الغيرة الشديدة والحسد و كلها ضارة للإنسانية وسيئة بطبيعتها. كل ذلك بمثابة عكس الطبيعة البشرية وينتهي الأمر بالسحرة إلى تفكك البشر وإبادة المخربين. كما تتهم الكتب السماوية السحرة بإنكار الله والاشراك به، وتعتبر ممارسة السحر والتنجيم في جميع الأديان، بمثابة الكفر والخروج عن الدين.  

التعليقات